بين عشية وضحاها، وجد عبدالله نفسه في السجن، وعلى البلاغ الذي يستدعي سجنه عبارة: "يبقى لحين السداد". عبد الله مزارع سوداني، اقترض مبلغاً من المال من المصرف لتمويل زراعة أرضه الصغيرة التي ورثها عن أبيه وجده. لكن الموسم كان سيئاً، فقد خسر ولم يستطع إيفاء أقساطه المصرفية طوال العام الماضي.
تعثر سداد الديون
حالة عبد الله ليست فريدة، فقد تم سجن المئات من المزارعين خلال السنوات الماضية، نتيجة تعثرهم في سداد أقساطهم المصرفية. في حين أن بعض المزارعين اضطر إلى بيع بيته وإيجار أراضيه بمبالغ زهيدة للخلاص من هذه المشكلة.
وتعتبر شريحة المزارعين الأكثر استدانة من المصارف، حيث إن 80% من السودانيين كانوا يمتهنون الزراعة، إلا أن النسبة تراجعت أخيراً إلى 56%؛ بسبب هجر بعضهم القطاع لأسباب مختلفة، منها قضية التعثر في سداد القروض.
وبحسب أخر إحصائية لاتحاد المزارعين السودانيين، فإن عدد المزارعين المدينين للمصارف وصل إلى 22 ألف مزارع. وتعود هذه الظاهرة إلى ارتفاع الأكلاف الزراعية، إضافة إلى الاستدانة للقضاء على الآفات الزراعية.
ويقول الأمين العام لاتحاد المزارعين عبدالحميد لـ"العربي الجديد" إن أكثر من نصف المزارعين المقترضين يتعثرون في الدفع. وقد تكفلت الدولة بدفع 70% من الديون، بينما النسبة الباقية تم جدولتها".
ويقول الخبير المصرفي محمد الناير إن نسبة التعثر الإجمالية في السودان ارتفعت إلى 26%، بينما مستوى الأمان العالمي يفترض أن يكون أقل من 6%. ويضيف "لكن هذا لا يعني أن كل المصارف في السودان تعاني من نسب مرتفعة في التعثر". ويؤكد أن إشكالات الاستدانة من المصرف تتصل بعدم التقييم العادل للأصول. إلى جانب غياب دراسات جدوى جيدة للمشروع طالب القرض. ويضيف "لذا فإنه في الكثير من الحالات يفقد المستدين الأصل المرهون؛ بسبب عدم الالتزام في السداد. كما أن السداد الشهري يؤثر سلباً في ميزانية الأسر ويرهقها".
ويؤكد الناير أن "هناك مشكلة أخرى تواجه التمويل، متمثلة في قصر فترات السداد، باعتبار أن الفترات العالمية بين 10 و15 عاماً، بينما فترة السداد في السودان تقتصر على بضعة أشهر، باستثناء التمويل العقاري الذي تصل فترة سداد القرض فيه إلى ثمانية أعوام".
ويشكو المزارع الزين بخيت من الأزمات التي يعاني منها في كل موسم زراعي والمتصلة بالسداد للمصرف. ويقول لـ"العربي الجديد" إن "الإنتاج لا يغطي عادة ربع المبلغ المطلوب من المصرف، ما يرهق كاهل المزارع". ويوضح "المصرف يأخذ فائدة تصل إلى 2.5% لمدة خمسة إلى ستة أشهر، ولا يعنيه ربحية الموسم أو خسارته".
ويشدد بخيت على أن "التعثر يخلف مشكلات كثيرة على شريحة المزارعين الذين يفقدون بيوتهم وما يملكون، في سبيل السداد للمصرف وعدم الزج بهم في السجن".
ويرى الخبير الاقتصادي كمال كرار أن المواطنين السودانيين أصبحوا مرهونين بكل تفاصيل حياتهم للمصرف "الذي يتيح عادة فرصا لتمويل شراء المنازل والسيارات، وفرص التعليم والمشاريع، وأخيراً ظهر تمويل الزواج".
ويقول كرار إن "أسلمة القطاع المصرفي منذ عام 1992، أدت إلى إلحاق الضرر بالمتعاملين مع المصارف. فالأخيرة تعتمد صيغة المرابحة، وتفرض ضمانا مقابل المبلغ المقترض. وفي الغالب تكون القروض قصيرة الأجل بفوائد مرتفعة تبدأ من 18 إلى 30%". ويوضح أن "هذه الصيغة معروفة النتائج؛ إذ يفشل المقترض في السداد، باعتبار أن الفائدة الكبيرة التي يفرضها البنك لا تتناسب مع أي نشاط تجاري ولا يأتي بالربح الذي ينشده".
