في كلّ عام، مع حلول شهر رمضان، تتعطّل معاملات كثيرة في الكويت، نتيجة غياب الموظفين الكويتيين في الإدارات الحكومية. ويستنزف هذا الأمر الذي يتكرر الإدارات وكذلك المراجعين الذين يضطرون إلى تأجيل أعمالهم في هذا الشهر أو يحاولون تخليصها قبله.
وتحاول الحكومة الكويتية الحدّ من ظاهرة الغياب الكلي خلال شهر رمضان، غبر تقليل ساعات العمل من ثماني ساعات إلى خمس فقط، بالإضافة إلى توصية الإدارات والمؤسسات والهيئات الحكومية بتقليل الجهد المطلوب من قبل الموظفين، لكنّ هذا لا يبدو كافياً.
نسبة الغياب خلال رمضان في الإدارات والمؤسسات الحكومية بلغت 30 في المائة، بحسب بيانات حكومية نشرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، في حين تأتي النسبة ضئيلة جداً في القطاع الخاص نتيجة التشدد لدى الشركات في سياسة الغياب والحضور.
ويحكي راشد العتيبي الذي يملك مطعماً وسط العاصمة الكويت: "أملك مطعمي منذ أربع سنوات، وكلما احتجت إلى توسعة أو إضافة ما، يستوجب الأمر عليّ مراجعة الجهات الحكومية مرة أو اثنتين في الشهر على أقل تقدير. لكنّ هذه المراجعات تتعطل كلياً خلال شهر رمضان، بسبب غياب الموظفين واعتذارهم عن الحضور بحجة التعب أو الصيام". يضيف العتيبي لـ"العربي الجديد" أنّه "بالنسبة إليّ، لا مانع لديّ من تعطل بعض أعمالي خلال هذا الشهر، لكنّ ثمّة أشخاصاً يحتاجون إلى مراجعات أهمّ لا تحتمل التأجيل، في المستشفيات على سبيل المثال أو غيرها، ومع ذلك يعانون بسبب غياب الموظفين".
اقــرأ أيضاً
وكانت الإدارة العامة للجنسية ووثائق السفر قد شهدت ازدحاماً خانقاً بسبب عدد المراجعين قبيل شهر رمضان، وذلك بسبب قرار الحكومة الكويتية استبدال الجواز الكويتي القديم بجواز ذكي جديد وإعطائها المواطنين مهلة حتى منتصف شهر رمضان. ويعزو أحمد علي، وهو ضابط في هذه الإدارة، زيادة عدد المراجعين إلى "رغبتهم في عدم الحضور أثناء شهر رمضان بسبب ارتفاع درجات الحرارة والصيام". لكنّ فهد سرور، وهو أحد المراجعين، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الجميع كان خائفاً من تغيّب الموظفين في شهر رمضان، وبالتالي تعطّل تجديد الجوازات مع انتهاء المهلة، الأمر الذي يمنعنا من السفر".
يحتج الموظفون الحكوميون بدرجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 45 درجة مئوية في الكويت، بالإضافة إلى تغيّب المراجعين، فيستفيدون من رصيد الإجازات الخاصة للراحة خلال شهر رمضان، في حين يلجأ آخرون إلى التغيب بحيل قانونية مثل الحصول على إجازات مرضية وكذلك على استثناءات من قبل بعض المديرين.
يقول عضو إدارة الشؤون القانونية في ديوان الخدمة المدنية، وهي الجهة المسؤولة عن تعيين ومراقبة الموظفين الحكوميين في الكويت، أحمد المعجل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ثمّة نسبة غياب حقيقية في بعض الوزارات الحكومية أكثر من غيرها ولا يمكن إنكار هذا الأمر، لكن ثمّة مبالغات أخرى من قبل المراجعين". وعن العقوبات القانونية ضدّ المتغيّبين، يقول المعجل: "لا توجد عقوبات، لأنّ تغيّبهم قانوني وصحيح 100 في المائة، وهو يكون إمّا على شكل إجازات دورية يفضّل الموظفون أخذها في رمضان للراحة والتفرّغ للعبادة، وإمّا إجازات مرضية بناءً على تقارير من مستشفيات حكومية مع توقيع طبيب معتمد. فكيف لي أن أرفضها كجهة حكومية؟".
