09 نوفمبر 2024
الجديد في الالتحاق بالمدرسة
تهتم الصحف العربية في كل سنة بنشر تحقيقات عن "أول أيام المدرسة"، بحسب التقويم المدرسي في كل بلد. وجاء في معظم التي نشر منها أخيرا، مع عودة الطلبة إلى مدارسهم في الأيام القليلة الماضية، ما مفاده أن الأهل يجدون في التحاق طفلهم بالمدرسة للمرة الأولى تحدياً كبيراً، هو ترغيب الطفل بالمدرسة، ليتجاوز انفصاله عن حضن عائلته ودخوله مرحلة جديدة، وعالماً مختلفاً عن عالم البيت، يتطلب منه الاعتماد على النفس. وقالت آراءٌ إن العائلات التي تحضّر أحد أبنائها لدخول المدرسة للمرة الأولى، تشهد استنفاراً لتهيئة الطفل نفسياً ومعنوياً لتقبّل هذا العالم الجديد، في حين تولي إدارات المدارس أهميةً كبرى، لاستقبال هذه الفئة من الأطفال، وتعمل على تبديد هواجسهم، لتخطي الحواجز التي قد تحول بين الطفل وقبوله المدرسة.
هكذا، فإن لدخول المدرسة، في المرة الأولى، خصوصية تستوجب تحضيرات استثنائية، كما يرى "الخبراء والمتخصصون" الذين يقترحون، في موضوعات منشورة على الإنترنت، إجراءات تُرغّب الطفل في الذهاب إلى المدرسة، وخصوصا إغراءه بالنشاطات الممتعة التي سيلاقيها هناك؛ مثل الألعاب والقصص والأصدقاء.
وبمطالعة تلك الموضوعات الصحافية، ورقياً وعلى الإنترنت، تشعر بأنها ربما لا تنطبق كثيراً على أبنائنا، خصوصا من جهة الحديث عن قلقهم وتوترهم من المدرسة! وقد تذكرت ما قاله لي أحد الأصدقاء، قبل بدء الدراسة، إن ابنه الصغير الذي دخل المدرسة للمرة الأولى لم يكن يشعر بقلق، ولا بتوتر حيال فكرة الانخراط في المدرسة، بعيداً عن حضن البيت والعائلة، بل إنه ظل يسأل يومياً عمّا إذا كان "يوم المدرسة الأول" اقترب أم لا، وكان قد حضّر حقيبته المدرسية، التي انتقاها بنفسه، مبكّراً، وظل يجربها يومياً ليتأكد من صلاحيتها للمهمة المقبلة! ثم لما بدأت أيام المدرسة، صار يصعد حافلة مدرسته بفرح، ويحدّث أباه كل يوم بما أصابه من سرور في المدرسة.
بالطبع، ذلك لا يعني أن اليوم الدراسي الأول لم يعد مصحوباً بالتوتر، وربما البكاء والاستغراب من المكان الجديد، لكن ربما علينا أن نتساءل عن مدى صلاحية النظريات التربوية الدارجة لهذا الجيل الجديد، وكيف لنا أن نثق بالنصائح التربوية، حين نراها غير منطبقة على الواقع العملي! نعلم أن ذلك الكلام التربوي ظل منطبقاً على أجيال متتالية، كان أفرادها يصيحون في يومهم المدرسي الأول، طالبين إعادتهم إلى بيوتهم. ربما ينطبق هذا أيضاً على عدد من أطفال الجيل الحالي، لكنه بالتأكيد لا ينطبق عليهم جميعاً، وسأغامر بالقول إنه لا ينطبق على معظمهم، وهو ما يدفعنا إلى دعوة الخبراء والمتخصصين إلى ملاحظة هذه التغيرات، ودراسة أسبابها، وتقديم قراءات جديدة للحال الجديدة.
لقد عاش هذا الجيل، في سنواته الأولى، تجارب متنوعة ومكتظّة، من تعدّد الفضائيات إلى استعمال الكمبيوتر ووسائل الاتصال، بل وبرامج التواصل الاجتماعي، وهو ما انعكس بالضرورة على علاقته بالعالم من حوله، فصار أقلّ غربة عنه، وأقل دهشةً مما فيه، وبالتالي أكثر استعداداً للتعامل مع كل جديدٍ يواجهه. وقد جعله ذلك كله مقبلاً على الحياة من دون وجل أو تردّد.
