اعتادت عدد من منظمات ومبادرات المجتمع المدني في مصر، رسم خريطة للأماكن والتجمعات المتوقع فيها حدوث تحرش جنسي خلال أيام الأعياد، وفي المناسبات الكبرى.
وشهدت حديقة الفسطاط بحي مصر القديمة في القاهرة، وحديقة الحيوانات في الجيزة، وقائع تحرش جنسي في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، أول أيام عيد الفطر، حيث تعرّض الأطفال والمراهقون للفتيات، وانتشر التحرش اللفظي والجسدي على مرأى ومسمع من الزوار، وتدخّل الأمن الخاص والشرطة في بعض الحالات وأمسكوا بالمتحرشين.
ومن المتوقع أن تحدث بعض وقائع أخرى، خصوصاً في محيط دور العرض السينمائي في الحفلات الليلية، كما تكرر في أعوام سابقة، لذا كثفت قوات الأمن المصرية من تواجدها في محيطها، لاسيما تلك التي تقع في وسط القاهرة.
ومنذ عدة سنوات، تشهد الشوارع والمنتزهات العامة ودور السينما، العديد من وقائع التحرش في الأعياد والمناسبات القومية، التي تشهدت كثافة وزحاما. وتعمل حملة "شفت تحرش"، وهي مبادرة مجتمع مدني مصرية على مدار العام، وتخصص فريق متطوعين يرتدون سترات فسفورية، ينتشرون في عدد من الأماكن خلال أيام العيد.
وأعلنت الحملة أنها ستنظم حملات توعية فى محيط وسط القاهرة وبعض المناطق المعروفة الأخرى؛ لرصد حالات التحرش موثقة بالصور، من خلال فرق ميدانية تم تدريبها للتوعية بعقوبة التحرش.
كما أعلنت الحملة أنها ستقوم بتنظيم حملة توعية في وسط القاهرة، ومنطقة كورنيش النيل، للتوعية بمفهوم التحرش، ثاني وثالث أيام العيد، وكيفية التعامل مع الحوادث، خصوصاً بالنسبة للشهود على تلك الوقائع، من أجل تفعيل العقوبات التى نصَّ عليها القانون، وتشجيع التقدم ببلاغات للشرطة ضد المتحرشين.
كما قدمت حملة "حكاية"، وهي مبادرة مجتمع مدني مصرية أخرى مختصة بالشأن النسوي، خارطة بالشوارع والميادين والمنتزهات التي على الفتيات أن يتجنّبنها خلال أيام العيد، لانتشار وقائع التحرش فيها خلال السنوات الماضية، حيث تشهد زحاماً كثيفاً. وشملت الخريطة العديد من الشوارع والميادين في القاهرة والجيزة.
وأعلن مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، وهو منظمة مجتمع مدني مصرية، عن تشكيل غرفة عمليات لرصد وتوثيق حالات التحرش والعنف الجنسي بالنساء والفتيات، خلال أيام عيد الفطر.
وتحمل الحملة اسم "غرفة عمليات مناهضة التحرش"، في أربع محافظات هي: الدقهلية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط.
وتحتل مصر المركز الأول عالميا في ظاهرة التحرش الجنسي، بحسب دراسات وأبحاث. ولا يستثني التحرش الجنسي أحدا في مصر؛ فالمجلس القومي للطفولة والأمومة المصري، أعلن عن استقبال خط نجدة الطفل، 16 ألف بلاغ تحرش جنسي. واستقبلت إدارة الإعلام في المجلس 206 وقائع تحرش أو اغتصاب للأطفال، وذلك خلال الفترة من 2011 وحتى 2014، وكان ضحيتها أكثر من 370 طفلا وطفلة.
كما رصدت مبادرة "شفت تحرش"، في آخر استبيان لها، 498 حالة تحرش جنسي في مصر خلال المائة يوم الأولى من حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في نهاية العام الماضي.
وتتعرض أكثر من 70 في المائة من النساء في مصر للتحرش في الشوارع والمواصلات العامة، وفقا لما قاله المجلس القومي لحقوق الإنسان، في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
وخصص المجلس القومي للمرأة، غرفة عمليات تعمل خلال فترة العيد لتلقي شكاوى التحرش، بالتعاون مع وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في وزارة الداخلية، لاتخاذ كافة التدابير التي تكفل سرعة التدخل في حالة حدوث وقائع تحرش خلال العيد، وتكثيف التواجد الأمني فى الشوارع والميادين والحدائق العامة، لإلقاء القبض على المتحرشين.
إلا أن تلك الاحترازات لا تمنع ظاهرة التحرش الجنسي في الشوارع والميادين والمنتزهات، وإن كانت تتصدى لبعضها بحكم القانون.
وكان الرئيس المصري السابق، عدلي منصور، قد أصدر قرارا بقانون، في 5 يونيو/حزيران 2014، بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، لتوسيع تعريف جريمة التحرش وتغليظ العقوبة على من تثبت إدانته بها.
وتنص المادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرّض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق، بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية".