"نحن إجابات لتساؤلات لم يجد أسلافنا لها حلولاً". يبدو كارل غوستاف يونغ، مؤسّس علم النفس التحليليّ، حاسماً. في إقرار الطبيب السويسريّ المتخصّص في الأمراض النفسيّة والعصبيّة دعوة إلى إعادة النظر في تصوّرنا للحياة. وفي حال التأكّد من تأثير، لا بل "سطوة"، ماضينا على حاضرنا ومستقبلنا، لا بدّ من الغوص في تاريخ سلالتنا للعثور على مفاتيح من شأنها حلّ بعض الألغاز.
نحن، جميعنا، من دون استثناء، نرث حملاً لا واعياً مرتبطاً بمشاعر مكبوتة، لم يعبّر عنها ذوونا وأجدادنا. ويسأل هؤلاء الذين يحاولون الغوص في النفس البشريّة: ماذا لو لم تكن حلول مشكلاتنا في تاريخنا نحن، بل في تاريخ أهلنا وأسلافهم؟ هل نرث سيناريوهات غير منجزة من الأجيال التي سبقتنا؟
في أرحام أمّهاتنا، نحسّ بمشاعرهنّ وانفعالاتهنّ كلّها، بينما نبقى حتى عامنا الثاني أو الثالث في علاقة انصهار مع محيطنا. ونكرّر أحياناً سيناريوهات أسلافنا، وهدفنا اللاواعي التكفّل بمعاناتهم أو ترقيعها. لاوعينا يوجّه حياتنا في الغالب، وهو يعمل تلقائياً مستنداً إلى ذاكرتنا وإلى مشاعر انتابتنا. هكذا، ينقل ذوونا إلينا رسائل من خلال تربيتهم لنا، إلى جانب أدلّة غير لفظيّة لأفكارهم. ونحن نعمد إلى تقليدهم. وننسخ ما نراه ونسمعه ونشعر به، لا سيّما عبر الخلايا العصبيّة المرآتيّة (الخلايا المرآة)، وكذلك عبر تكيّف من خلال تكرار إيماءات وألفاظ على مدى سنيّ طفولتنا.
ويشرح أهل العلوم الطبيّة أنّ دماغنا مصمّم للتقليد وأنّ خلايانا العصبيّة المرآتيّة تسمح لنا بوضع أنفسنا في مكان الآخرين وتفهّمهم، بالتالي فإنّنا بيولوجيّاً اجتماعيّون وقادرون على "تقمّص حالات الآخرين". ويُحكى كذلك عن دور للحمض النوويّ الريبوزيّ منقوص الأكسجين (دي إن إيه) في ما ورثنا عن الأجيال السابقة. كأنّما الذاكرة المؤلمة منقوشة في جيناتنا التي نورثها بدورنا - بلا شكّ - إلى الأجيال اللاحقة. ولأنّنا لا نرغب، بالتأكيد، في أن نورث ذريّتنا صدمات وآلاماً، لا بدّ لنا من عدم إنكار مشاعرنا وكبتها. نحن مسؤولون.
اقــرأ أيضاً
ونجرجر تاريخ مَن سبقنا مضافاً إلى تاريخنا نحن، غير مدركين ذلك الحمل الثقيل. ونكرّر أخطاءً سبق أن شجبناها، لنجد أنفسنا في بعض الأحيان مذهولين وقد فطنّا إلى فعلتنا. في الغالب، لا نفطن إلى ما ارتكبناه، ونمضي متعثّرين. تكثر العثرات، ويتعاظم تذمّرنا. نلوم أنفسنا، ولو أدركنا "الحقيقة" لحمّلنا من سبقنا وزر ما نجرجره. لا شكّ في أنّنا - كثيرون منّا - نلوم أسلافنا على خلفيّات متباينة، غير أنّنا لا نفعل لـ"السبب الموجب". ربّما لو تنبّهنا إلى ذلك، وهو ليس بأمر يسير، لكنّا وضعنا النقاط على الحروف. يا ليت الأمور بمثل هذه السلاسة.
نحن، جميعنا، من دون استثناء، نرث حملاً لا واعياً مرتبطاً بمشاعر مكبوتة، لم يعبّر عنها ذوونا وأجدادنا. ويسأل هؤلاء الذين يحاولون الغوص في النفس البشريّة: ماذا لو لم تكن حلول مشكلاتنا في تاريخنا نحن، بل في تاريخ أهلنا وأسلافهم؟ هل نرث سيناريوهات غير منجزة من الأجيال التي سبقتنا؟
في أرحام أمّهاتنا، نحسّ بمشاعرهنّ وانفعالاتهنّ كلّها، بينما نبقى حتى عامنا الثاني أو الثالث في علاقة انصهار مع محيطنا. ونكرّر أحياناً سيناريوهات أسلافنا، وهدفنا اللاواعي التكفّل بمعاناتهم أو ترقيعها. لاوعينا يوجّه حياتنا في الغالب، وهو يعمل تلقائياً مستنداً إلى ذاكرتنا وإلى مشاعر انتابتنا. هكذا، ينقل ذوونا إلينا رسائل من خلال تربيتهم لنا، إلى جانب أدلّة غير لفظيّة لأفكارهم. ونحن نعمد إلى تقليدهم. وننسخ ما نراه ونسمعه ونشعر به، لا سيّما عبر الخلايا العصبيّة المرآتيّة (الخلايا المرآة)، وكذلك عبر تكيّف من خلال تكرار إيماءات وألفاظ على مدى سنيّ طفولتنا.
ويشرح أهل العلوم الطبيّة أنّ دماغنا مصمّم للتقليد وأنّ خلايانا العصبيّة المرآتيّة تسمح لنا بوضع أنفسنا في مكان الآخرين وتفهّمهم، بالتالي فإنّنا بيولوجيّاً اجتماعيّون وقادرون على "تقمّص حالات الآخرين". ويُحكى كذلك عن دور للحمض النوويّ الريبوزيّ منقوص الأكسجين (دي إن إيه) في ما ورثنا عن الأجيال السابقة. كأنّما الذاكرة المؤلمة منقوشة في جيناتنا التي نورثها بدورنا - بلا شكّ - إلى الأجيال اللاحقة. ولأنّنا لا نرغب، بالتأكيد، في أن نورث ذريّتنا صدمات وآلاماً، لا بدّ لنا من عدم إنكار مشاعرنا وكبتها. نحن مسؤولون.
ونجرجر تاريخ مَن سبقنا مضافاً إلى تاريخنا نحن، غير مدركين ذلك الحمل الثقيل. ونكرّر أخطاءً سبق أن شجبناها، لنجد أنفسنا في بعض الأحيان مذهولين وقد فطنّا إلى فعلتنا. في الغالب، لا نفطن إلى ما ارتكبناه، ونمضي متعثّرين. تكثر العثرات، ويتعاظم تذمّرنا. نلوم أنفسنا، ولو أدركنا "الحقيقة" لحمّلنا من سبقنا وزر ما نجرجره. لا شكّ في أنّنا - كثيرون منّا - نلوم أسلافنا على خلفيّات متباينة، غير أنّنا لا نفعل لـ"السبب الموجب". ربّما لو تنبّهنا إلى ذلك، وهو ليس بأمر يسير، لكنّا وضعنا النقاط على الحروف. يا ليت الأمور بمثل هذه السلاسة.