عندما تصل الأم إلى أسفل درج مار نقولا في منطقة الجميزة التراثية سترفع طفلها على ظهرها. لقد بدأت المرحلة الأصعب من الرحلة العائلية اللطيفة. ولأنها لا تريد للطفل أن يشارك في هذا القسم المجهد من "الكزدورة" التي سبق أن تعاهدا عليها ستحمله على ظهرها، من دون أن تفارقها الابتسامة. صحيح أنّ البنية الجسدية للأم قوية، لكنها في منتصف الدرج الطويل ستضطر لإنزاله على الأرض، ليتابع رحلته سيراً على القدمين. مع ذلك، لن تتركه بلا مساعدة بالكامل. ستضع يدها خلف ظهره لتشكّل قوة دفعٍ له من الخلف. وسيشعر الطفل بشيء من المسؤولية، وأنّه بات قادراً على إتمام "المهمة" لوحده. لذلك، وبعد أن يصعدا الدرجات المئتين ويصلا إلى رأس الدرج الطويل، ستجلس الأم على حافة الرصيف لتلتقط أنفاسها، بينما يتابع الطفل القفز بالقرب منها، لأنّ وقت اللعب لا يعوّض.
الأدراج التي نصعدها في الحياة أنواع مختلفة. منها الطويل ومنها القصير، منها الصعب ومنها السهل، منها الصلب المتعب ومنها المريح الذي نكتفي بالوقوف على درجاته فتحملنا طاقة الكهرباء إلى الجهة المقصودة. نصعد الأدراج وننزلها طوال الوقت. قد نحبها ونكرهها. نحبها لأنها وسيلتنا الوحيدة أحياناً للوصول، ونكرهها لأنها إلزامية، وقد تكون متعبة في أحيان أخرى.
كما أن الأدراج واحدة من تلك المساحات المستقطعة للتفكير خلال اليوم. ننزلها من البيت صباحاً فنروح نفكّر بما يحمله لنا النهار. بالعمل. بالواجبات المتبقية والتي لم تنته بعد. بزحمة السير. بلقاء صديق لم نلتق به منذ زمن. بميكانيك السيارة الذي لم ندفعه بعد وقد بات علينا ان نتحمّل غرامة تأخيره. بالموعد المؤجّل مراراً مع طبيب الأسنان. بالحياة التي صارت سريعةً وليست أبداً كمثل الأدراج، الباقية أبداً في مكانها.
وتتغيّر الأفكار فوق الأدراج نفسها في آخر النهارات حين نصعدها. تصير الوصول السريع إلى البيت من أجل الحصول على الراحة. تخيّل فرحة اللقاء بالعائلة. متعة احتضان البرّاد. التمتع بمكيّف الهواء. التمدّد على الكنبة، وهو الشعور الأعزّ.
في الحياة، نسمع بالعادة عن شخص صعد السلّم درجةً درجة حتى وصل. والمقصود أنه اجتهد ووصل إلى هدفه دون منّة أو مساعدة من أحد. والسلّم ليس أساسياً في الحياة فحسب، بل في الموسيقى أيضاً. فهو المساحة التي تقف عليها النوتات الموسيقية لتشكّل مجتمعة ألحاناً نطرب على إيقاعها. من دون السلّم لا مكان للألحان في حياتنا.
ومن يدري، قد نصادف درجاً وردياً كمثل الدرج في أغنية فيروز، أو درج ياسمين كمثل الدرج في أغنية شقيقتها هدى. فالأدراج حظ العابرين.
اقــرأ أيضاً
الأدراج التي نصعدها في الحياة أنواع مختلفة. منها الطويل ومنها القصير، منها الصعب ومنها السهل، منها الصلب المتعب ومنها المريح الذي نكتفي بالوقوف على درجاته فتحملنا طاقة الكهرباء إلى الجهة المقصودة. نصعد الأدراج وننزلها طوال الوقت. قد نحبها ونكرهها. نحبها لأنها وسيلتنا الوحيدة أحياناً للوصول، ونكرهها لأنها إلزامية، وقد تكون متعبة في أحيان أخرى.
كما أن الأدراج واحدة من تلك المساحات المستقطعة للتفكير خلال اليوم. ننزلها من البيت صباحاً فنروح نفكّر بما يحمله لنا النهار. بالعمل. بالواجبات المتبقية والتي لم تنته بعد. بزحمة السير. بلقاء صديق لم نلتق به منذ زمن. بميكانيك السيارة الذي لم ندفعه بعد وقد بات علينا ان نتحمّل غرامة تأخيره. بالموعد المؤجّل مراراً مع طبيب الأسنان. بالحياة التي صارت سريعةً وليست أبداً كمثل الأدراج، الباقية أبداً في مكانها.
وتتغيّر الأفكار فوق الأدراج نفسها في آخر النهارات حين نصعدها. تصير الوصول السريع إلى البيت من أجل الحصول على الراحة. تخيّل فرحة اللقاء بالعائلة. متعة احتضان البرّاد. التمتع بمكيّف الهواء. التمدّد على الكنبة، وهو الشعور الأعزّ.
في الحياة، نسمع بالعادة عن شخص صعد السلّم درجةً درجة حتى وصل. والمقصود أنه اجتهد ووصل إلى هدفه دون منّة أو مساعدة من أحد. والسلّم ليس أساسياً في الحياة فحسب، بل في الموسيقى أيضاً. فهو المساحة التي تقف عليها النوتات الموسيقية لتشكّل مجتمعة ألحاناً نطرب على إيقاعها. من دون السلّم لا مكان للألحان في حياتنا.
ومن يدري، قد نصادف درجاً وردياً كمثل الدرج في أغنية فيروز، أو درج ياسمين كمثل الدرج في أغنية شقيقتها هدى. فالأدراج حظ العابرين.