الحرب تدفع أطفال سورية إلى العمل بدلاً من الدراسة

الأناضول

avata
الأناضول

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
17 ديسمبر 2014
FF8B326C-0ADA-4670-A361-1C890F40E5C1
+ الخط -


أجبرت الحرب المستمرة، التي يشنها النظام على المعارضة في سورية، منذ أكثر من 3 سنوات، الأطفال على العمل مبكرا لإعالة عوائلهم، فانغمست الأصابع الغضة في أعمال شاقة من اختصاص الكبار، وجعلتهم يجوبون على أقدامهم دكاكين العمل، عوضا عن الجلوس على مقاعد الدراسة في المدارس، كي يتعلموا فيها.

وحولت الأوضاع السيئة في البلاد، مع مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، عددا كبيرا من الأطفال إلى أيتام، فقدوا من يعيلهم، فانطفأت الشموع، واضطرت الأجساد الصغيرة إلى تحمل مشاق العمل من عمر مبكر، وكأنه قدر أبى إلا أن يمنعهم من الإسهام في بناء مستقبل مشرق لبلادهم بعد الدمار الكبير.

وأسفرت الحرب المتواصلة إلى حدوث إعاقات لدى المقاتلين، وتوقف الحياة الاقتصادية، وفشل بعض العائلات عن النزوح واللجوء، مما دفعهم إلى البحث عن وسائل للحياة والعيش، وكل واحد يحمل مأساة وقصة، وإن اختلفت تفاصيلها، إلا أنها تتشابه، فالمأساة في النهاية تحولت إلى كارثة.

وتنتشر ظاهرة عمالة الأطفال بشكل كبير في ريف محافظتي إدلب وحماة، بسبب الفقر وصعوبة الحياة المعيشية، حيث أتت الحرب على أرزاق الناس، ومن بينهم من كان يعتمد على العمل في لبنان، فانقطعت الحدود، فضلا عن وفاة المعيل.

وأفاد الطفل صالح، وهو ابن لأحد مقاتلي الجيش الحر، من منطقة كفر نبودة بريف حماة الشمالي، لمراسل الأناضول، بأن الحرب أقعدت والده، بسبب إصابته في المعارك الدائرة في البلاد، فلم يبق معيل للأسرة سواه، فهو أكبر إخوته، وأهله بانتظاره من أجل الاستمرار في الحياة، بسبب الإصابة التي تعرض لها رب الأسرة.

من ناحيته، قال الطفل علي، إنه "من عائلة نزحت من قرية (جبالا) بجبل الزاوية في ريف إدلب، وذلك بسبب القصف العنيف الذي تتعرض له بلدتهم"، وأنهم تركوا منازلهم وأرزاقهم هربا من الموت، وهو الآن يساعد والده في العمل لتأمين لقمة عيشهم.

أما الطفل أحمد، وهو يعمل (أجيرا) عند مصلّح إطارات الدرجات النارية (كومجي)، ففقد أخاه الأكبر في معارك حلب، ووالده متواجد خارج البلاد، ولا يستطيع العودة من لبنان، لأنه مطلوب لقوات النظام، بسبب مشاركة أخيه في القتال مع الجيش الحر، فلم يعد لأسرته معيل غيره، فاضطر إلى العمل عوضا عن الاستمرار في التعليم.

وكذلك الطفلان الأخوان محمد وأحمد، فهما يجوبان بلدة كفر نبودة من الصباح حتى المساء، سيرا على الأقدام، من أجل بيع الشيبس (بطاطا مقلية)، من أجل مساعدة والدهم في تأمين لقمة العيش، حيث يتقاضى والدهم راتبا صغيرا، لكونه عامل نظافة، والراتب لا يكفي حاجاتهم، مما دفعهم إلى مساعدته.

