بعد انطلاقة الثورة التونسية، ورفع شعارات اقتصادية واجتماعية في الساحات، احتلّ خبراء الاقتصاد على اختلاف ميولهم الفكرية والحزبيّة مساحة هامة في المشهد الإعلاميّ، ليدخل خطابهم في الرتابة والتكرار وينصهر مع الأجندات السياسيّة لمختلف الأطياف السياسيّة. بعيدا عن الأضواء، راح جيل جديد من الخبراء والباحثين الجامعيّين يحاول أن يوصل صوته للمتلقّين لكنّ الازدحام الإعلامي حال دون خروج هذا الجيل من الظلّ.
يرى الباحث والخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي أنّ أغلب الخبراء الحاليّين الذين يسيطرون على المشهد الإعلامي التونسي يتعاملون مع الأرقام بقراءة مجرّدة يغيب عنها البعد التحليليّ. ويضرب كمثال التعامل مع معدّل نسبة البطالة أو الفقر، أو التضخّم، حيث يكتفي هؤلاء بمعدّل عام يخفي الفارق بين الجهات أو الفئات العمريّة أو الجنس أو طبيعة المواد الاستهلاكيّة. ليستطرد الباحث الشاب في مجال الماليّة قائلاً إنّ هذا التعامل السطحيّ يعمّق من المشاكل الاقتصاديّة المتراكمة، ويعمي صنّاع القرار عن حقيقة الأوضاع التي تخفيها تلك النسب المعدّلة.
يضيف السوسي أنّه لا يقلّل البتّة من القيمة العلمية والأكاديميّة للخبراء الحاليّين، ولكن تطوّر العلوم الاقتصاديّة والممارسة اليوميّة لمهنة التدريس والتعامل اليومي مع الطلبة الذين ينقلون رؤاهم كمستهلكين وضحايا للأزمة الاقتصاديّة يجعل من الجيل الجديد أكثر قابليّة لتلبية انتظارات المشاهدين وعموم النّاس، حيث يعجز المواطن عن فهم التحاليل العلميّة والمصطلحات التقنية والتي يعجز الجيل القديم عن ترجمتها نحو لغة الشعب السلسة والمفهومة.
أما الخبير الشاب في المجال الجبائيّ، نزار قرّافي، فيشرح أن الإعلام يركّز على أسماء دون أخرى، لمصالح متقاطعة أو ربّما لجهل بثراء الساحة وتنوّعها "حيث تزخر تونس بطاقات شابة من الخبراء المتمكّنين من مجال دراستهم أو عملهم لكن أصواتهم وأفكارهم تظلّ مكتومة نتيجة التجاهل".
الباحث الشاب في العلوم الاجتماعيّة، الدكتور ناصف العمدوني يرى أن الفصل بين علم الاجتماع والعلوم الاقتصاديّة، سواء في التناول الإعلاميّ أو في رسم السياسات الاقتصاديّة للدولة، يمثّل العقبة الأساسية أمام الخروج من الدائرة المغلقة للفشل الاقتصاديّ في تونس. ليضيف أنّ الارتباط عضويّ وشامل بين تردّي الوضع الاقتصاديّ وتفككّ المجتمعات وانتشار عدد من الظواهر الاجتماعيّة على غرار الفردانيّة والفساد والنزوع نحو الكسب السريع وغير المشروع.
ويؤكّد على أنّ الاضطرابات الاجتماعيّة على غرار التحرّكات الاحتجاجيّة وتفشّي الفقر في تونس الذي وصل في بعض المناطق إلى نسبة 24%، إضافة إلى البطالة التي تطاول ثلث الشباب، تعود بالأساس إلى السياسة الاقتصاديّة للدولة التي تتجاهل البعد الاجتماعيّ في مخطّطاتها السنويّة أو قراراتها السياسيّة والاقتصاديّة. ولعلّ أبرز مثال، كما أشار محدّثنا، ما أقدمت عليه الحكومة التونسيّة في موازنة السنة الحالية من إيقاف الانتدابات في القطاع العموميّ وتخفيض الدعم في عدد من المواد الاستهلاكيّة والمحروقات ورفع الضرائب. هذه الإجراءات قد تبدو ناجعة لإنعاش خزينة الدولة، لكنّها على الصعيد الاجتماعيّ والاقتصاديّ ستمثّل كارثة على الفئات محدودة الدخل.
في ذات السياق، يضيف الباحث الشاب في المدرسة العليا للعلوم الاقتصاديّة بتونس عماد بن سليمان، أنّ الخيارات المطروحة من قبل خبراء السلطة والمعارضة تتماهى مع أجندات الأحزاب الموالين لها، حيث تستنسخ الدراسات النظريّة والقوالب الإيديولوجية الجاهزة وتُسقط على الاقتصاد المحليّ. ليضيف أنّ جيل الخبراء القديم يعتمد على المسميات البرّاقة على غرار الاشتراكيّة وتقسيم الثروة، أو تمجيد تحرير السوق والخصخصة دون العودة إلى بحوث ودراسات هيكلة الاقتصاد المحليّ وقدرته على التكيّف مع هذين النمطين. كما يتعامى هؤلاء عن تجارب رائدة ونظريات جديدة حول الاقتصاد الإنساني وتدعيم الدور الحمائيّ للدولة دون السقوط في المركزية المفرطة.
