وحققت الجمعية ضمن استراتيجيتها نسبة 100 في المائة بالنسبة لولوج المرضى ذوي الدخل المحدود وغير المتوفرة لهم تغطية أكلاف الأدوية الخاصة بالسرطان وبالعلاج الكيماوي. لكن هل يعتبر هذا كافيا للقضاء على داء السرطان الذي تسجل 35 ألف حالة إصابة به سنوياً في المغرب؟
تحسن سبل العلاج وتشخيص داء السرطان
منذ تأسيسها، سعت جمعية لالة سلمى لمحاربة داء السرطان، إلى تحسين التكفل العلاجي والتشخيصي لمرضى السرطان، اعتماداً على أنسنة المراكز الاستشفائية ووحدات الأنكولوجيا المتواجدة وتجهيزها مع بناء وحدات أخرى، وتوفير وحدات للعلاج الكيماوي ومراكز الامتياز المتخصصة في طب الأورام النسائية.
واعتمدت الجمعية في ذلك على مواردها الخاصة وتمويلات الجهات المانحة والشركاء المغاربة والدوليين، وبشراكة أساسية مع وزارة الصحة المغربية "لكن لم نصل إلى الكمال بعد"، حسب تصريح البروفيسور حسن ريحاني، رئيس مصلحة الأنكولوجيا في المعهد الوطني للأنكولوجيا لـ"العربي الجديد".
ويعزو ريحاني "عدم الوصول إلى الكمال" في محاربة داء السرطان، إلى مشاكل إدارية من جهة، عندما يتعلق الأمر بـ"غياب التنسيق" بين المصالح المعنية والمريض، وإلى السلوكيات الذاتية للمرضى من جهة ثانية، وهي السلوكيات المتعلقة أساسا بالنظام الحياتي للمواطنين كعادة التدخين، على سبيل المثال، التي تدفع بسرطان الرئة إلى المقدمة في حالات الإصابة بالسرطان لدى الرجال في المغرب، إضافة إلى سرطان البروستات.
وعن حصول المرضى على الأدوية، يقول ريحاني إن جمعية لالة سلمى لمحاربة السرطان بالتعاون مع وزارة الصحة المغربية تعمل على تمكين المرضى من الحصول على الأدوية "حتى الغالية منها"، بحيث يتوفر، حسب ريحاني، في كل مركز استشفائي جهوي من السرطان في المغرب، لجنة خاصة تتكون من ممثلين للمستشفى وجمعية لالة سلمى ومساعدة طبية وطبيب مشرف، تتدارس طلبات المرضى للحصول على الأدوية "وهو الأمر الذي يتم من دون تأخير، وبموازاة مع الكشف عن إصابة المريض بالسرطان".
بالإضافة إلى ذلك، يتحدث البروفيسور ريحاني عن أنسنة المستشفيات المغربية، بحيث تصبح جاهزة للاستيعاب اللوجستي والاختصاصي لمرضى السرطان "ومن ذلك أن المغرب لديه حاليا 77 طبيب أنكولوجيا و150 اختصاصي أشعة، كما يجري العمل مع جمعية لالة سلمى في شراكة مع وزارة الصحة على بناء مراكز جهوية استشفائية جديدة من السرطان تضاف إلى المراكز المحدثة"، مشددا على أن الحديث عن مرض السرطان في المغرب قبل تأسيس جمعية لالة سلمى أمر، والحديث عنه بعد تأسيسها صار مختلفاً، فـ"الجمعية تسعى إلى توفير المتطلبات المادية واللوجستية والنفسية اللازمة لاستيعاب متطلبات هذا المرض، ما يمنح المغرب اليوم المراكز الأولى في القارة الأفريقية في محاربة السرطان".
