وكان لافتاً، خلال الأيام الأخيرة بالمغرب، توالي وفيات مفاجئة طاولت رجال أمن بدون أسباب صحية ظاهرة، ولا أمراض داخلية يعانون منها، وفق إفادات أسرهم وأصدقائهم، وبحسب إفادات الأطباء.
وتوفي، قبل أيام قليلة، شرطي بمدينة الدار البيضاء، كان قد أنهى دوامه الليلي لتوه، وحين بدت تباشير الصباح ذهب إلى المقهى لارتشاف قهوته، إلى جانب زميله، قبل أن يغفو غفوة لم يستفق بعدها.
واعتقد زميل الشرطي المتوفى أن النوم داعب جفون صديقه بعد ليل طويل في العمل، وفق ما رصدته كاميرا المقهى وتم نشره في موقع "يوتوب" بعد ذلك، فحاول تسوية رأسه قبل أن يتأكد رفقة آخرين أن الأمر يتعلق بوفاة مفاجئة لزميله الشرطي.
وقبل رجل الأمن المتوفى فجأة بالدار البيضاء، توفي شرطي شاب كان يمارس الرياضة في قاعة رياضية بمدينة بيوكري جنوب المملكة، دون أن يكون مصاباً بأي مرض، حيث داهمته ذبحة صدرية أوقفت حياته على الفور.
شرطي آخر داهمته الوفاة بشكل مفاجئ داخل منزله في مدينة البيضاء، دون أن يشتكي المتوفى من مشاكل صحية من قبل، وهو ما فسره مهتمون بأنها وفيات تنجم عن ضغوطات مهنية متوالية ومرتفعة.
ويقول رجل أمن فضل عدم الكشف عن هويته في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مهنة الشرطي شاقة وصعبة، ويمكن أن تؤثر نفسياً على رجل الأمن إذا لم يستطع التوفيق بين مهامه ومسؤولياته وبين ما يعيشه في المجتمع وداخل أسرته من مشاكل أخرى.
وأردف المتحدث، إن الشرطي غالباً ما يمكنه تحدي الصعاب والحواجز، ويتكيف مع مهنته بشكل طبيعي، لكن ما يؤثر عليه حقاً هو عندما تتكالب ضده مشاكل الأسرة من زوجة وأبناء، أو مشاكل مالية، حينها تلتقي مع ضغوطات المهنة الصعبة، فتحدث الوفاة المفاجئة.
الباحث النفسي، محمد قجدار، يقول لـ"العربي الجديد"، إن مهنة الشرطي معروفة بكثرة ضغوطاتها الداخلية، حيث يلزم رجل الأمن بالانصياع والانضباط الكامل، وعدم الاحتجاج والتشكي، بخلاف مهن كثيرة، وهو ما يخلق لدى بعضهم ترسبات صحية تؤثر على حياتهم.
وزاد المتحدث، إن هذا لا يعني أن مهنة الأمني وحدها المعرضة للضغوطات النفسية، ووحدها التي تؤدي إلى ذبحات صدرية، أو تفضي إلى أمراض نفسية وجسدية، بل هناك مهن أخرى، من قبيل التدريس.
ويشرح المصدر، إن التدريس مهنة شريفة ونبيلة، لكن ضغوطاتها النفسية التي يعيشها المعلم أو الأستاذ تجعلها مهنة خطيرة على صحة وعقل ممارسيها، مشيراً إلى أن عدداً من المعلمين يعرفهم أصيبوا باضطرابات نفسية وعصبية بسبب طول ممارستهم المهنة.