عادت قضية الأفاعي السامة إلى المشهد العراقي الساخن لتنتشر في عدد من مناطق العراق، خصوصاً الزراعية والصحراوية منها، والتي فتكت بالأهالي وقتلت عدداً منهم، وأصابت آخرين، ومنها مدينة الديوانية (190 كيلومترا جنوب العاصمة بغداد).
ودبّ الخوف بين أهالي الديوانية بعد وفاة عدد من أهالي المدينة إثر تعرضهم للدغات الأفاعي التي انتشرت وظهرت مع دخول موجة الحر الشديدة إلى البلاد. في حين يكافحون لتعقبها وقتلها حول المنازل وفي المناطق الزراعية.
ولا يمتلك الأهالي لتعقب الأفاعي السامة سوى العصي ومصابيح الشحن لأنها تظهر في الليل على الأغلب.
وكشف المستشفى التعليمي في مدينة الديوانية عن وفاة المخرج الإذاعي زين العابدين الحسناوي الذي يعمل في إحدى الإذاعات المحلية في المدينة بعد تعرضه للدغة أفعى، السبت الماضي، سبقتها وفاة عدد من المواطنين وإصابة آخرين إثر تعرضهم للدغات مماثلة العام الماضي.
وقال مدير المستشفى أحمد الخزاعي، في تصريح صحافي اليوم، إن "المستشفى سجل ثلاث حالات وفاة بلدغة الأفاعي خلال النصف الأول من العام الجاري 2016 بمدينة الديوانية، فضلاً عن 167 إصابة".
وشرح الخزاعي أن سبب وفاة الأشخاص هو السمية العالية لتلك الأفاعي التي تعرضوا للدغتها، في حين أن العشرات نجوا لأن اللدغات لم تكن قاتلة".
وتابع الخزاعي "وصل عشرة أشخاص لدغتهم الأفاعي إلى مستشفى المدينة، واضطروا للرقود فيها، توفي ثلاثة منهم".
ويكافح أهالي الديوانية لملاحقة وتعقب الأفاعي حول منازلهم وأراضيهم الزراعية خشية دخولها إلى منازلهم وتعرضهم للدغ، وخاصة الأطفال. وهم يقومون بجولات ليلية على أضواء مصابيح الشحن بحثاً عنها لقتلها بالعصي.
ويوضح سوادي حسن (36 عاماً)، أنه تعرض للدغة من إحدى الأفاعي عندما كان جالساً في حديقة منزله وكانت الكهرباء منقطعة، ونقل إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج، لكن الأطباء أخبروه أنه محظوظ لأن كمية السم لم تكن قاتلة.
وقال حسن لـ"العربي الجديد": "اضطررت للمكوث في المستشفى نحو 24 ساعة، وأعطاني الأطباء مصلاً مضاداً ومضادات حيوية، بعد أن لدغتني الأفعى في ساقي قبل شهر تقريباً، ولا زالت تؤلمني أحياناً رغم تماثلي للشفاء".
ويطالب الأهالي الجهات الأمنية والصحية في المدينة بالتدخل لمساعدتهم في تعقب تلك الأفاعي وقتلها، وتوزيع الأدوية المضادة لها إن توفرت، وبعض المعدات اللازمة للإمساك بها كالعصي الخاصة بالأفاعي والتي لا يمتلكها الأهالي، كما يقولون.
ولم تكن لدغات الأفاعي التي يخشاها أهالي الديوانية الأولى من نوعها جنوب البلاد، فقد ذاع صيت الأفعى السوداء الخطرة في مدينة الناصرية (نحو 350 كيلومترا جنوب بغداد) خلال السنوات الماضية، والتي توفي بسبب لدغتها عدد من الأهالي، وأصيب عشرات آخرون بإصابات خطرة.
وبدأت رحلة الأفاعي السامة في مناطق جنوب العراق منذ عام 2010 بالظهور إعلامياً، لكنها انتشرت قبل ذلك التاريخ بعدة سنوات، وخاصة أفعى سيد دخيل، التي تُعرف في الأوساط العلمية المختصة بأفعى "المامبا السوداء"، والتي يصنفها الخبراء بأنها ثاني أخطر أفعى في العالم وأشدها سمية، والتي تسببت بقتل وإصابة عشرات الأهالي في مناطق الجنوب.
ومن المستغرب أن البيئة العراقية لم تكن فيها هذه الأنواع من الأفاعي قبل 2003، ما دفع الأهالي لاتهام قوات الاحتلال بجلبها من غابات أفريقيا ونشرها في المدن العراقية، وخاصة مدن الجنوب، بحسب رواية الأهالي أنفسهم.
وانتشرت بعد عام 2003 أنواع مختلفة من الأفاعي السامة في العراق، ومنها أفعى سيد دخيل أو "المامبا السوداء الأفريقية" وأفعى الكوبرا والأفعى المعروفة محلياً بـ"أم رأسين" وغيرها.