أصبحت مراسم إحياء الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة في الجزائر، تكاد تكون محصورة بين حملات التضامن والخطابات الرسمية المناشدة لذوي القلوب الرحيمة من أجل تقديم يد المساعدة لهم.
ويوجد 44 في المائة من بين مليوني شخص يعانون الإعاقة في الجزائر، معوقون حركياً، حسب أرقام الديوان الوطني للإحصائيات، وهو أمر يثير الكثير من الجدل والحزن، بسبب التهميش والحرمان الذي يكتنفه غياب شبه تام للتكفل بالمعاقين.
وفي حين تعدّدت مطالب حركات المجتمع المدني في عدة مناسبات بتحسين وضعية المعاق في الجزائر، حيث طالبت برفع منحة المعاق، واستحداث كتابة دولة على مستوى وزارة التضامن تتكفل بانشغالات فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى دمج فئة المعوقين اقتصاديا واجتماعيا، بتوفير فرص عمل لائقة لهم، تبقى خطوات الجهات الرسمية مرتبطة بالوعود في المناسبات.
وزارة التضامن
وأعلنت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، مونية مسلم، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للأشخاص ذوي الاعاقة، أن الوزارة شرعت في عمليات تطهير وتحديث قوائم تضم 837.620 شخصا معوقا مستفيدا من بطاقة الإعاقة. وأشارت إلى أنه من بين العدد الإجمالي للبطاقات الممنوحة، تم تسجيل 324.909 بطاقات منحت للمصابين بالإعاقة الذهنية و318.428 للمصابين بالإعاقة الحركية و111.417 للمعوقين بصريا و51.839 للمصابين بالإعاقة السمعية، بالإضافة إلى 31.027 بطاقة استفاد منها أشخاص متعددو الإعاقات.
وأوضحت الوزيرة أن بطاقة الشخص المعوق "تعد وثيقة للاستفادة من الخدمات العينية والنقدية المكرسة بموجب القانون المعمول به، لفائدة شريحة المعاقين، حيث تحدد طبيعة الإعاقة ونسبتها".
وأكدت أن تطهير وتحديث القوائم يجريان بإشراك مختصين من أطباء ونفسانيين وبمساهمة مختلف الجهات المعنية، مشيرة إلى أن العملية تجري في انتظار نتائج التحقيق حول الإعاقة في الجزائر. ويهدف هذا التحقيق، الذي انطلق مع بداية 2014 ويشمل 37.000 أسرة، إلى تحسين برامج الإدماج الاجتماعي والمهني للأشخاص المعاقين، وتقديم خدمات متعددة التخصصات موزعة على مستوى التراب الوطني، مع تعزيز آليات تمويل الإعانات الخاصة بالأشخاص المعوقين.
منحة المعوق
وفيما يتعلق بمنحة المعوق التى تقدر بـ4.000 دينار جزائري شهرياً (45 دولارا أميركيا تقريبا)، أشارت الوزيرة إلى أن هذا الإجراء يخص الأشخاص المعوقين بنسبة 100 في المائة، البالغين سن 18 سنة على الأقل ولا يحصلون على أي دخل. وكذا للأسر ذات الدخل الضعيف التى تتكفل بطفل أو بعدة أطفال معاقين.
وأبرزت أنه تم تسجيل 233.794 شخصا معوقا يستفيدون من هذه المنحة خلال النصف الأول من سنة 2014، موضحة أن الوزارة خصصت غلافا إجماليا يفوق 12 مليار دينار جزائري لها.
وأشارت إلى أن إطلاق تحقيق وطني شامل حول أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، سيسمح بتحديد أنواع الإعاقات في الجزائر، بغية إعداد مخطط عمل يدعم السياسات المتخذة في مجال التكفل بهذه الشريحة وإعادة إدماجها في المدارس والجامعات ومراكز التكوين المهني، ويساعد على وضع معطيات إحصائية موثوقة، والقيام بدراسات شاملة تسمح بتقييم نوعي وكمّي لوضعية وحاجيات الأشخاص المعاقين بغية التكفل بها.
غبن مجتمعي
ويعاني المعوق في الجزائر من هضم حقوقه وغبنه من عدة أطراف، من بينها الأهل، حيث يتعرض المعوق للإهمال من حيث التأهيل والتعليم، وغالبا ما يتعرض للتسرب المدرسي.
ويفاقم هذه الوضعية تقاعس المسؤولين في تحقيق وعودهم التي تقضي بإدماج المعوقين في أماكن عمل مناسبة، وزيادة المنحة التي تصل المعوقين شهريا، وتبقى زهيدة جدّا ولم تعد تستجب لمتطلبات الحياة، والقدرة الشرائية العالية. ومع ذلك تبني عليها العديد من العائلات ميزانياتها لأنها لا تملك غيرها، وتوفير حافلات لنقل الطلبة المعاقين، وتخفيض قيمة السكن. لتبقى هذه الوعود حبرا على ورق، وأغلبها جاء لحفظ ماء الوجه في اليوم العالمي للمعوق، أو في مناسبة اليوم الوطني للمعوق بالجزائر والذي يوافق 14 مارس من كل عام، حيث يزداد نشاط الجمعيات خلال هذين اليومين.