خلال السنوات الأربع الماضية، ارتفع معدل الإنفاق الحكومي في ليبيا بشكل بات يهدد استقرار المالية العامة. لقد ساهمت أعمال العنف، وانخفاض إنتاج النفط، في زيادة الإنفاق على الرواتب والأجور، مقارنة مع الإنفاق على مشاريع التنمية.
وبحسب تقرير ديوان المحاسبة الليبي، فإن نفقات ليبيا على الخدمات والمشروعات العامة في الأعوام الماضية تكاد لا تذكر، مقارنة مع ارتفاع فاتورة الأجور والرواتب، ناهيك عن ارتفاع نسبة الديون. فقد زادت قيمة الديون بنسبة 171% من 8.56 مليارات دينار في عام 2010، إلى 23.27 مليار دينار في عام 2014، بمتوسط معدل زيادة قدرها 34.36% سنوياً.
وارتفعت المصروفات التسييرية من 3.19 مليارات دينار في عام 2010 إلى 11.14 مليار دينار في عام 2014، بمتوسط زيادة سنوية 49%، وإجمالي زيادة بنسبة 249%. وبذلك أصبحت النفقات التسييرية تمثل 20% من إجمالي الميزانية، مقارنة بنسبة 5.54% فقط في عام 2010.
في الوقت الذي انخفضت فيه مصروفات التنمية خلال نفس الفترة من 29.34 مليار دينار إلى 9 مليارات دينار، أي بنسبة 69%، أصبحت مخصصات التنمية لا تمثل أكثر من 15.8% من موازنة عام 2014، وهو ما ينذر بحصول كارثة اقتصادية ومالية في المدى القريب.
يقول مدير إدارة الأسواق المالية في مصرف ليبيا المركزي، مصباح العكاري، لـ"العربي الجديد": "إن الاقتصاد الليبي، ريعي بامتياز، إذ يعتمد على أكثر من 96% على منتج واحد وهو النفط. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتصاد الليبي يعاني من تدهور، وقد ارتفعت معدلات الإنفاق في ظل هبوط الإيرادات، كما ارتفعت فاتورة الدعم السلعي والمحروقات بشكل كبير، وارتفعت فاتورة أجور القطاع العام التي وصلت إلى أكثر من 36 مليار دينار، وهو ما يؤدي الى إرهاق الميزانية العامة في البلاد".
أزمة خانقة
وفق ما جاء في إفادة محافظ مصرف ليبيا المركزي في جلسة المؤتمر الوطني العام التي انعقدت بتاريخ 24/02/2014، فإن الإنفاق الفعلي في عام 2014، وصل إلى 46 مليار دينار، أما احتياطيات مصرف ليبيا المركزي فقد كانت 135 مليار دولار، في عام 2013، مقارنة بـ90 مليار دولار في شهر فبراير/شباط 2015، وهذا يعني أن الاحتياطيات قد انخفضت بمقدار 45 مليار دولار.
في هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي في المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي، رائد القمودي، إن ما يمر به الاقتصاد الليبي اليوم هو أزمة مالية خانقة، في ظل تسارع مضطرد ومخيف للأحداث التي أدت إلى انخفاض الإنتاج السنوي من النفط بنسبة قاربت 85%، بالإضافة إلى أن انهيار أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية بنسبة تجاوزت 65%، ما هو إلا تجسيد لأسوأ سيناريو أمام الاستدامة المالية، إذ إن الدولة أصبحت بالكاد قادرة على تمويل الإنفاق العام لفترة محدودة لا تتجاوز 18 شهراً.
ويضيف لـ"العربي الجديد": "إن إنتاج 300 ألف برميل من الصادرات النفطية لا يكفي لتجاوز البلاد حد الخطر، بل سيؤدي ذلك إلى حدوث عجز في الموازنة العامة، بقيمة تبلغ 30.9 مليار دينار، وهو ما يعني عدم قدرة الدولة على تمويل إنفاقها الحكومي لعام 2016، إلا في حالة اللجوء إلى الاقتراض الداخلي أو الخارجي".
ويتابع: "أما في حال ارتفاع مستوى الإنتاج إلى مليون برميل، فإن قيمة العجز ستكون بحدود 15 مليار دينار، وبالتالي يمكن تخطي جزء من الأزمة، بشرط الاستقرار السياسي، إذ لا يمكن أن تحل الأزمة المالية، إلا إذا عاد الإنتاج إلى مليون ونصف المليون برميل".
وبالمحصلة، فإن ما يمر به الاقتصاد الليبي، يأتي في ظل اعتماد الدولة بشكل شبه كلي على موارد النفط في إيرادات الميزانية العامة. ويظهر ذلك واضحاً أيضا في نسبة موارد النفط من الناتج المحلي الإجمالي، فمثلاً في عام 2010، كانت موارد النفط تمثل ما نسبته 92% من الناتج المحلي الإجمالي. أما في عام 2012، فقد شكلت الموارد النفطية ما نسبته 100% من الناتج المحلي الإجمالي. أي أن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل يتزايد باستمرار بدون خلق مصادر دخل جديدة.
وإذا كانت قواعد وأدبيات الإنفاق الأمثل تشير إلى عدم تجاوز الإنفاق الحكومي نسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن ما جرى في ليبيا بعيد عن هذا المعيار، حيث ارتفعت نسبة الإنفاق الحكومي من 56% في عام 2010، إلى 64% من الناتج المحلي الإجمالي الإسمي في عام 2014.
