يصعب إعطاء رقم دقيق عن عدد الجامعات في الدول العربية، فالمعلومات الواردة في بعض المصادر المختلفة معظمها غير دقيق أو قديم بعض الشيء، وعليه، لا يُعتد بها في تقديم يجب أن يعتمد على مصدر علمي جازم. مع ذلك يمكن القول بثقة إن العدد الإجمالي يتجاوز الخمسمائة، إذا ما أضفنا إلى الجامعات معاهد التعليم العالي أو الكليات المفردة.
لكن مثل هذا العدد الكبير يطرح أسئلة أكثر مما يجيب عن أسئلة، خصوصاً وأننا نتحدث هنا عن أكثر من عشرة ملايين طالب، وعن عشرات ألوف الأساتذة في مختلف الاختصاصات وفروع العلوم المتنوعة. مصدر الأسئلة يتعلق بما آل إليه وضع المجتمعات العربية في هذا المفصل من الزمن، وقدرته على السير في ركاب التطورات العاصفة في شتى المناحي والمجالات مما نراه كل يوم. إذا ما طرحنا مثل هذا السؤال البنيوي، نصل إلى محصلة سلبية حول قدرة هذه الجامعات على تحديث مجتمعاتها، الأمر الذي قاد إلى فتح أبواب الجحيم على مصراعيه مما نعرف تفاصيله في أوضاع كل من سورية والعراق واليمن وليبيا ولبنان وغيرهم.
لكن تحميل الجامعات عبء ومسؤولية مآلات الأوضاع يعتبر من قبيل الظلم بطبيعة الحال، إذ إنه على الأقل يعفي من المسؤولية أصحاب السلطات الأساسية، ومؤسسات الحكم من حكام وحكومات ومجالس نيابية وأحزاب، ويحيلها على أساتذة وإداريين وطلاب لا حول لهم ولا طول في ما يجري حولهم من أحداث، غالباً ما يكونون هم ضحاياها وليسوا صانعيها.
إلا أن هذا على صحته لا يعفي من قدر معين من المسؤولية ما دامت الجامعات تتحدث في أهدافها ومبادئها عن صناعة أجيال الغد وتزويدهم بالمهارات والمعارف للمساهمة في تقدّم مجتمعاتهم. لكن هذا على وجاهته لا يعني أن الجامعة في الدول العربية لا تقف أمام أسئلة صعبة وعصيبة في عصر أطاحت فيه التطورات التقنية العاصفة بالحدود والأسوار وبالكثير من المفاهيم، التي صار الكثير منها متقادماً وعفت عليه الأيام.
والجامعة في العالم العربي أمام جملة من التحديات التي تتطلب الوقوف أمامها لاختيار ما يتلاءم منها مع المستقبل، الذي تنشده لخريجيها من جهة أولى، ومن جهة ثانية للمجتمعات التي يفد منها طلابها الذين يقيمون بين جدران صفوفها وداخل حرمها ثلاث سنوات على الأقل، ثم يخرجون من فضائها الصغير نحو عوالم فسيحة مليئة بالخيبات والتعقيدات والمفارقات الخطيرة التي يتوجب عليهم التعاطي معها والتفاعل مع ما تطرحه من وقائع، تبدو أكبر من قدرتهم في الكثير من الأحيان على التكيف.
إذن الجامعة أمام الأسئلة وهي أسئلة موجهة للأكاديميين والإداريين وكذلك للطلاب وذويهم. وهذه أسئلة أكبر من طاقة مؤسسة بعينها على الإجابة، إذ تطاول المجتمع الأكاديمي وغير الأكاديمي على السواء.
(أستاذ جامعي)
اقــرأ أيضاً
لكن مثل هذا العدد الكبير يطرح أسئلة أكثر مما يجيب عن أسئلة، خصوصاً وأننا نتحدث هنا عن أكثر من عشرة ملايين طالب، وعن عشرات ألوف الأساتذة في مختلف الاختصاصات وفروع العلوم المتنوعة. مصدر الأسئلة يتعلق بما آل إليه وضع المجتمعات العربية في هذا المفصل من الزمن، وقدرته على السير في ركاب التطورات العاصفة في شتى المناحي والمجالات مما نراه كل يوم. إذا ما طرحنا مثل هذا السؤال البنيوي، نصل إلى محصلة سلبية حول قدرة هذه الجامعات على تحديث مجتمعاتها، الأمر الذي قاد إلى فتح أبواب الجحيم على مصراعيه مما نعرف تفاصيله في أوضاع كل من سورية والعراق واليمن وليبيا ولبنان وغيرهم.
لكن تحميل الجامعات عبء ومسؤولية مآلات الأوضاع يعتبر من قبيل الظلم بطبيعة الحال، إذ إنه على الأقل يعفي من المسؤولية أصحاب السلطات الأساسية، ومؤسسات الحكم من حكام وحكومات ومجالس نيابية وأحزاب، ويحيلها على أساتذة وإداريين وطلاب لا حول لهم ولا طول في ما يجري حولهم من أحداث، غالباً ما يكونون هم ضحاياها وليسوا صانعيها.
إلا أن هذا على صحته لا يعفي من قدر معين من المسؤولية ما دامت الجامعات تتحدث في أهدافها ومبادئها عن صناعة أجيال الغد وتزويدهم بالمهارات والمعارف للمساهمة في تقدّم مجتمعاتهم. لكن هذا على وجاهته لا يعني أن الجامعة في الدول العربية لا تقف أمام أسئلة صعبة وعصيبة في عصر أطاحت فيه التطورات التقنية العاصفة بالحدود والأسوار وبالكثير من المفاهيم، التي صار الكثير منها متقادماً وعفت عليه الأيام.
والجامعة في العالم العربي أمام جملة من التحديات التي تتطلب الوقوف أمامها لاختيار ما يتلاءم منها مع المستقبل، الذي تنشده لخريجيها من جهة أولى، ومن جهة ثانية للمجتمعات التي يفد منها طلابها الذين يقيمون بين جدران صفوفها وداخل حرمها ثلاث سنوات على الأقل، ثم يخرجون من فضائها الصغير نحو عوالم فسيحة مليئة بالخيبات والتعقيدات والمفارقات الخطيرة التي يتوجب عليهم التعاطي معها والتفاعل مع ما تطرحه من وقائع، تبدو أكبر من قدرتهم في الكثير من الأحيان على التكيف.
إذن الجامعة أمام الأسئلة وهي أسئلة موجهة للأكاديميين والإداريين وكذلك للطلاب وذويهم. وهذه أسئلة أكبر من طاقة مؤسسة بعينها على الإجابة، إذ تطاول المجتمع الأكاديمي وغير الأكاديمي على السواء.
(أستاذ جامعي)