في كل عام، ينتظر الأطفال هبوط "بابا نويل" من السماء بعربة يجرّها الغزلان، قبل أن يدخل البيوت محمّلاً بالهدايا التي طلبوها منه. هؤلاء كلهم أمل بتحقيق أحلامهم التي سبق أن كتبوها على أوراق سلّموها لأهلهم أو وضعوها تحت شجرة العيد. وشخصيّة "بابا نويل" التي ترتبط بالقديس نيقولاوس الذي يُحكى أنه كان يعمد ليلاً إلى توزيع الهدايا والمؤن على الفقراء، فرضت نفسها على المجتمعات كلها ومن بينها مجتمعاتنا العربية، ودخلت بيوت كثيرين من مختلف الفئات والأديان. وتحوّل "بابا نويل" إلى ما يشبه عصا سحرية تحقق للصغار أمنياتهم.
مريم (خمسة أعوام) اشترت مع والدتها "دَحّ العيد" وتنتظر هذه الليلة لترتدي ثيابها الجديدة تلك وتستلم هديتها. هي ترفض الإفصاح عما طلبته. "هذا سرّ بيني وبين بابا نويل". منذ أيام وهي تستيقظ في كل صباح لتسأل والدتها: "اليوم العيد؟". بالنسبة إليها العيد هو ذلك الرجل العجوز صاحب اللحية البيضاء، "الذي يُحضر لي ما أريد شرط ألا أكذب". تصرّ على ذلك، على الرغم من أن والدتها تحاول جاهدة أن تفسّر لها أنه يوم ولادة السيد المسيح طفل المغارة. وعند سؤالها كيف يمكنه اكتشاف كذبها، تردّ: "يطول أنفي مثل أنف بينوكيو".
من جهته، يسخر سامي (سبعة أعوام) من صديقاته في المدرسة، قائلاً لهنّ: "بابا نويل صبي وليس فتاة.. نا نا نا". بالنسبة إليه، "الرجل البطل الذي يطير بدراجته وغزلانه وينزل من السماء ويدخل المنازل عبر المدفأة من دون أن يحترق، غير متزوّج ولا وجود لماما نويل". يضيف: "أنتنّ بشعات". لا يكتفي سامي بالسخرية فقط من صديقاته، إنما يتّجه إلى التهديد أحياناً في حال أزعجته إحداهنّ. "قلت لبابا نويل أن يقصّ شعر سارة (زميلته في المدرسة) مثل الصبيان، لأنها استهزأت من أسناني المكسورة وشبهتني بجدّها العجوز".
بالنسبة إلى ماريا (ستة أعوام) "بابا نويل كاذب" لأنه يشتري هدايا لأطفال لا يستحقّونها، ومثالاً على ذلك صديقها الذي تلقّى جهازاً لوحياً. "لا يجب أن يُهدى شيئاً، لأنه غير محبوب، ويتحدث في الصف خلال الشرح، وتعاقبه المدرّسة أكثر من مرة في اليوم". وبلهجة مستنكرة تضيف: "أنا غاضبة جداً من بابا نويل". هي كتبت مرات عدة له، لتخبره بما يفعله صديقها مع رفاق المدرسة. وتقول لوالدتها: "هذا العام، أظن أنه لن يجلب له شيئاً. أنا أوضحت له الأمر".
إلى ذلك، تشتكي والدة أندريه (خمسة أعوام) من شغبه الدائم، وتقرّ أن من أسباب فرحتها بحلول عيد الميلاد قدرتها على ضبط طفلها، مستعينة بشخصيّة "بابا نويل". أندريه يخاف من غضب "الرجل الأحمر" كما يصفه، فلا يحقق له كل أحلامه. هو يريد أن يصبح كرجل العنكبوت ويتسلق الأبنية ويقتل الأشرار ويأخذ ما يريد. أما سميرة (أربعة أعوام)، فالعيد بالنسبة إليها هو تناول الحلويات والسكاكر التي تقدّمها لها "ماما نويل". جدّتها ترتدي اللباس الأحمر الخاص بزوجة بابا نويل، وتوزّع الأطايب على صغار العائلة.