ويؤكد كرار أن للإقراض مخاطر كبيرة، في ظل التضخم المتصاعد في البلاد، وتذبذب قيمة العملة المحلية. ويوضح "تستدين من المصرف اليوم، فتختلف قيمة العملة غداً، ما يؤثر على قدرة السداد". ويردف أنه "يوجد 300 مزارع من منطقة سودانية واحدة مهددون بالسجن لعجزهم عن سداد القروض".
تعثر سداد الديون
حالة عبد الله ليست فريدة، فقد تم سجن المئات من المزارعين خلال السنوات الماضية، نتيجة تعثرهم في سداد أقساطهم المصرفية. في حين أن بعض المزارعين اضطر إلى بيع بيته وإيجار أراضيه بمبالغ زهيدة للخلاص من هذه المشكلة.
وتعتبر شريحة المزارعين الأكثر استدانة من المصارف، حيث إن 80% من السودانيين كانوا يمتهنون الزراعة، إلا أن النسبة تراجعت أخيراً إلى 56%؛ بسبب هجر بعضهم القطاع لأسباب مختلفة، منها قضية التعثر في سداد القروض.
وبحسب أخر إحصائية لاتحاد المزارعين السودانيين، فإن عدد المزارعين المدينين للمصارف وصل إلى 22 ألف مزارع. وتعود هذه الظاهرة إلى ارتفاع الأكلاف الزراعية، إضافة إلى الاستدانة للقضاء على الآفات الزراعية.
ويقول الأمين العام لاتحاد المزارعين عبدالحميد لـ"العربي الجديد" إن أكثر من نصف المزارعين المقترضين يتعثرون في الدفع. وقد تكفلت الدولة بدفع 70% من الديون، بينما النسبة الباقية تم جدولتها".
ويقول الخبير المصرفي محمد الناير إن نسبة التعثر الإجمالية في السودان ارتفعت إلى 26%، بينما مستوى الأمان العالمي يفترض أن يكون أقل من 6%. ويضيف "لكن هذا لا يعني أن كل المصارف في السودان تعاني من نسب مرتفعة في التعثر". ويؤكد أن إشكالات الاستدانة من المصرف تتصل بعدم التقييم العادل للأصول. إلى جانب غياب دراسات جدوى جيدة للمشروع طالب القرض. ويضيف "لذا فإنه في الكثير من الحالات يفقد المستدين الأصل المرهون؛ بسبب عدم الالتزام في السداد. كما أن السداد الشهري يؤثر سلباً في ميزانية الأسر ويرهقها".
ويؤكد الناير أن "هناك مشكلة أخرى تواجه التمويل، متمثلة في قصر فترات السداد، باعتبار أن الفترات العالمية بين 10 و15 عاماً، بينما فترة السداد في السودان تقتصر على بضعة أشهر، باستثناء التمويل العقاري الذي تصل فترة سداد القرض فيه إلى ثمانية أعوام".
ويشكو المزارع الزين بخيت من الأزمات التي يعاني منها في كل موسم زراعي والمتصلة بالسداد للمصرف. ويقول لـ"العربي الجديد" إن "الإنتاج لا يغطي عادة ربع المبلغ المطلوب من المصرف، ما يرهق كاهل المزارع". ويوضح "المصرف يأخذ فائدة تصل إلى 2.5% لمدة خمسة إلى ستة أشهر، ولا يعنيه ربحية الموسم أو خسارته".
ويشدد بخيت على أن "التعثر يخلف مشكلات كثيرة على شريحة المزارعين الذين يفقدون بيوتهم وما يملكون، في سبيل السداد للمصرف وعدم الزج بهم في السجن".
ويرى الخبير الاقتصادي كمال كرار أن المواطنين السودانيين أصبحوا مرهونين بكل تفاصيل حياتهم للمصرف "الذي يتيح عادة فرصا لتمويل شراء المنازل والسيارات، وفرص التعليم والمشاريع، وأخيراً ظهر تمويل الزواج".
ويقول كرار إن "أسلمة القطاع المصرفي منذ عام 1992، أدت إلى إلحاق الضرر بالمتعاملين مع المصارف. فالأخيرة تعتمد صيغة المرابحة، وتفرض ضمانا مقابل المبلغ المقترض. وفي الغالب تكون القروض قصيرة الأجل بفوائد مرتفعة تبدأ من 18 إلى 30%". ويوضح أن "هذه الصيغة معروفة النتائج؛ إذ يفشل المقترض في السداد، باعتبار أن الفائدة الكبيرة التي يفرضها البنك لا تتناسب مع أي نشاط تجاري ولا يأتي بالربح الذي ينشده".
ويؤكد كرار أن للإقراض مخاطر كبيرة، في ظل التضخم المتصاعد في البلاد، وتذبذب قيمة العملة المحلية. ويوضح "تستدين من المصرف اليوم، فتختلف قيمة العملة غداً، ما يؤثر على قدرة السداد". ويردف أنه "يوجد 300 مزارع من منطقة سودانية واحدة مهددون بالسجن لعجزهم عن سداد القروض".