سيظل اليوم الأول في المدرسة، طبعاً، ذا أهمية استثنائية، ويستقر في ذاكرة الطفل يوما تاريخيا له خصوصيته، لأنه بمثابة أول تجاربه المستقلة خارج البيت. لكن إذا كان تعاطي الأطفال مع تجاربهم الجديدة هذه بات مختلفاً عمّا عهدته الأجيال السابقة، فنحن اليوم في حاجةٍ لأن يسعف التربويون الآباء والأمهات بأفكار جديدة، وغير تقليدية، لتوظيف هذه "الطفرة" بشكل إيجابي، من أجل المستقبل.
هكذا، فإن لدخول المدرسة، في المرة الأولى، خصوصية تستوجب تحضيرات استثنائية، كما يرى "الخبراء والمتخصصون" الذين يقترحون، في موضوعات منشورة على الإنترنت، إجراءات تُرغّب الطفل في الذهاب إلى المدرسة، وخصوصا إغراءه بالنشاطات الممتعة التي سيلاقيها هناك؛ مثل الألعاب والقصص والأصدقاء.
وبمطالعة تلك الموضوعات الصحافية، ورقياً وعلى الإنترنت، تشعر بأنها ربما لا تنطبق كثيراً على أبنائنا، خصوصا من جهة الحديث عن قلقهم وتوترهم من المدرسة! وقد تذكرت ما قاله لي أحد الأصدقاء، قبل بدء الدراسة، إن ابنه الصغير الذي دخل المدرسة للمرة الأولى لم يكن يشعر بقلق، ولا بتوتر حيال فكرة الانخراط في المدرسة، بعيداً عن حضن البيت والعائلة، بل إنه ظل يسأل يومياً عمّا إذا كان "يوم المدرسة الأول" اقترب أم لا، وكان قد حضّر حقيبته المدرسية، التي انتقاها بنفسه، مبكّراً، وظل يجربها يومياً ليتأكد من صلاحيتها للمهمة المقبلة! ثم لما بدأت أيام المدرسة، صار يصعد حافلة مدرسته بفرح، ويحدّث أباه كل يوم بما أصابه من سرور في المدرسة.
بالطبع، ذلك لا يعني أن اليوم الدراسي الأول لم يعد مصحوباً بالتوتر، وربما البكاء والاستغراب من المكان الجديد، لكن ربما علينا أن نتساءل عن مدى صلاحية النظريات التربوية الدارجة لهذا الجيل الجديد، وكيف لنا أن نثق بالنصائح التربوية، حين نراها غير منطبقة على الواقع العملي! نعلم أن ذلك الكلام التربوي ظل منطبقاً على أجيال متتالية، كان أفرادها يصيحون في يومهم المدرسي الأول، طالبين إعادتهم إلى بيوتهم. ربما ينطبق هذا أيضاً على عدد من أطفال الجيل الحالي، لكنه بالتأكيد لا ينطبق عليهم جميعاً، وسأغامر بالقول إنه لا ينطبق على معظمهم، وهو ما يدفعنا إلى دعوة الخبراء والمتخصصين إلى ملاحظة هذه التغيرات، ودراسة أسبابها، وتقديم قراءات جديدة للحال الجديدة.
لقد عاش هذا الجيل، في سنواته الأولى، تجارب متنوعة ومكتظّة، من تعدّد الفضائيات إلى استعمال الكمبيوتر ووسائل الاتصال، بل وبرامج التواصل الاجتماعي، وهو ما انعكس بالضرورة على علاقته بالعالم من حوله، فصار أقلّ غربة عنه، وأقل دهشةً مما فيه، وبالتالي أكثر استعداداً للتعامل مع كل جديدٍ يواجهه. وقد جعله ذلك كله مقبلاً على الحياة من دون وجل أو تردّد.
سيظل اليوم الأول في المدرسة، طبعاً، ذا أهمية استثنائية، ويستقر في ذاكرة الطفل يوما تاريخيا له خصوصيته، لأنه بمثابة أول تجاربه المستقلة خارج البيت. لكن إذا كان تعاطي الأطفال مع تجاربهم الجديدة هذه بات مختلفاً عمّا عهدته الأجيال السابقة، فنحن اليوم في حاجةٍ لأن يسعف التربويون الآباء والأمهات بأفكار جديدة، وغير تقليدية، لتوظيف هذه "الطفرة" بشكل إيجابي، من أجل المستقبل.