استهلاك الخبز بتونس في رمضان... طوابير طويلة وكميات كبيرة تتلف
تونس
تتكثف طوابير التونسيين مساء عند مداخل المخابز مع كل رمضان، ويصطف المواطنون طلباً لأنواع لا تحصى ولا تعد من الخبز الطازج الذي يتفنن في إعداده الخبازون في شهر رمضان بالذات.
ويعرف التونسيون في العالم بأنهم من أكبر مستهلكي العجين عموماً، والخبز خصوصاً، لكن خلافاً للاعتقاد السائد بأن استهلاك التونسي للخبز يتضاعف في رمضان فإن الاستهلاك يتراجع وتواجه أغلب المخابز صعوبات في تسويق الخبز، بحسب ما يؤكده رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز، محمد بوعنان، لـ"العربي الجديد".
وبيّن بوعنان أنه بحدود منتصف النهار لا يقتني التونسي الخبز لأن الشراء في رمضان يبدأ بعد العصر وقبيل المغرب ومرة واحدة فقط، وليس مرتين كما هو الحال في بقية الأشهر، مؤكداً أن ما يُخبز صباحاً لا يسوّق ويبقى في المخابز.
وأضاف بوعنان، أن أكثر من مليون و600 ألف رغيف، وأحياناً مليوني خبزة يتلفها التونسيون يومياً في القمامة خلال شهر رمضان، إضافة إلى أن نحو 900 ومليون خبزة يومياً، تبقى لدى أصحاب المخابز والباعة.
وأوضح بوعنان، أنّ إنتاج الخبز في رمضان يفوق الاستهلاك، الذي لا يزيد عن ثلثي المخبوزات اليومية، مبيناً أن عدد المخابز المرخص له في تونس يبلغ 3200 مخبز. ولفت إلى أن انتشار المخابز العشوائية كالفقاقيع في رمضان يزيد في تعميق أزمة أصحاب المخابز وانتشار الخبز "البايت"(أي الباقي لليوم الموالي).
وأوضح بوعنان أن المخابز العشوائية ومنها معدو خبز "الطابونة" و"المبسّس" الذي تضاف إليه مواد أخرى منها الكركم والزيتون، يزيد في تراكم الخبز الذي يلقى في القمامات، ما يكبد الاقتصاد التونسي خسائر بالمليارات، مع العلم أن مادة الفارينة (الطحين) الأساسية في إعداد الخبز مدعومة من الدولة.
وأشار المتحدث إلى أن المخابز العشوائية تنتشر بالأحياء والفضاءات السكانية، ورغم أنها لا تخضع لأي مراقبة صحية ولا تستجيب للشروط المعمول بها، إلا أن التونسي يقبل عليها في رمضان.
وأضاف رئيس غرفة أصحاب المخابز، أنّ الدعم يذهب لغير أصحابه، ففي الوقت الذي تكثف الدولة الرقابة على أصحاب المخابز القانونية فإن أصحاب المخابز العشوائية يستعملون الفارينة المدعمة لإعداد الخبز، داعياً إلى تشديد الرقابة على هؤلاء إذا أرادت الدولة محاربة الفساد فعلاً.
وأنجز المعهد الوطني للاستهلاك بحثاً عن "استهلاك الخبز في تونس" خلال العام الماضي، لمعرفة طريقة تعامل التونسي مع مادّة الخبز، على مستوى سلوكيات الشراء من الاستهلاك إلى التبذير، وطريقة إعادة الاستعمال للمحافظة على هذه المادة المدعّمة وترشيد استهلاكها.
وشمل البحث عينة تمثيلية للمستهلكين التونسيين تناهز 2000 مستجوب تمّ انتقاؤهم حسب خصائص الجنس والعمر والتوزيع الجغرافي.
وبحسب تصريحات المستجوبين فإنّ المسؤول عن شراء الخبز هو "الأب" واحتل المرتبة الأولى بنسبة 60 في المائة، بفارق كبير عن بقية أفراد الأسرة (الأم بنسبة تناهز 20 في المائة يليها الأبناء بنحو 19 في المائة).
أما بالنّسبة لمكان شراء الخبز، فإن 60 في المائة من التونسيين يشترونه في أغلب الأوقات من "المخبزة"، و37 في المائة منهم يشترونه من "العطار"، في حين لا تتجاوز فرصة الشراء من المساحات التجارية الكبرى 2.2 بالمائة.
ومن بين أنواع الخبز الأكثر استهلاكا، احتلّ "الصنف المدعّم" صدارة الإجابات (نحو 58 في المائة للباقات، و32 في المائة للخبز الكبير، مقابل 6 في المائة للخبز التقليدي الطابونة).
وبالنسبة لكميات الخبز المتبقية أسبوعيا وكيفية التصرّف فيها، أظهر البحث أن معدّل ما يتبقّى أسبوعيا من مشتريات الأسر التونسية من الخبز يقارب 800 غراما، وإن نحو 20 في المائة منها "لا يتبقى لديها فواضل خبز، و27 في المائة يتبقى لديها أقل من 500 غ، مقابل شريحتين من الأسر التي تتراوح فواضلها ما بين 500 غ إلى 1000 غ، وما بين 1000غ و1500غ، علما وأن 11.3 في المائة من الأسر تتجاوز فواضلها عتبة 2000 غ.
ويمثل "تخصيص الفواضل لإطعام الماشية" أهم مآل للخبز غير المستهلك على حالته لدى 49 في المائة من الأسر التونسيّة، مقابل تثمينه بـ "استعماله في طبخة أخرى" أو بـ "تسخينه وإعادة أكله" لدى 31 في المائة، علما وأنّ 30.4 في المائة من الأسر "تلقي مباشرة بفواضل الخبز" و1 في المائة منها تتولّى بيعه.
ويرى التونسيون عموما أنّ الخبز المدعّم ذو جودة "عالية" بنسبة 44 في المائة، و"متوسطة" بنسبة 43 في المائة، مقابل 13 في المائة فقط يعتبرونه "سيئا".