وكان ديوان الخدمة المدنية قد رفض، مثلما رفضت الحكومة الكويتية، اقتراحات برلمانية تَقدّم بها نواب في مجلس الأمة الكويتي، وعلى رأسهم النائب عبد الله فهاد العنزي، لجعل العشر الأواخر من شهر رمضان إجازة رسمية بقرار حكومي، بهدف التفرغ للعبادة والصلاة والتهيؤ لعيد الفطر. وقد جاء رفض ديوان الخدمة هذه الإجازة بحجة أنّها سوف تعطل البلاد بشكل تام، خصوصاً أنّ الكويت تعدّ أحد أكثر البلدان المستفيدة من أيام إجازات سنوية، على الصعيد العالمي.
في السياق، يقول الخبير الاقتصادي ناصر المقلد لـ"العربي الجديد" إنّ "على الحكومة أن تحسم أمرها بالتعامل مع تسيّب الموظفين وغيابهم في شهر رمضان، لأنّهم يساهمون في تعطيل الاقتصاد الكويتي والأعمال بأكملها في البلاد. ولا يمكن في أيّ حال من الأحوال أن يوافق أيّ عاقل على منح الموظفين إجازة في العشر الأواخر بناءً على أيّ حجة من الحجج".
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أوصت أئمة المساجد وخطباء الجمعة بتنبيه المواطنين حول أفضلية عدم التغيّب عن العمل بحجة الانقطاع للعبادة والذكر. ويقول الدكتور راشد حمدان العازمي لـ"العربي الجديد" إنّ "رعاية المواطنين وإنهاء معاملاتهم وقت الصيام هو قربة من القرب التي يتعبّد بها المرء لله، وهذا ما شددت عليه وزارة الأوقاف وأوصت الخطباء بأن يتكلموا عنه. وأن يعطل المرء حياة الناس من أجل التفرّغ للعبادة هي فكرة سلبية وخطيرة ومناقضة لمضمون الشهر نفسه".
وتحاول الحكومة الكويتية الحدّ من ظاهرة الغياب الكلي خلال شهر رمضان، غبر تقليل ساعات العمل من ثماني ساعات إلى خمس فقط، بالإضافة إلى توصية الإدارات والمؤسسات والهيئات الحكومية بتقليل الجهد المطلوب من قبل الموظفين، لكنّ هذا لا يبدو كافياً.
نسبة الغياب خلال رمضان في الإدارات والمؤسسات الحكومية بلغت 30 في المائة، بحسب بيانات حكومية نشرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، في حين تأتي النسبة ضئيلة جداً في القطاع الخاص نتيجة التشدد لدى الشركات في سياسة الغياب والحضور.
ويحكي راشد العتيبي الذي يملك مطعماً وسط العاصمة الكويت: "أملك مطعمي منذ أربع سنوات، وكلما احتجت إلى توسعة أو إضافة ما، يستوجب الأمر عليّ مراجعة الجهات الحكومية مرة أو اثنتين في الشهر على أقل تقدير. لكنّ هذه المراجعات تتعطل كلياً خلال شهر رمضان، بسبب غياب الموظفين واعتذارهم عن الحضور بحجة التعب أو الصيام". يضيف العتيبي لـ"العربي الجديد" أنّه "بالنسبة إليّ، لا مانع لديّ من تعطل بعض أعمالي خلال هذا الشهر، لكنّ ثمّة أشخاصاً يحتاجون إلى مراجعات أهمّ لا تحتمل التأجيل، في المستشفيات على سبيل المثال أو غيرها، ومع ذلك يعانون بسبب غياب الموظفين".
