كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن "جامعة ليفربول (أحد أعرق الجامعات الإنكليزية)، ألغت مشروع افتتاحها فرعها في مصر، بعد مواجهة معارضة شديدة من قبل أكاديميين وطلاب وحقوقيين، على ضوء انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في مصر، والتحذير من مخاطر محتملة، وأضرار قد تلحق بسمعتها من جراء إقامة مشروع من هذا النوع".
وفي 23 أغسطس/آب الماضي، نشر قرابة 200 أكاديمي بريطاني، خطاباً مفتوحاً، ينتقدون فيه توقيع حكومة بلادهم اتفاقيات تعاون مع الجامعات المصرية، متهمين إياها بتناسي ما حدث للباحث الإيطالي بجامعة كامبريدج، جوليو ريجيني، الذي خُطف وعُذب وقُتل في القاهرة، وكان من ضمن طلبة وأكاديميين عديدين قُبض عليهم وقُتلوا داخل مصر، في إطار حملة قمع تستهدف المعارضة السياسية، والمجتمع المدني.
وأفادت الصحيفة، في تقرير نشرته أمس الأربعاء، بأن وثائق مسربة عن طريق المدير التنفيذي للجامعة، مؤرخة في 26 سبتمبر/أيلول الماضي، أكدت أن "المناخ السياسي والتشغيلي في مصر ينطوي على مخاطر وتحديات"، مشيرة إلى أن اعتراض الأكاديميين جاء في أعقاب زيارة أجراها وفد رفيع المستوى يضم 11 من جامعات المملكة المتحدة إلى القاهرة في يونيو/حزيران الماضي.
وتأتي الخطوة التي اتخذتها جامعة ليفربول وسط تشجيع الحكومة البريطانية، وجماعات التأييد بالجامعات الإنكليزية، على إقامة شراكات بين مؤسسات التعليم العالي البريطانية ونظيراتها المصرية، وأدت سلسلة من مذكرات التفاهم والاتفاقيات والمحادثات إلى إمكانية تأسيس المؤسسات البريطانية فروعا لجامعاتها الدولية، وبرامج تبادل للطلاب والأساتذة، وتطبيقات تمويل مشتركة.
وحسب الصحيفة البريطانية، رحب المحاضر في علم التاريخ بجامعة ليفربول، ليون روتشا، بقرار الجامعة، قائلاً: "ربما كانوا سيتخذون تلك الخطوة، ومع ذلك، يبدو أن الضغوط التي مارسها أساتذة الجامعة، وتناول وسائل الإعلام للقضية على نحو موسع جعلهم يتوقفون عن التفكير في ذلك".
بينما صرح المتحدث الرسمي باسم الجامعة: "أجرت جامعة ليفربول استطلاعاً للرأي لتقييم إمكانية إقامة شراكة تعليمية مع مصر، وبعد دراسة متأنية لهذه المعلومات، قررت الجامعة عدم إمكانية الاستمرار في هذه الشراكة".
ونصت الوثائق المسربة على أنه كان من المفترض توظيف الأساتذة من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، مستدركة: "رغم أن المشاركة في مجال التعليم تعد وسيلة فعالة لإحداث التغيير، فإن افتتاح فرع للجامعة يتطلب التعاون عن كثب مع السلطات المصرية".
وتابعت: "يبدو أن اللوائح تنص على توفير قدر كبير من الثقة والطمأنينة بشأن الاستقلالية، إلا أننا نحتاج إلى مشورة متخصصة حتى نتفهم بالفعل المخاطر المحتملة والأضرار التي قد تلحق بسمعة الجامعة من جراء إقامة مشروع من هذا النوع".
وقالت صحيفة "الغارديان" إن "جامعات بريطانية بارزة اتُّهِمت بأنها تغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، والسعي نحو افتتاح جامعات في ظل النظام الاستبدادي في البلاد، فضلاً عن المخاوف المتعلقة بالحرية الأكاديمية، ورفاهية الموظفين المثليين، والاتجاه صوب ما يطلقون عليه التسويق للتعليم العالي".
وكان السفير البريطاني في القاهرة، جون كاسن، قد قال، في وقت سابق: "إن هناك 11 جامعة بريطانية تزور مصر بهدف فتح فروع جديدة"، باعتبار أن هناك حوالي 20 ألف طالب وطالبة مصريين يدرسون في فروع الجامعات البريطانية في مصر.