بطاقة "راميد" لا توفر أدوية السرطان دوماً
لكن بالرغم من مجهودات وزارة الصحة المغربية وجمعية لالة سلمى لمحاربة داء السرطان، تسمع أصوات احتجاج في المغرب هنا وهناك، لعدم الولوج إلى أدوية السرطان. "الأدوية باهظة الأثمان، ونحن نعاني ضيق اليد"، جملة تتكرر لدى مرضى الداء القادمين من مناطق قروية بالأساس، بينهم مرضى احتجوا سابقا أمام المركز الجامعي محمد السادس في مدينة مراكش، لعدم توفر المساعدة اللازمة لهم، بسبب عدم حيازتهم بطاقة المساعدة الطبية للمحتاجين "راميد"، فيما تلقّى أيضا فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في المدينة، شكاوى مرضى آخرين يتوفرون على بطاقة "راميد" فوجئوا بعدم منحهم دواء للسرطان الذي يحصلون عليه عادة، والذي تصل كلفته إلى حوالى 3500 درهم مغربي.
عن ذلك يقول العدي بوعرفة، عضو المكتب التنفيذي للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن وزارة الصحة المغربية تعتمد في علاج مرض السرطان على الولوج الجغرافي، أي تداوي كل مريض في المركز الاستشفائي الجهوي التابع لمنطقته.
ويرى أن من حق المريض، خاصة المرضى القادمين من القرى، اختيار العلاج في مركز آخر غير مركز مدينتهم "حين تتوفر لدى المريض أسرة تكفل متابعته في المدينة، يكون ذلك أفضل من تكليفه وأسرته مشاق السفر والإقامة والتغذية". صحيح أن جمعية لالة سلمى أحدثت مراكز لاستقبال عائلات مرضى السرطان لمواكبة أبنائهم تحت مسمى "دار الحياة"، إلا أن هذه الدور "لا يمكنها استيعاب كل المرضى"، حسب بوعرفة.
شبح نفاد أدوية السرطان من المستشفيات دائم
ويعتبر بوعرفة أنه "من المعيب" أن تخصص وزارة الصحة المغربية ستة مليارات سنتيم فقط لتوفير الأدوية لمرضى السرطان، في حين توفر جمعية لالة سلمى وحدها، وهي من منظمات المجتمع المدني، 30 مليار سنتيم لذات الغرض "ما قد يضع المستشفيات المغربية أمام شبح نفاد الأدوية منها"، يضاف إلى ذلك، حسب قوله، "النقص المهول في الموارد البشرية".
ووصف بوعرفة طريقة حصول مرضى السرطان على العلاجات اللازمة من المستشفيات المغربية بـ"البيروقراطية الإدارية"، حيث "لا تخضع جميع الإدارات لمنح المرضى الأدوية اللازمة عبر وصل بطاقة المساعدة الطبية راميد، بل تطالب بالبطاقة التي يتطلب الحصول عليها أشهراً، الأمر الذي يدفع المرضى إلى اقتناء أدوية حصص العلاج الكيماوي بمعدل مليوني سنتيم للحصة الواحدة".
من ناحية أخرى، انتقد بوعرفة طلب البرلمان المغربي رفع القيمة المضافة على أدوية السرطان إلى 10 في المائة، بدل نسبة 7 في المائة الحالية، مستغرباً كيف لا يدعو النواب إلى خفض هذه النسبة أسوة بفرنسا، التي تبلغ فيها النسبة 2 في المائة، وتونس التي تنعدم فيها إلى الصفر في المائة.
وأمام هذا الوضع دعا بوعرفة، وزارة الصحة المغربية، إلى الاستفادة من التجربة الهندية والبرازيلية في المجال، قائلا: "بالإمكان استيراد أدوية جنيسة للسرطان منها بتكاليف أقل من الحالية من غيرها من البلدان قد تصل إلى 2000 درهم مغربي فقط"، داعياً الشركات الحالية المصنعة لأدوية السرطان إلى مراجعة الأسعار التي تضعها أمام المواطنين المغاربة "والتي تتجاوز قدرتهم الشرائية الضعيفة".