وكانت الإدارة العامة للجنسية ووثائق السفر قد شهدت ازدحاماً خانقاً بسبب عدد المراجعين قبيل شهر رمضان، وذلك بسبب قرار الحكومة الكويتية استبدال الجواز الكويتي القديم بجواز ذكي جديد وإعطائها المواطنين مهلة حتى منتصف شهر رمضان. ويعزو أحمد علي، وهو ضابط في هذه الإدارة، زيادة عدد المراجعين إلى "رغبتهم في عدم الحضور أثناء شهر رمضان بسبب ارتفاع درجات الحرارة والصيام". لكنّ فهد سرور، وهو أحد المراجعين، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الجميع كان خائفاً من تغيّب الموظفين في شهر رمضان، وبالتالي تعطّل تجديد الجوازات مع انتهاء المهلة، الأمر الذي يمنعنا من السفر".
يحتج الموظفون الحكوميون بدرجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 45 درجة مئوية في الكويت، بالإضافة إلى تغيّب المراجعين، فيستفيدون من رصيد الإجازات الخاصة للراحة خلال شهر رمضان، في حين يلجأ آخرون إلى التغيب بحيل قانونية مثل الحصول على إجازات مرضية وكذلك على استثناءات من قبل بعض المديرين.
يقول عضو إدارة الشؤون القانونية في ديوان الخدمة المدنية، وهي الجهة المسؤولة عن تعيين ومراقبة الموظفين الحكوميين في الكويت، أحمد المعجل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ثمّة نسبة غياب حقيقية في بعض الوزارات الحكومية أكثر من غيرها ولا يمكن إنكار هذا الأمر، لكن ثمّة مبالغات أخرى من قبل المراجعين". وعن العقوبات القانونية ضدّ المتغيّبين، يقول المعجل: "لا توجد عقوبات، لأنّ تغيّبهم قانوني وصحيح 100 في المائة، وهو يكون إمّا على شكل إجازات دورية يفضّل الموظفون أخذها في رمضان للراحة والتفرّغ للعبادة، وإمّا إجازات مرضية بناءً على تقارير من مستشفيات حكومية مع توقيع طبيب معتمد. فكيف لي أن أرفضها كجهة حكومية؟".
وكان ديوان الخدمة المدنية قد رفض، مثلما رفضت الحكومة الكويتية، اقتراحات برلمانية تَقدّم بها نواب في مجلس الأمة الكويتي، وعلى رأسهم النائب عبد الله فهاد العنزي، لجعل العشر الأواخر من شهر رمضان إجازة رسمية بقرار حكومي، بهدف التفرغ للعبادة والصلاة والتهيؤ لعيد الفطر. وقد جاء رفض ديوان الخدمة هذه الإجازة بحجة أنّها سوف تعطل البلاد بشكل تام، خصوصاً أنّ الكويت تعدّ أحد أكثر البلدان المستفيدة من أيام إجازات سنوية، على الصعيد العالمي.
في السياق، يقول الخبير الاقتصادي ناصر المقلد لـ"العربي الجديد" إنّ "على الحكومة أن تحسم أمرها بالتعامل مع تسيّب الموظفين وغيابهم في شهر رمضان، لأنّهم يساهمون في تعطيل الاقتصاد الكويتي والأعمال بأكملها في البلاد. ولا يمكن في أيّ حال من الأحوال أن يوافق أيّ عاقل على منح الموظفين إجازة في العشر الأواخر بناءً على أيّ حجة من الحجج".
تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أوصت أئمة المساجد وخطباء الجمعة بتنبيه المواطنين حول أفضلية عدم التغيّب عن العمل بحجة الانقطاع للعبادة والذكر. ويقول الدكتور راشد حمدان العازمي لـ"العربي الجديد" إنّ "رعاية المواطنين وإنهاء معاملاتهم وقت الصيام هو قربة من القرب التي يتعبّد بها المرء لله، وهذا ما شددت عليه وزارة الأوقاف وأوصت الخطباء بأن يتكلموا عنه. وأن يعطل المرء حياة الناس من أجل التفرّغ للعبادة هي فكرة سلبية وخطيرة ومناقضة لمضمون الشهر نفسه".