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قد قالت في تقرير صدر بمناسبة اليوم العالمي للطفل قبل نحو شهر، إن الحرب المستمرة في البلاد منذ 3 سنوات ونصف، واستهداف النظام للمدنيين، أسفرت عن مقتل 17 ألفا و723 طفلا في سورية، منهم 17 ألفا و268 طفلا قتلهم النظام، فيما بلغ عدد الأطفال المعتقلين من قبله، أكثر من 9500 طفل، فيما أكثر من 1600 طفل مختفٍ قسرياً. كما أشارت الشبكة إلى إصابة ما لا يقل عن 280 ألف طفل، مقدرة أعداد النازحين من الأطفال بأكثر من 4.7 ملايين طفل داخل البلاد، إضافة إلى 2.9 مليون طفل لاجئ خارج البلاد، حرم أكثر من 1.3 مليون منهم من التعليم.

كما وثق التقرير تضرر ما لا يقل عن 3942 مدرسة، مما تسبب في حرمان 2 مليون طفل داخل سورية من التعليم، فيما تشير الأرقام إلى أن عدد الأيتام في سورية بلغ 22 ألفا و846 طفلا، منهم يتامى من جهة الأب 18273 طفلاً، قتل آباؤهم على أيدي قوات النظام، فيما وصل عدد اليتامى من جهة الأم نحو 4573 طفلاً.

وفي الإطار نفسه، قال عضو الهيئة السياسية السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض، الدكتور أحمد جقل، "إن حرب النظام على المطالبين بالحرية، شمل كل شيء بمن فيهم الأطفال، ولم تفرق قذائفه وبراميله بين المدنيين من نساء وأطفال وعجائز، فأسفرت عملياته عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين، وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها".

وأضاف في تصريحات لـ"الأناضول"، اليوم الأربعاء، "نتيجة تردي الأوضاع في البلاد جراء الدمار والخراب، دفع الأطفال ثمنا باهظا لبطش النظام، فخلفت الحرب إعاقات دائمة للآباء، إضافة إلى تيتم عدد كبير من الأطفال، ومع فقدان المواد الأساسية والغذائية مع الظروف السابقة، اضطر الأطفال إلى العمل".

ووصف جقل عمالة الأطفال بأنها "زج الأطفال وإجبارهم على العمل في عمر هم بحاجة فيه إلى العطف والحنان والدراسة، لا لشقاء العمل بسبب الأوضاع المتردية، حيث فرضت قسوة النظام عليهم نمطا جديدا من الحياة، واستبدلت نعومة الحياة بشدة، حيث إنه من الطبيعي ألا يقبل الآباء بعمالة أبنائهم، إلا أن ممارسات النظام أجبرتهم على تجرع الأطفال مرارة الحياة مبكرا"، على حد وصفه.

من جهة ثانية، انتقد جقل "الدول الغربية التي تعرقل الحل في سورية، وتساهم في استمرار النظام دون منعه من ممارساته، حيث يتمتع أطفالهم بالعيش في سلام ورفاهية، فيما يرقد أطفال سورية منهكين، وينامون والدموع في أعينهم، مستبدلين ألعابهم بأدوات العمل، وبدلا من تنمية مواهبهم، ينشغلون بإعالة أهاليهم".

وطالب جقل "كل المخلصين للشعب السوري بالدفع من أجل حل الأزمة في سورية بزوال النظام، ليتخلص الأطفال من واقعهم المرّ الذي فرضه عليهم، ولينعم الأطفال بذلك بمستقبل جيد كما يجب أن يكون، وأن تصبح المدارس التعليمية هدفهم وعوانهم فقط".

ومنذ منتصف مارس/آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عاماً من حكم عائلة الأسد الديكتاتوري، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة. غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سورية إلى معارك دموية بين القوات النظامية وقوات المعارضة، حصدت أرواح أكثر من 200 ألف شخص، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، بينما تتحدث مصادر المعارضة عن مقتل أكثر من 300 ألف سوري خلال الأزمة.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
المساهمون