مضت أربع سنوات على اندلاع ثورة الشباب اليمني السلمية ضد نظام صالح، والتي انطلقت في الحادي عشر من فبراير/شباط 2011. لكن الواقع اليوم يبدو أشبه بعودة إجبارية إلى المربع الأول. إذ ما تزال تتواصل منذ أيام احتجاجات الشارع اليمني في عدة محافظات، ليس ضد نظام صالح، كما كان عليه الأمر قبل أربع سنوات، وإنما ضد حلفائه السريّين، جماعة "أنصار الله" الحوثيين الذين انقلبوا على "الشرعية"، ودفعوا بالشباب للخروج مجدداً إلى الساحات.
كان 20 يناير/كانون الثاني 2015، يوماً حاسماً في تأريخ الثورة المضادة، إذ أقدم مسلحو جماعة الحوثي على الانتقام ممن ثاروا ضد نظام صالح من القوى والجماعات والتكوينات الشبابية والشعبية، على السيطرة على دار الرئاسة في صنعاء ومحاصرة الرئيس هادي في منزله وفرض إقامة جبرية على رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، الأمر الذي دفع بالرئيس هادي ورئيس حكومة الكفاءات خالد بحاح إلى تقديم استقالاتهما احتجاجاً على الطريقة غير القانونية التي يتبعها الحوثيون من أجل الحصول على بعض المكاسب الخاصة بالتعيينات والموارد والتحكم في القرار العام.
يسرد الصحافي زياد الجابري لـ (جيل العربي الجديد) حكاية الأحداث الأخيرة في صنعاء، والتي قال إنها "جزء تكميلي من سيناريو "ثورة مضادة" لثورة الشباب الذين خرجوا اليوم إلى الساحات مجدداً للحفاظ على مكاسب ثورتهم". ويوضح الجابري "حين حاصرت الجماعة الرئيس هادي في منزله، وخاضت مواجهات مسلحة مع حراسته الخاصة، خلّفت عشرات القتلى والجرحى، وصل الحوثيون هنا إلى قمة الاستهتار بالشرعية وباليمن واليمنيين".
يرى المراقبون أن مراحل الثورة المضادة في اليمن مرت وما تزال بمراحل، كما هي مراحل ثورة فبراير الشبابية السلمية التي أزاحت صالح عن الحكم. ومع انشغال الأطراف اليمنية بتنفيذ مراحل التحول السياسي السلس في البلاد، ظلت جماعة الحوثي تتهرب من تنفيذ بعض الاستحقاقات. لكن آخرين أشاروا إلى أخطاء كثيرة ارتكبتها قوى الثورة الشبابية والسياسية، وتحديداً تكتل "اللقاء المشترك"، وهي أخطاء غالباً ما كانت متصلة بفساد مالي وإداري وإقصاءات ومحاولات سيطرة وتهميش، استفاد منها المثار ضدهم صالح وحلفاؤه.
وطوال فترة المرحلة الانتقالية، ظلت جماعة الحوثي المسلحة وبالتنسيق مع أنصار صالح، تقوم بتنفيذ أنشطة عسكرية معطلة للمسار السياسي، وما هذا إلا سيناريو لثورة مضادة، اتضح أكثر في تواطؤ قوى محلية وإقليمية لإدخال الحوثيين إلى صنعاء، ومساعدتهم في الانتشار في بعض المحافظات، وها هو يكتمل من خلال إجبار الرئيس هادي على تقديم استقالته وإدخال البلد في حالة فراغ دستوري تكون فيه جماعة الحوثي قد فرضت وجودها. لكن الشباب اليمني الذي خرج إلى الساحات اليوم ما يزال يقظاً، وما يزال قادراً على المحافظة على مكتسبات ثورته.
(اليمن)