إيران تبحث عن زبائن جدد للغاز

05 يوليو 2015
إيران تسعى إلى تحديث حقول الغاز (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

يعد قطاع الغاز الطبيعي في إيران أحد أكبر القطاعات التي تأثرت بالعقوبات الاقتصادية بسبب برنامجها النووي، ومع اقتراب طهران من عقد اتفاق مع الدول الغربية بدأت التأهب للمرحلة الجديدة عبر تكثيف مفاوضاتها الفترة الأخيرة بحثاً عن زبائن جدد لغازها، وتحديث حقول الغاز.

ورغم أن الحظر الذي أخرج الشركات الأجنبية من حقل بارس الجنوبي (أكبر الحقول في البلاد)، عزّز حضور شركات الاستخراج والتنقيب المحلية، لكن دخول هذه الشركات أدى لخسائر حيث أنها لم تكن تمتلك خبرات كافية للاستخراج والتنقيب، حسب خبراء.

ويمتلك حقل بارس 19% من مخزون الغاز الطبيعي في العالم، ويقدر البعض ثرواته بـ34.2 تريليون متر مكعب من الغاز فضلاً عن 16 مليار برميل من الغاز المسال القابل للاستخراج.

وتدرك طهران أن الأجواء باتت شبه مهيأة حالياً لعودة الشركات إلى هذا الحقل وغيره، فكثّفت بحثها عن زبائن جدد استعداداً للمرحلة المقبلة التي سيزيد فيها الإنتاج ويفتح الباب على مصراعيه أمام إيران للتصدير في حال نجاح مفاوضات طهران مع مجموعة دول 5+1، التي باتت في الأمتار الأخيرة.

وقد أعلن المدير العام للشركة الوطنية لتصدير الغاز الإيراني علي رضا كاملي، مؤخراً، عن إجراء بلاده لمفاوضات مع 170 شركة أجنبية لتصدير الغاز الطبيعي، مشيراً إلى أن بلاده فتحت حواراً مع كل من الإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان بشأن بيع الغاز إليها ولبقية دول مجلس التعاون الخليجي.

ونقلت المواقع الرسمية الإيرانية عن كاملي قوله، إن إيران تصدر الجزء الأكبر من غازها الطبيعي إلى تركيا كما تقوم بتصديره إلى كل من أرمينيا وأذربيجان، مشيراً أيضا إلى البحث عن التصدير إلى دول الاتحاد الأوروبي ما يعني الحاجة لمد خط أنابيب بطول 4 آلاف كيلومتر على الأقل، لكن هذا لا يعني أن الأولوية ليست للدول الجارة، حسب تعبيره.

وأعربت شركة الغاز في وقت سابق أن الاستفادة القصوى من حقل بارس الجنوبي خلال السنوات الأربع القادمة ستغطي احتياجات الداخل الإيراني من الغاز بنسبة 100%، وستزيد صادرات إيران من الغاز الطبيعي للخارج ليصل إلى ما يزيد عن 200 مليون متر مكعب يومياً.

وفي هذا الإطار، يرى الخبير في شؤون الطاقة حسين أنصاري فرد، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن طهران تركز حالياً على البحث عن زبائن جدد لاستيراد غازها الطبيعي ولاسيما القريبين منها جغرافياً، معتبراً أن هذه النقطة ميزة لصالح إيران، وأوضح أن الزبائن يبحثون عن الدول التي يوجد فيها مخزون عال وطويل الأمد من مصادر الطاقة وإيران تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث الاحتياطي، ومن جهة ثانية فإن الغاز لا يقع على عمق كبير ما يجعل تكاليف استخراجه بسيطة.

اقرأ أيضاً: 50 مليار دولار تطلبها طهران لتمويل صناعة الغاز

وأضاف أنصاري فرد، أن العقوبات الاقتصادية أثرت بالفعل على مشاريع الغاز الإيراني، مشيراً إلى وجود مشكلات أخرى تتعلق بالدول التي تتفاوض معها إيران لتصدير غازها فقد أثرت هي الأخرى سلباً على هذا القطاع، ومنها المشاكل الأمنية التي تهدد المنطقة أو حتى عدم قدرة بعض الدول على الالتزام بتعهداتها ومد أنابيب لتصدير الغاز عبر أراضيها كما في أفغانستان وباكستان، ما يجعل الدول الخليجية القريبة من إيران على رأس سلم أولويات البلاد في الوقت الحالي ولا سيما الإمارات وسلطنة عمان، ويأتي من بعدها أوروبا.

واعتبر موقع "إيران ديبلماسي" في تقرير خاص أن إيران ستعمل على الاستفادة من موقعها الجغرافي القريب من الدول الخليجية لتعزيز صادراتها من الغاز إليها فلن تكون إيران مضطرة لمد أنابيب إلا بطول 200 كيلومتر وهذا الطول كاف لتغطية الدول الخليجية، كما تركز طهران على حاجة هذه الدول لغاز غير غاز قطر التي تنتج سنوياً أكثر من 77 مليون طن من الغاز المسال، ونقل الموقع أن طهران فتحت حواراً حول هذا الأمر خلال اجتماع وفد اقتصادي كويتي مع المعنيين في العاصمة طهران، كما وقعت عقداً مبدئياً مع عمان لتزويدها بالغاز خلال السنوات القادمة، ولكن هذا العقد ينتظر التفعيل.

وتسعى طهران إلى زيادة حاملات وناقلات الغاز المسال، استعداداً لزيادة صادراتها الفترة المقبلة، حيث أعرب رئيس اتحاد مصدري المنتجات النفطية والغازية والبتروكيماوية حسن خسروجردي، في تصريحات سابقة، إن شراء المزيد من الحاملات يعني التحرك بسهولة نحو الأسواق الآسيوية والأوروبية وهو ما يعني زبائن جدداً لإيران.

كما تركز إيران على العراق في الوقت الحالي أيضاً، حيث أعلنت وزارة النفط الإيرانية أن الغاز سيصل إلى هذا البلد خلال العام القادم، وهذا بسبب تأخر مد الأنابيب ونقل الغاز عبرها بموجب اتفاقية تم توقيعها في السابق والسبب يعود لتدهور الوضع الأمني وتقدم تنظيم الدولة الإسلامية في عدد من المناطق العراقية.

وحول هذا الموضوع قال مدير الشركة الوطنية للغاز إن طهران جاهزة لضخ الغاز للعراق في أي لحظة لكن الأمر يحتاج لترتيبات معينة تضمن نوعاً من الأمن والاستقرار حسب تعبيره، مضيفاً أن إيران ستبدأ بتصدير 4 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً ليصل هذا الرقم لاحقاً إلى 35 مليون متر مكعب.

كما أعرب كاملي أن بلاده بدأت مفاوضات أخرى لتصدير الغاز إلى البصرة جنوبي العراق خلال العام القادم على أن يصدر بداية 5 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً ليصل هذا الرقم لاحقاً إلى 30 مليوناً.

وفي وقت تعد فيه تركيا الزبون الأول للغاز الإيراني، بسبب توقيع عقد طويل الأمد تسعينيات القرن الماضي نص على تصدير 10 مليارات متر مكعب من الغاز الإيراني لتركيا، ورغم المشكلات التي تتعلق بأن السعر أغلى من الروسي، تحاول طهران وأنقرة مد خط لإيصال الغاز إلى أوروبا ما سيعود بالنفع على كليهما.

 
اقرأ أيضاً: "داعش" يمنع تصدير الغاز الإيراني إلى العراق