مصادر خاصة قالت لـ"العربي الجديد" إن "حالات تسمّم عدة شهدتها محافظات سورية نتيجة استهلاك السلع المغشوشة والمنتهية الصلاحية، كان آخرها حالات تسمم أول من أمس، في مدينة حماة وسط سورية".
وتؤكد أن الأسواق تعيش "فوضى عارمة نتيجة غياب الرقابة واستغلال التجار احتياجات السوريين خلال شهر رمضان... يوجد فروج لونه مائل إلى الزرقة ولحوم مفرومة لا نعرف مكوناتها، فضلاً عن بيع أغذية مكشوفة مجرثمة".
لكن مسؤولي نظام بشار الأسد، كالعادة، ينفون وجود تلك "التشوّهات" في الأسواق السورية، حسبما تقول المصادر، إذ أكد مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق ماهر ريا، اليوم الأربعاء، إجراء حملات يومية مكثفة من دوريات محافظة دمشق على مختلف أسواق دمشق لضبط أي منتجات مخالفة للمواصفات والمعايير الفنية بالنسبة لمختلف السلع والمواد الغذائية، خصوصاً المنتشرة على البسطات أو غير المغلفة، التي قد تتسبب بنتائج سلبية على المواطن.
وكشف ريا عن تنظيم 90 ضبطاً صحياً خلال يومين ونحو 800 ضبط مخالفة صحية منذ بداية شهر رمضان، شملت مختلف المخالفات الناجمة عن عدم النظافة أو عدم الالتزام بالشروط الصحية وسلامة الغذاء.
ونفى مدير الشؤون الصحية ما يشاع من البعض عن ضبط المديرية "تمراً مجرثماً" في الأسواق، وتسبيبه حالات مرضية أو إصابات تسمم، مشيراً إلى ضبط 300 كيلوغرام من الفروج النيء الناعم (من عظام الفروج)، علماً أنه مخالف ويمنع بيعه، ولفت إلى سحب 40 عيّنة من العصائر من الأسواق، منها 8 عينات مخالفة، علماً أن تأثيراتها وضررها محدود.
وتشير مصادر رسمية في دمشق إلى أن أكثر من 150 ضبطاً تموينياً لمخالفات، سجّلته مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حماة منذ بداية شهر رمضان.
وحسب تقرير المديرية، فقد تم ضبط معملين للأجبان والألبان يقوم صاحبهما باستخدام الحليب المجفف مسحوب الدسم والغش عبر استخدام النشاء، بالإضافة إلى ضبط معمل لصناعة الزعتر يقوم صاحبه، حسب اعترافه، باستخدام العيدان ونواتج غربلة اليانسون في صناعة الزعتر.
وتمت مصادرة مواد إغاثية من محلين يتعاملان بها، ومصادرة سمن وزيوت مجهولة المصدر وإتلاف كميات كبيرة من مواد غذائية منتهية الصلاحية.
وبالنسبة إلى اللحوم، تم ضبط مستودع للفروج المثلج مدوّن على الكراتين أنه إنتاج الولايات المتحدة، كما تم بالتعاون مع إحدى الجهات المعنية ضبط مسلخ سري يقوم بذبح الأغنام من دون أي رقابة صحية، وآخر يقوم بذبح إناث أغنام العواس خارج المسلخ، وتم إتلاف بقرة مذبوحة ومختومة بأختام مزورة محملة في سيارة بعد أن تبين أنها فاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري، وقد أحيل المخالفون إلى القضاء.
كذلك سجّلت المديرية 4 محاضر ضبط لعمليات نقع الفروج بالماء، وتم إتلاف كمية كبيرة من جلد الفروج معبّأة ضمن أكياس في مطعم ليتم فرمها مع كباب الفروج.
المحلل محمود حسين يقول: "ربما يضطر السوريون، نتيجة الفقر، لاستهلاك سلع مغشوشة أو مشكوك بسلامتها، لأن دخولهم لا تمكنهم من شراء اللحوم والسلع الطازجة".
حسين قال لـ"العربي الجديد" إن "تكلفة الوجبة الرمضانية في سورية لا تقل عن 3 آلاف ليرة سورية مهما تقشفت الأسرة، فعلى سبيل المثال، يبلغ سعر كيلو لحم الخروف بين 6 و7 آلاف ليرة وسعر كيلو الباذنجان 250 ليرة والخيار 250 ليرة وأسعار الفواكه بين 400 و700 ليرة، ما يعني أن الحد الأدنى لمعيشة الأسرة، بين 150 و200 ألف ليرة، في حين لا يصل مستوى الدخل إلى أكثر من 35 ألف ليرة".
مدير المكتب المركزي للإحصاء في دمشق إحسان عامر، تحدث في الآونة الأخيرة عن نتائج دراستين تم إجراؤهما عن الأمن الغذائي عامَي 2015 و2017 مع هيئة تخطيط الدولة، حيث قال: "هذان المسحان ليسا لمعرفة مؤشر خط الفقر، كما تداول بعض الباحثين، بل بهدف واحد هو معرفة نسبة الآمنين غذائياً ونسبة غير الآمنين، وما بين هؤلاء وأولئك الذي يقعون في منطقة الهشاشة، وفي تلك المنطقة من يمكن أن يهبط إلى منطقة غير الآمن غذائياً أو يرتفع إلى منطقة الآمن".
وكانت نسبة الآمنين غذائياً 23% فقط، بينما غير الآمنين 33%، أما الواقعون في منطقة الهشاشة فبلغت نسبتهم 46%، بعدما بلغت عام 2017 نسبة غير الآمنين 31%.
من جهته، قال تقرير المكتب الإحصائي الحكومي في دمشق: "هناك أسر تحصل على وجبة واحدة يومياً، وأخرى تحصل على وجبتين، وهناك من يأكل خبزاً وشاياً".