التنسيق الأمني

نموذج محمود عباس تجده في أطياف من الحكام، ومن السياسيين، والمثقفين، لا يطيقون الحياة من دون وجود الاحتلال الصهيوني، الذي قد يعادونه في الظاهر، لكنهم يلاطفونه ويخطبون ودّه في الباطن، كراهيتهم فكرة المقاومة أكبر من كراهيتهم الاحتلال.

الانتفاضة الشعبية اليوم هي الشكل الأكثر تعبيراً عن فن الممكن الفلسطيني، وهي طريقة التعبير الوحيدة الممكنة عن المقاومة "الشرعية" المتّسقة مع ما يسمى القانون الدولي، والمناخ السياسي السائد في المنطقة والعالم، بعد تسونامي التطبيع العربي المجاني.

"تجاوزوا الحد: السلطات الإسرائيلية وجريمتا الفصل العنصري والاضطهاد" عنوان تقرير عن العنصرية الإسرائيلية صدر أخيرا عن منظمة هيومن رايتس واتش، وهو وثيقة دولية تستحق اهتماماً ونقاشاً من مناصري الشعب الفلسطيني، يليق بأهميته وسياقه وتوقيته.

"فتحات" جديدة تمزق سفينة حركة فتح، صحيح أنها لم تصل إلى حد الفتق أو الانشقاق بعد، ولكنها تُنذر بما هو قادم من تمزيق الحركة الفلسطينية، وطيّ صفحات كثيرة من تاريخ فلسطيني، لا يمكن التقليل من أهميته، أو الاستخفاف بمنجزاته.

تعاني الساحة الفلسطينية من سلطةٍ عاجزةٍ تحمل مشروع حل الدولتين، وهي لا تنعم بالحد الأدنى من الحكم الذاتي الفاقد مظاهر السيادة، على نحوٍ ينذر بتحولها، وعبر التنسيق الأمني، والتعاون الاقتصادي، إلى جيوبٍ معزولةٍ خاضعة لإرادة الاحتلال الإسرائيلي وهيمنته.

يعلم الفلسطينيون أن الحديث عن برلمان فلسطيني حقيقي، وحكومة ووزارات ورئيس، في ظل الاحتلال، وهم لا وجود له إلا في رؤوس المستفيدين من ترويجه. وقد جرّبوا كلتا السلطتين. فلا أرض حرّرت، ولا دولة قامت، ولا ديمقراطية تحققت، ولا مشكلات الفقر والبطالة حلت.

تتعثر المصالحة الفلسطينية، لكن ثمة نقطة مضيئة، أن الكرة في الملعب الفلسطيني، لجهة انتهاء دور الوسطاء والرعاة، حتى مع الحديث عن تقديم أطراف خارجية ضمانات لإنجاح المسار المدار فلسطينياً بشكل أساسي، مع الأمل بانطلاق سيرورة ديمقراطية تسمح ببناء المؤسسات.