بعيداً عن حماسة هؤلاء الصغار، يبدو إيلي (ثمانية أعوام) حزيناً جداً. والده غائب منذ فترة، وهو لا يعلم أنه توفي بحادث سير. يقول: "كنا قد اشترينا معاً، أبي وأنا، شجرة صغيرة لأن الكبيرة غالية الثمن". انتظر والده ليزيّناها معاً، لكنه تأخّر جداً. صحيح أنه لم يرغب في تزيينها بمفرده، إلا أن صبره نفد وقرر أن يجهزها "قبل أن يأتي رجل الهدايا (بابا نويل) ويغضب ويمتنع عن إعادة والدي إليّ وشراء سيارة الشرطة التي طلبتها منه". هو أعاد كتابة رسالته إلى بابا نويل مرّتين، ليدرج والده فيها.
الحزن واضح أيضاً في منزل أبو ميشال، الذي يخلو من زينة الميلاد. هو فقد شقيقه في سورية. وكانت العائلة السورية قد تركت حلب قبل عامين على خلفية المعارك المحتدمة هناك ولجأت إلى لبنان مرغمة. واليوم، لا يسمح الوضع الاقتصادي لا بشراء زينة الميلاد ولا بتقديم الهدايا للصغار. تيما ابنته الكبرى (ستة أعوام) تتمنى العودة إلى الوطن. وبلهجتها الحلبية، تعبّر عن حزنها لأن والدها لم يفِ بوعده الذي قطعه لها، ولم يعدها إلى سورية للاحتفال بالعيد كما كانوا يفعلون.
تقول: "إذا لم يجلب لي بابا نويل هدية، فهذا يعني أنه تركها في المنزل هناك (في سورية). يجب أن يخبره أحد بأنني هنا (في لبنان)". في العام الماضي، تمكن والدا تيما من إقناعها بأن بابا نويل جلب لها دمية زهرية اللون كما طلبت، لكنه تركها في المنزل في حلب. لذا، استعانت بوالدتها هذا العام لتكتب العنوان "حتى لا يضيع". وفي رسالتها، طلبت منه سترة حمراء وحذاء أبيض اللون.
اقرأ أيضاً: شرق المسيح حزينٌ.. يئنّ في عيده
مريم (خمسة أعوام) اشترت مع والدتها "دَحّ العيد" وتنتظر هذه الليلة لترتدي ثيابها الجديدة تلك وتستلم هديتها. هي ترفض الإفصاح عما طلبته. "هذا سرّ بيني وبين بابا نويل". منذ أيام وهي تستيقظ في كل صباح لتسأل والدتها: "اليوم العيد؟". بالنسبة إليها العيد هو ذلك الرجل العجوز صاحب اللحية البيضاء، "الذي يُحضر لي ما أريد شرط ألا أكذب". تصرّ على ذلك، على الرغم من أن والدتها تحاول جاهدة أن تفسّر لها أنه يوم ولادة السيد المسيح طفل المغارة. وعند سؤالها كيف يمكنه اكتشاف كذبها، تردّ: "يطول أنفي مثل أنف بينوكيو".
من جهته، يسخر سامي (سبعة أعوام) من صديقاته في المدرسة، قائلاً لهنّ: "بابا نويل صبي وليس فتاة.. نا نا نا". بالنسبة إليه، "الرجل البطل الذي يطير بدراجته وغزلانه وينزل من السماء ويدخل المنازل عبر المدفأة من دون أن يحترق، غير متزوّج ولا وجود لماما نويل". يضيف: "أنتنّ بشعات". لا يكتفي سامي بالسخرية فقط من صديقاته، إنما يتّجه إلى التهديد أحياناً في حال أزعجته إحداهنّ. "قلت لبابا نويل أن يقصّ شعر سارة (زميلته في المدرسة) مثل الصبيان، لأنها استهزأت من أسناني المكسورة وشبهتني بجدّها العجوز".
