أطلق مدير مكتب الصحة العامة بمحافظة الحديدة اليمنية الساحلية (غرب) نداء استغاثة للمنظمات الإغاثة الدولية دعاهم لإنقاذ آلاف الأطفال والنساء من سكان المحافظة، خاصة مديرية التحيتا من براثن سوء التغذية.
وقال المسؤول الصحي الدكتور عبد الرحمن جار الله بأن ضحايا هذه الظاهرة بلغوا مستويات حرجة من سوء التغذية الحاد والوخيم، بالإضافة إلى أمراض جلدية وفطريات بين مختلف فئات العمرية لسكان تلك القرى الشديدة الحرارة.
في السياق، ذكر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في يوليو/تموز الماضي إن معدل انتشار سوء التغذية في محافظة الحديدة هو الأعلى على مستوى البلاد، مسجلاً أعداداً غير مسبوقة من المصابين بهذه الكارثة نتيجة الحرب.
محمد التهامي طفل بلغ العامين، لكنه يبدو كأنه في الأشهر الأولى من عمره بسبب خفة وزنه. وتقول أمه من قرية طويرق بمديرية التحيتا إنها بالكاد استطاعت تسجيل طفلها لحجز سرير في المستشفى الحكومي في عاصمة المحافظة، بسبب ازدحام الحالات المماثلة في قسم معالجة سوء التغذية في المشفى الذي تدعمه منظمات دولية.
تضيف والدة محمد: "أنا نفسي مصابة بنفس العلة، ولم أستطع إرضاعه بسبب انعدام الغذاء الجيد، خاصةً بعد أن توقف زوجي وابني مع باقي الصيادين عن ممارسة مهنة الصيد في البحر الأحمر بسبب مخاطر الحرب". تضيف "نحن في المشفى نتلقى غذاءً لا بأس به، ومكملات غذائية لتحسين وضعنا الصحي، لكن عند خروجنا من المشفى، وعودتنا إلى القرية قريباً قد تعود حالة ابني محمد وحالتي إلى سابق وضعها".
ويقول الدكتور جار الله إن نداءه لقي التزاماً من منظمتي "يونيسيف" و"الصحة العالمية" بإعادة تشغيل مركز لمكافحة سوء التغذية ضمن حملةٍ تطلقها الأسبوع الجاري. إلا أن مراقبين توقعوا عدم إحداث المركز أي تحسن حقيقي بسبب ضخامة الحاجة، ومحدودية وصول المنظمات الدولية إلى مناطق التضرر، بعد أن أغلقت نحو 400 وحدة لمعالجة سوء التغذية في المحافظة بسبب الحرب.
من جهتها، ذكرت "يونيسيف" في تقرير قصير لها بأن معدلات سوء التغذية في الحديدة كانت تشهد تراجعاً ملحوظاً ومستمراً. وأشارت إلى أن النسبة تراجعت من 31 في المائة عام 2012 إلى 20 في المائة مطلع عام 2015 من جراء توسع المنظمات في مكافحة سوء التغذية.
لكن التقرير أوضح أن الأحوال تدهورت بشكل حاد، وفُقدت المكتسبات السابقة إثر توسع الحرب القائمة منذ مارس/آذار 2015، ليعود الوضع إلى ما كان عليه عند معدل 30 في المائة هذا العام.
ويبيّن تقرير دولي حديث صادر من الأمم المتحدة أن اليمن تحتضن ثلاثة ملايين حالة تتطلب تدخلات تغذويّة طارئة، بينها 2.1 مليون طفل تحت سن الخامسة، ونساء مرضعات وحوامل ضمن مستوى سوء التغذية الحاد الوخيم.
وأشار إلى معاناة 1.5 مليون طفل من سوء التغذية، بينهم 370 ألف طفل في البلاد يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم. ويمثل الرقم الأخير ارتفاعاً بنسبة 65 في المائة من عدد المصابين بذلك المستوى منذ نهاية عام 2014 الذين بلغ عددهم وقتها 160 ألف طفل فقط.
ويضيف التقرير بأن هؤلاء الأطفال المصابين معرضون لمخاطر الوفاة بمقدار عشرة أضعاف أكثر من أقرانهم العاديين بسبب نقص المناعة لديهم. ويتابع بأن المنظمات الإغاثية بحاجة إلى تمويل بمبلغ 45 مليون دولار لمعالجة سوء التغذية في هذا الوقت المتأخر من العام، الذي بلغت فيه إجمالي التمويلات المحصلة ما يقارب 40 في المائة فقط من التمويل المطلوب.