هل ما زالت عنقاءُ غزّة في مكانها؟/ هل احتملت أن تشهدَ أشلاء خمسمائة شهيد/ تتناثرُ مِن "مُستشفى المعمداني"/ دُفعةً واحدة؟/ عمَّدَ الصهاينةُ مدينتي بِالدماء والرماد/ كي تموتَ عنقاءً/ ولا تكونَ لها بعد ذلك وِلادة/ من يُعمِّدُ العنقاء/ إذا وُلدت من جديد.
مُنهَكاً من طولِ الطريق على العابرين/ غفى الشارعُ عند رأسِ أخيه/ لمْ يحلم بِمدينةٍ تليقُ بِتعبه/ ولا بِأشجارٍ تُرافقه/ فقط تمنّى ألّا يفيقَ/ على صمتٍ يمطُّ في صمته/ وألّا يغسلَ وجههُ العسليَّ/ بِنومٍ جديد!
أريد زيارة البحرِ/ لكنّي أخشى هذهِ المرّة مواجهته وحدي/ أريد تنفّس الهواء/ لكنَ الفجر يُفوِّتُني دائماً/ أريد أن يفُكَ العالَم اتصالنا معه بالإنترنت/ إن لمْ يكن بِوسعه فكّ الحصارِ عنّا/ أريد أن يرتاح العالمُ مِنّا/ أكثر بكثير ممّا أريد أن نرتاح منه.
أذهبُ إلى البحرِ وَحدي/ رماديٌّ من بلدٍ رماد/ لا ياسمينَ في جيبي/ أُهديه للشاطئ/ أذهبُ من أجلِ سينما سماويّة/ من أجلِ صلاةٍ مُؤجَّلةٍ/ من أجلِ طفولةٍ لا زالت ضائعة/ أذهبُ لأبحث عمّن يذهبونَ إلى البحرِ وَحدهم/ لكنّي أتجمّدُ على الكرسيّ هُناك.
أمرُّ بالناسِ/ في أقصى عجل/ فأنا دائماً على موعدٍ/ مع خاطري/ أمسحُ دموعي بيدي لا بمنديل/ دموعي ليستْ غريبة/ كلما اعتقدتُ أنّي لن أتمكن أبداً/ من التحرّر من هذا السجن/ جاء سجّانٌ أضخم/ ووضعني في سجنٍ جديد/ أضيقُ!
تشبهنا هذه الشمس التي لا تغيب/ تشبهنا هذه الظلال التي تتركها فينا/ تشبهنا هذه الجدران، هذه الحجارة/ نحن سماؤها كل فجرٍ، وبحرها كل مغرب/ نورها من دموعنا، نارها من دمائنا/ هي ذاكرتنا التي أمطرت في كل زمان ومكان.
وحيدٌ كساعةِ حائطٍ تتوسّطُ الليل/ كمصباحٍ مشنوقٍ من السقف/ كمروحةٍ في الشتاء، كمدفأةٍ في الصيف/ كسلةِ مهملات في زاوية الغرفة / كسجادةٍ قديمة على عتبةِ البيت / كجَنينٍ في بطنِ الحياة / ككابوسٍ مفزع يتعقبُ الأحلام / ككلبِ حراسة مُقيّد.