لنستفد من تجارب الآخرين لتجنب النقد الذي ينطلق من موقع المحب في معظم الأحيان، ومن منطلق الشعور المزيف بالظلم في أحيان أخرى، ولنمنح لجوائزنا صفة "الحقيقية"، حتى لا يستقبل العالم تقييماتنا بكثير من الاستخفاف، كما نتلقاها نحن أيضاً.
ما يحدث في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد ثورة يناير، هو ظهور موجة من "الكتابات الخفيفة" التي لا يعلم كُتّابها أنها خفيفة، وتقدّمها دور النشر باعتبارها كتابات مهمة، ويصدرونها للقراء على هذا الأساس، والقراء، أغلبهم في سن المراهقة.
لن تستطيع وزارة الثقافة تجديد أي خطاب ديني إلا بإعادة مهرجان "الفن ميدان" إلى الشارع، وإعادة نشر كتب نصر أبو زيد وفرج فودة، والاهتمام بالشعر والروايات والقصص. بمعنى آخر: بالعمل كوزارة للتثقيف، هدفها المواطن وليس إرضاء السلطة واتباع تعليماتها.
لم تتحرك فقرات المهرج والساحر والحبل خطوة إلى الأمام، فيما تحولت فقرة الأسود إلى فقرة بائسة، فقرة رعب بدلاً من التسلية. رعب لا يأتي من أداء الأسود الشائخة، بل من مدرّبها الذي ينتقل رعبه من الأسود إلى الجمهور...
أربعة أعوام على ثورة يناير، حافظت وزارة الثقافة المصرية فيها على نفسها كحلية في واجهة النظام، كمكمّل لوجاهته، وكإجراء روتيني يُتخذ لاستكمال الحقائب الوزارية. لا تزال "قصور الثقافة" معتزلة العمل الثقافي، والفرق المسرحية تبحث عن أماكن لعرض أعمالها.
في قرارها بمنع المطبوعات الصادرة في الخارج من الدخول والتداول في مصر، إشارة إلى أن السلطة المصرية قررت أن تخرج للعلن بعد أن كانت تدير عمليات المصادرة من وراء حجاب، باختبائها خلف هيئة الرقابة على المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة.
لعل أدقّ ما قيل عن "المسخ" هو ما قاله بورخيس، الذي ترجم العمل إلى الإسبانية، إذ وصفها بأنها "الارتداد إلى اللانهائية"، وأشار إلى أن ثيمات "المتاهة" و"المؤسسة المستحيلة" كانتا تسيطران على كافكا خاصةً في هذا العمل.
سؤال "الرواية الغريبة"، هو السؤال الأهم الآن الذي يجب أن يشغل الرواية العربية. الآن أكثر من أي وقت مضى، لأن الأحداث السياسية الأخيرة، الممتدة منذ أربعة أعوام، سيكون لها الأثر السلبي على هذا الفن إن لجأ للواقعية التوثيقية.
المفارقة المضحكة المبكية التي تلخص الوضع المصري في جانب منه: الثقافة المراقبة، الثقافة التي تحتاج لإذن "الأزهر"، الثقافة التي تلجأ إلى المؤرخين لمراجعة فيلم سينمائي. هذا الجهاز يتبع وزيراً يقول إنه تنويري، والتنويرية، كما نعرف، تحتاج إلى رقابة!
صارت السيرة الذاتية، التي تكتب تحت مسمى السيرة الذاتية صراحةً، إن كُتبت، طريقة لتمجيد الذات لحصد بطولة، وليست كتابة عما هو أكثر عمقاً في الذات الإنسانية. لم تكتسب السيرة الذاتية بالعربية صدقاً بقدر ما تميزت بالتزييف.