بالنسبة إلى ماريا (ستة أعوام) "بابا نويل كاذب" لأنه يشتري هدايا لأطفال لا يستحقّونها، ومثالاً على ذلك صديقها الذي تلقّى جهازاً لوحياً. "لا يجب أن يُهدى شيئاً، لأنه غير محبوب، ويتحدث في الصف خلال الشرح، وتعاقبه المدرّسة أكثر من مرة في اليوم". وبلهجة مستنكرة تضيف: "أنا غاضبة جداً من بابا نويل". هي كتبت مرات عدة له، لتخبره بما يفعله صديقها مع رفاق المدرسة. وتقول لوالدتها: "هذا العام، أظن أنه لن يجلب له شيئاً. أنا أوضحت له الأمر".
إلى ذلك، تشتكي والدة أندريه (خمسة أعوام) من شغبه الدائم، وتقرّ أن من أسباب فرحتها بحلول عيد الميلاد قدرتها على ضبط طفلها، مستعينة بشخصيّة "بابا نويل". أندريه يخاف من غضب "الرجل الأحمر" كما يصفه، فلا يحقق له كل أحلامه. هو يريد أن يصبح كرجل العنكبوت ويتسلق الأبنية ويقتل الأشرار ويأخذ ما يريد. أما سميرة (أربعة أعوام)، فالعيد بالنسبة إليها هو تناول الحلويات والسكاكر التي تقدّمها لها "ماما نويل". جدّتها ترتدي اللباس الأحمر الخاص بزوجة بابا نويل، وتوزّع الأطايب على صغار العائلة.
بعيداً عن حماسة هؤلاء الصغار، يبدو إيلي (ثمانية أعوام) حزيناً جداً. والده غائب منذ فترة، وهو لا يعلم أنه توفي بحادث سير. يقول: "كنا قد اشترينا معاً، أبي وأنا، شجرة صغيرة لأن الكبيرة غالية الثمن". انتظر والده ليزيّناها معاً، لكنه تأخّر جداً. صحيح أنه لم يرغب في تزيينها بمفرده، إلا أن صبره نفد وقرر أن يجهزها "قبل أن يأتي رجل الهدايا (بابا نويل) ويغضب ويمتنع عن إعادة والدي إليّ وشراء سيارة الشرطة التي طلبتها منه". هو أعاد كتابة رسالته إلى بابا نويل مرّتين، ليدرج والده فيها.
الحزن واضح أيضاً في منزل أبو ميشال، الذي يخلو من زينة الميلاد. هو فقد شقيقه في سورية. وكانت العائلة السورية قد تركت حلب قبل عامين على خلفية المعارك المحتدمة هناك ولجأت إلى لبنان مرغمة. واليوم، لا يسمح الوضع الاقتصادي لا بشراء زينة الميلاد ولا بتقديم الهدايا للصغار. تيما ابنته الكبرى (ستة أعوام) تتمنى العودة إلى الوطن. وبلهجتها الحلبية، تعبّر عن حزنها لأن والدها لم يفِ بوعده الذي قطعه لها، ولم يعدها إلى سورية للاحتفال بالعيد كما كانوا يفعلون.
تقول: "إذا لم يجلب لي بابا نويل هدية، فهذا يعني أنه تركها في المنزل هناك (في سورية). يجب أن يخبره أحد بأنني هنا (في لبنان)". في العام الماضي، تمكن والدا تيما من إقناعها بأن بابا نويل جلب لها دمية زهرية اللون كما طلبت، لكنه تركها في المنزل في حلب. لذا، استعانت بوالدتها هذا العام لتكتب العنوان "حتى لا يضيع". وفي رسالتها، طلبت منه سترة حمراء وحذاء أبيض اللون.
اقرأ أيضاً: شرق المسيح حزينٌ.. يئنّ في عيده