اقرأ أيضاً: تونس: في العام 2016 ...إصلاح اقتصادي أو خراب اجتماعي؟
يرى الباحث والخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي أنّ أغلب الخبراء الحاليّين الذين يسيطرون على المشهد الإعلامي التونسي يتعاملون مع الأرقام بقراءة مجرّدة يغيب عنها البعد التحليليّ. ويضرب كمثال التعامل مع معدّل نسبة البطالة أو الفقر، أو التضخّم، حيث يكتفي هؤلاء بمعدّل عام يخفي الفارق بين الجهات أو الفئات العمريّة أو الجنس أو طبيعة المواد الاستهلاكيّة. ليستطرد الباحث الشاب في مجال الماليّة قائلاً إنّ هذا التعامل السطحيّ يعمّق من المشاكل الاقتصاديّة المتراكمة، ويعمي صنّاع القرار عن حقيقة الأوضاع التي تخفيها تلك النسب المعدّلة.
يضيف السوسي أنّه لا يقلّل البتّة من القيمة العلمية والأكاديميّة للخبراء الحاليّين، ولكن تطوّر العلوم الاقتصاديّة والممارسة اليوميّة لمهنة التدريس والتعامل اليومي مع الطلبة الذين ينقلون رؤاهم كمستهلكين وضحايا للأزمة الاقتصاديّة يجعل من الجيل الجديد أكثر قابليّة لتلبية انتظارات المشاهدين وعموم النّاس، حيث يعجز المواطن عن فهم التحاليل العلميّة والمصطلحات التقنية والتي يعجز الجيل القديم عن ترجمتها نحو لغة الشعب السلسة والمفهومة.
أما الخبير الشاب في المجال الجبائيّ، نزار قرّافي، فيشرح أن الإعلام يركّز على أسماء دون أخرى، لمصالح متقاطعة أو ربّما لجهل بثراء الساحة وتنوّعها "حيث تزخر تونس بطاقات شابة من الخبراء المتمكّنين من مجال دراستهم أو عملهم لكن أصواتهم وأفكارهم تظلّ مكتومة نتيجة التجاهل".
الباحث الشاب في العلوم الاجتماعيّة، الدكتور ناصف العمدوني يرى أن الفصل بين علم الاجتماع والعلوم الاقتصاديّة، سواء في التناول الإعلاميّ أو في رسم السياسات الاقتصاديّة للدولة، يمثّل العقبة الأساسية أمام الخروج من الدائرة المغلقة للفشل الاقتصاديّ في تونس. ليضيف أنّ الارتباط عضويّ وشامل بين تردّي الوضع الاقتصاديّ وتفككّ المجتمعات وانتشار عدد من الظواهر الاجتماعيّة على غرار الفردانيّة والفساد والنزوع نحو الكسب السريع وغير المشروع.
ويؤكّد على أنّ الاضطرابات الاجتماعيّة على غرار التحرّكات الاحتجاجيّة وتفشّي الفقر في تونس الذي وصل في بعض المناطق إلى نسبة 24%، إضافة إلى البطالة التي تطاول ثلث الشباب، تعود بالأساس إلى السياسة الاقتصاديّة للدولة التي تتجاهل البعد الاجتماعيّ في مخطّطاتها السنويّة أو قراراتها السياسيّة والاقتصاديّة. ولعلّ أبرز مثال، كما أشار محدّثنا، ما أقدمت عليه الحكومة التونسيّة في موازنة السنة الحالية من إيقاف الانتدابات في القطاع العموميّ وتخفيض الدعم في عدد من المواد الاستهلاكيّة والمحروقات ورفع الضرائب. هذه الإجراءات قد تبدو ناجعة لإنعاش خزينة الدولة، لكنّها على الصعيد الاجتماعيّ والاقتصاديّ ستمثّل كارثة على الفئات محدودة الدخل.
في ذات السياق، يضيف الباحث الشاب في المدرسة العليا للعلوم الاقتصاديّة بتونس عماد بن سليمان، أنّ الخيارات المطروحة من قبل خبراء السلطة والمعارضة تتماهى مع أجندات الأحزاب الموالين لها، حيث تستنسخ الدراسات النظريّة والقوالب الإيديولوجية الجاهزة وتُسقط على الاقتصاد المحليّ. ليضيف أنّ جيل الخبراء القديم يعتمد على المسميات البرّاقة على غرار الاشتراكيّة وتقسيم الثروة، أو تمجيد تحرير السوق والخصخصة دون العودة إلى بحوث ودراسات هيكلة الاقتصاد المحليّ وقدرته على التكيّف مع هذين النمطين. كما يتعامى هؤلاء عن تجارب رائدة ونظريات جديدة حول الاقتصاد الإنساني وتدعيم الدور الحمائيّ للدولة دون السقوط في المركزية المفرطة.
اقرأ أيضاً: تونس: في العام 2016 ...إصلاح اقتصادي أو خراب اجتماعي؟