إقرأ أيضا: العراق في مواجهة زيادة الضرائب ورفع الدعم
وبحسب تقرير ديوان المحاسبة الليبي، فإن نفقات ليبيا على الخدمات والمشروعات العامة في الأعوام الماضية تكاد لا تذكر، مقارنة مع ارتفاع فاتورة الأجور والرواتب، ناهيك عن ارتفاع نسبة الديون. فقد زادت قيمة الديون بنسبة 171% من 8.56 مليارات دينار في عام 2010، إلى 23.27 مليار دينار في عام 2014، بمتوسط معدل زيادة قدرها 34.36% سنوياً.
وارتفعت المصروفات التسييرية من 3.19 مليارات دينار في عام 2010 إلى 11.14 مليار دينار في عام 2014، بمتوسط زيادة سنوية 49%، وإجمالي زيادة بنسبة 249%. وبذلك أصبحت النفقات التسييرية تمثل 20% من إجمالي الميزانية، مقارنة بنسبة 5.54% فقط في عام 2010.
في الوقت الذي انخفضت فيه مصروفات التنمية خلال نفس الفترة من 29.34 مليار دينار إلى 9 مليارات دينار، أي بنسبة 69%، أصبحت مخصصات التنمية لا تمثل أكثر من 15.8% من موازنة عام 2014، وهو ما ينذر بحصول كارثة اقتصادية ومالية في المدى القريب.
يقول مدير إدارة الأسواق المالية في مصرف ليبيا المركزي، مصباح العكاري، لـ"العربي الجديد": "إن الاقتصاد الليبي، ريعي بامتياز، إذ يعتمد على أكثر من 96% على منتج واحد وهو النفط. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتصاد الليبي يعاني من تدهور، وقد ارتفعت معدلات الإنفاق في ظل هبوط الإيرادات، كما ارتفعت فاتورة الدعم السلعي والمحروقات بشكل كبير، وارتفعت فاتورة أجور القطاع العام التي وصلت إلى أكثر من 36 مليار دينار، وهو ما يؤدي الى إرهاق الميزانية العامة في البلاد".
أزمة خانقة
وفق ما جاء في إفادة محافظ مصرف ليبيا المركزي في جلسة المؤتمر الوطني العام التي انعقدت بتاريخ 24/02/2014، فإن الإنفاق الفعلي في عام 2014، وصل إلى 46 مليار دينار، أما احتياطيات مصرف ليبيا المركزي فقد كانت 135 مليار دولار، في عام 2013، مقارنة بـ90 مليار دولار في شهر فبراير/شباط 2015، وهذا يعني أن الاحتياطيات قد انخفضت بمقدار 45 مليار دولار.
في هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي في المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي، رائد القمودي، إن ما يمر به الاقتصاد الليبي اليوم هو أزمة مالية خانقة، في ظل تسارع مضطرد ومخيف للأحداث التي أدت إلى انخفاض الإنتاج السنوي من النفط بنسبة قاربت 85%، بالإضافة إلى أن انهيار أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية بنسبة تجاوزت 65%، ما هو إلا تجسيد لأسوأ سيناريو أمام الاستدامة المالية، إذ إن الدولة أصبحت بالكاد قادرة على تمويل الإنفاق العام لفترة محدودة لا تتجاوز 18 شهراً.
ويضيف لـ"العربي الجديد": "إن إنتاج 300 ألف برميل من الصادرات النفطية لا يكفي لتجاوز البلاد حد الخطر، بل سيؤدي ذلك إلى حدوث عجز في الموازنة العامة، بقيمة تبلغ 30.9 مليار دينار، وهو ما يعني عدم قدرة الدولة على تمويل إنفاقها الحكومي لعام 2016، إلا في حالة اللجوء إلى الاقتراض الداخلي أو الخارجي".
ويتابع: "أما في حال ارتفاع مستوى الإنتاج إلى مليون برميل، فإن قيمة العجز ستكون بحدود 15 مليار دينار، وبالتالي يمكن تخطي جزء من الأزمة، بشرط الاستقرار السياسي، إذ لا يمكن أن تحل الأزمة المالية، إلا إذا عاد الإنتاج إلى مليون ونصف المليون برميل".
وبالمحصلة، فإن ما يمر به الاقتصاد الليبي، يأتي في ظل اعتماد الدولة بشكل شبه كلي على موارد النفط في إيرادات الميزانية العامة. ويظهر ذلك واضحاً أيضا في نسبة موارد النفط من الناتج المحلي الإجمالي، فمثلاً في عام 2010، كانت موارد النفط تمثل ما نسبته 92% من الناتج المحلي الإجمالي. أما في عام 2012، فقد شكلت الموارد النفطية ما نسبته 100% من الناتج المحلي الإجمالي. أي أن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل يتزايد باستمرار بدون خلق مصادر دخل جديدة.
وإذا كانت قواعد وأدبيات الإنفاق الأمثل تشير إلى عدم تجاوز الإنفاق الحكومي نسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن ما جرى في ليبيا بعيد عن هذا المعيار، حيث ارتفعت نسبة الإنفاق الحكومي من 56% في عام 2010، إلى 64% من الناتج المحلي الإجمالي الإسمي في عام 2014.
إقرأ أيضا: العراق في مواجهة زيادة الضرائب ورفع الدعم