الثورات العربية

إيجاد الاستبداد وتكريسه على الشعوب والدول كما يدخل فيه الاسترهاب والترهيب والتجهيل والتضليل، يدخل فيه كذلك المُنح والتعالم والفوقية، كلٌّ يستعمل بحسب الحال، غير أن المآل واحد، وهو المحافظة على الاستبداد وحكم المستبد.

يقول الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إن السلطة يجب أن تؤول إلى "الشعب" مباشرة، وهي فكرة تبدو وجيهة في ظاهرها، إذا كانت تتعلق بإيجاد طرق ممنهجة ومستمرة للتواصل مع المواطنين مباشرة. لكنها قد تصبح خطرة إذا انزلقت لتصبح أضحوكةً مثلما كان يقوم به معمر القذافي.

لن يتغير مشهد الهجرة بشكل واضح خلال الأشهر المقبلة. يعوّل بعضهم على تعافي الوضع الأمني في ليبيا، لتجديد الأمل في رقابة ذات جدوى، وعلى افتراض حسن التعاون الأمني من كل الجيران في بحيرة المتوسط، ولن تزيد المقاربة الأمنية إلا في أعداد الضحايا.

من ينتظر الثورة يعتقد أنها منتج الغضب الشعبي الخام، وهذا خطأ فادح علميًا، وفيه أيضا شيء من نكران جهود الأجيال السابقة. ما حصل في العام 2011 مهّد له نضال سياسي استمر عقودًا، ومئات الأعمال الفنيّة والأدبيّة الرفيعة التي انحازت إلى قيم الحرية والعدالة.

المعارضة المشروطة والمواطنة المنقوصة في مصر، وفضلًا عن وصم السياسة وتخويف الناس منها، ستؤدّي، على الأرجح، إلى تآكل حيوية المجتمع وشحوب الشعور بالانتماء الوطني، وتتعارض هذه العواقب تعارضًا تامًا، مع مساعي الحفاظ على "وحدة الصف الوطني".

لم تنجح الثورات العربية بعد، لكن الأكيد أيضًا أن الطغيان جعل أي تطور سلمي في المنطقة قبل الثورات مستحيلًا. الثورات العربية بحاجةٍ إلى استكمال، لأن العيش في واقع الحال غير ممكن، والعودة إلى الماضي مستحيل.