أثار تكرار حوادث الانتحار في مدينة السويداء جنوب سورية، مخاوف الأهالي. إذ أقدمت شابة جامعية، أمس الثلاثاء، على الانتحار بتناول كميات كبيرة من الدواء، فيما أقدم شاب في العشرينيات على شنق نفسه في غرفته، الأحد الماضي.
ووفقا لمصادر محلية، يحاول الأهالي إخفاء محاولات الانتحار التي يقدم عليها ذووهم، إذ يعتبر الانتحار وصمة تلاحق العائلات.
وتتصدر السويداء قائمة عدد حالات الانتحار لدى جيل الشباب بين المحافظات السورية، حيث بلغ عدد حالات الانتحار 117 حالة خلال السنوات الخمس السابقة، ما يعادل متوسط 23 حالة في العام، بما يزيد عن إحصائيات رسمية لما قبل الحرب بمعدل 460 بالمائة، حيث كانت حوادث الانتحار في المحافظة قبل ذلك نادرة ومستهجنة، وبالكاد تتعدى حصيلتها السنوية 5 حالات في العام كأقصى تقدير، بالرغم من أن المحافظة شهدت تراجعا ملحوظا في عدد السكان خلال السنوات العشر الأخيرة، نتيجة الحرب والهجرة والتراجع في عدد حالات الزواج والإنجاب.
قبل نهاية عام 2022، وفي تاريخ 29 ديسمبر/كانون الأول، أنهى الشاب أيمن أديب مرشد، البالغ من العمر 27 عاما، حياته شنقا في منزله، الكائن في بلدة حران الواقعة في الريف الشرقي من السويداء، وترك زوجة وطفلة تبلغ الرابعة من العمر. ولم يكشف عن الأسباب المباشرة للانتحار سوى أن مرشد يعاني من ضغوط مادية وديون، بالرغم من أنه يعمل طوال النهار ويتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة وسمعة حسنة.
أما الفتاة شهد إسماعيل زين الدين، ابنة الـ17 عاما، فقد شكلت صدمة لأهالي المحافظة باستخدامها السلاح الحربي في قتل نفسها، إذ يكثر توافر السلاح في كل منزل، وغالبا من دون رقيب.
إحدى صديقات شهد في مدرسة اللواء الكائنة في مدينة السويداء، وتدعى سمية، قالت لـ"العربي الجديد" إن شهد كانت تُعاني من ضغوط عائلية وملاحقة وقسوة في التعامل من والدها، بالإضافة إلى فقر مادي وعدم اهتمام بمتطلباتها.
وقبل مضيّ شهر على هذه الحادثة، وبتاريخ 1 إبريل/نيسان، كان الشاب نوفل فرحان قصوعة (23 سنة) قد أنهى حياته بطلق ناري في الرأس في مقر إقامته بمدينة شهبا، ليخلق غموضا كبيرا حول سبب الانتحار، إذ كان شابا رياضيا محبوبا من قبل زملائه وأقاربه.
وقبل مضي يومين من وفاة قصوعة، وبتاريخ 3 إبريل/نيسان، وُجد الشاب العشريني مسلم محمد الصبرا مشنوقا في منزله الكائن في بلدة رساس جنوبي مدينة السويداء، ليشكل صدمة لعائلته بعد زواجه بأقل من عام.
وكان أخصائي الأمراض النفسية ماجد فهيم أكد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك أسباباً عديدة للانتحار، منها الاضطرابات النفسية (الاكتئاب) بنسبة، والخلل في العلاقات الأسرية والزوجية، وغياب الدعم الاجتماعي، والبطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى إدمان الكحول والمخدرات، والأزمات والضغوط النفسية المفاجئة (خسارة مالية أو فقدان شخص عزيز)، ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت التي لها دور سلبي في التشجيع على الانتحار، فضلاً عن ظروف الحرب والنزوح ومشاهد القتل والتعذيب والدمار، التي تغيب عنها الرقابة على الأطفال، وسهولة الحصول على المواد المخدرة والإدمان، بالإضافة إلى تفكّك العلاقات الأسرية".