تغليب روح العصر، أو الهدف، أو الأحداث الكبرى، على المزايا الفنية للرواية، أو الشعر، أفضى بنا إلى نوع من الكتابة تنتهي صلاحيتها بانتهاء المهام الموكلة إليها.
بدت الثورات العربية التي هبّت مطلع العقد الماضي، خاتمة سعيدة لسنوات الانتظار، غير أنها لم تُسفر عن شيء، وأُبيد الانتظار نفسه، تحت وابل من التحرّكات المضادة.
يحتفي العربي بتاريخ الثورات الغربية ويتتبّع الروايات التي مثّلت بعض جوانبها، لكننا قليلاً ما نقرأ عن المستوى نفسه من التلقي الإيجابي للتاريخ أو الأدب العربيين.
هناك من يرى العالم من وجهة نظر السلمون: إنهم نحن، المجموع الكلّي للبشرية ممّن يتعرّضون للافتراس، أو ينتظرون دورهم، بينما يصارعون الأمواج كي يستمرّوا في العيش.
كان المتنبّي الأكثر قدرةً على إخفاء التناقض بينه وبين مجتمعه، عبر شعر تسيطر عليه قوّة مجازية غامضة، بينما أعلن المعرّي موقفاً صارماً تجاه مجتمعه وزمنه.
لا تأثير لحنا مينه في الأجيال الروائية السورية أو العربية، وأختلف هنا مع الصديق الروائي فواز حداد في أن حنا مينه كان معلماً، فلا أثر يُذكر فنيّاً له في الرواية.
تُظهر رواية "بلا دماء" وجهي عالمنا المُعاصر: الوجه الدموي الذي يرتكب فيه القتلة أحطّ أنواع الانتقام، غير مكترثين بأيّ قيمة، ووجه البحث عن سبيل للعيش المشترك.