من دون كلمة، وعلى إيقاع موسيقى من التراث الفلسطيني، دقّت الفناّنة الفلسطينية، أريج لاون، 900 حبّة زيتون خضراء، ورصفتها بطريقة غامضة، كان علينا التكهّن بها مع كلّ خطوة، حتى إذا ما انتهى العمل وجدنا أمامنا لوحة لامرأة مسنّة تتشبّث بجذع شجرة زيتون، تحاكي صورة شهيرة لسيّدة فلسطينية، تشبّثت بزيتونتها أثناء اقتلاع جيش الاحتلال الإسرائيلي لشجر الزيتون في أرضها، انتقاماً مما ترمز إليه هذه الأشجار للفلسطينيين.
أريج لاون، فنانة تشكيلية شابة من بلدة الناصرة، تعرّف نفسها بالمبتدئة، ولكنّها نجحت خلال فترة قصيرة في لفت الانتباه إلى رسالتها الصادقة وموهبتها الفطرية المدعومة بخيال خصب وحسّ طفولي. وأريج تعشق كلّ ما يتّصل بأرض فلسطين وسمائها، من الطيور والفراشات إلى فناجين القهوة وأشجار الزيتون ودوالي العنب وطرحات الفلسطينيات وجلابياتهن...
للزيتون مكانة متميّزة عند أريج، وقد ظهر هذا جليّاً في عدّة أعمال نفّذتها، فهي تعشق زيتون بلادها وتقدّره، وتجده هوّية ووطناً.
كما أنّها لا تترك شيئاً من هذا الزيتون يذهب هدراً، وهي ابنة أرضها وابنة جدّاتها اللواتي كنّ يقمن باستغلال خيرات الزيتون حتى آخر قطرة، فبعد الحصول على زيته ورصّ حبّاته للأكل، يقمن بصنع صابون الزيت من الحبّات التالفة واليابسة، وما يتبقّى من زيتون في المعصرة يحوّلنه إلى وقود يدفّئ أسرهن في الشتاء... كذلك قامت أريج بعد رسم اللوحة بحبّات الزيتون الخضراء التي يبست، باستغلال نواتها الـ 900 في صنع لوحة جديدة، وقد كوّنت منها خلفية للوحتها وصنعت شجرة زيتون ذهبية اللون فوقها، لأنّ الزيتون هو ذهب فلسطين الأخضر، كما تقول في تقديم عملها.
هو موسم قطاف الزيتون في فلسطين والجوار، ومعه تجدّد أريج مواسم إبداعها الخضراء.