أما سعر الصرف في البنوك المصرية الحكومية والخاصة، فقد تراوح اليوم سعر شراء الدولار بين 16.15 و16.17 جنيها والبيع بين 16.25 و 16.27 جنيها.
وبذلك بلغ تراجع الجنيه نحو 61 قرشا أمام الدولار الذي وصل سعر شرائه في أوائل مارس/آذار الماضي نحو 15.55 جنيها.
عودة السوق السوداء
وقال عدد من المتعاملين في سوق الصرف، لوكالة "رويترز"، إن السوق السوداء شهدت خلال الأيام الماضية مضاربات عنيفة على الدولار.
ووصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى 17.15 جنيها مطلع الأسبوع، قبل أن يعاود التراجع وسط انسحاب الطلبات ويسجل بنهاية يوم الأحد 16.90 جنيها، وفقا لعدد من المتعاملين.
وقال أحد المتعاملين لـ"رويترز"، رافضا نشر اسمه، "المضاربون بالغوا في التحرك لتحقيق مكاسب، ولو استمر نفس الاتجاه الذي حدث بنهاية يوم أمس (الأحد) فسنرى انهيارا في سعر السوق السوداء بنفس وتيرة الارتفاع... غالبية الطلبات قادمة من صغار المستوردين وشركات استيراد السلع ذات الدورة السريعة".
وطالب مجدي الوليلي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، الحكومة بسرعة التدخل لوقف ظاهرة الدولرة التي عاودت الظهور من جديد مما قد يتسبب في أزمة.
وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس، إن "الضغط على الجنيه مرتبط بأمد استمرار تراجع الموارد الدولارية للبلاد، وخاصة من السياحة وتحويلات المصريين في الخارج... في فاروس نتوقع تسجيل الدولار مستوى 17 جنيها بنهاية العام".
18 جنيهاً للدولار
وقال هاني توفيق، الرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر، لوكالة "رويترز"، إنني "أتوقع استمرار تراجع الجنيه حتى يصل إلى مستوى 18 جنيها بنهاية العام في السوق الرسمية... السوق الموازية للدولار عادت من جديد مع نقص العملة... السعر وصل الخميس الماضي إلى 16.75 جنيها مقابل الدولار".
وتوقعت مذكرة بحثية لبنك إتش. إس. بي. سي، الأسبوع الماضي، أن يسجل سعر صرف العملة 16.5 جنيها للدولار في الأسابيع المقبلة و17.5 جنيها بنهاية العام، بدلا من 17 جنيها في التوقعات السابقة، مع ميل نحو وتيرة انخفاض أشد في النصف الثاني.
وأضافت المذكرة أن البيانات تسلط الضوء على ضغوط جائحة كوفيد-19، حيث تظهر أن البنك المركزي والبنوك التجارية سحبت أكثر من 21 مليار دولار من أصولهم الأجنبية في مارس/ آذار وإبريل/ نيسان، للإبقاء على العملة مستقرة في مواجهة نزوح مطرد لرؤوس الأموال.
ويقول محمد بدير، العضو المنتدب لبنك عودة مصر، إن "تراجع الجنيه المصرى مرتبط بأزمة فيروس كورونا وتداعياتها"، متوقعا أن يكون الانخفاض في سعر الجنيه مرحليا نتيجة تلك الظروف وأن تتجاوز العملة لاحقا هذه الضغوط.
ويتفق معه إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية، في أن السبب الرئيسي لتراجع الجنيه مقابل الدولار هو تداعيات كورونا، لكنه يعزو تراجع الجنيه أيضا إلى خروج الأجانب من أذون الخزانة والسندات، بجانب هبوط الموارد الدولارية من قناة السويس والسياحة والتحويلات الخارجية.
وقال إن "تراجع الجنيه سيكون له تأثيرات سلبية مباشرة على الأسعار ومستويات المعيشة"، مشيرا إلى تأثر معدلات التضخم في مصر بسعر الصرف نظرا للاعتماد الكبير على الاستيراد.
قوائم انتظار المستوردين
وقال محسن التاجوري، نائب رئيس الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، "قوائم الانتظار عادت للبنوك منذ أكثر من أسبوعين تزامنا مع ارتفاع الدولار وزيادة الطلب عليه... البنوك تقوم بتوفير الدولار لتمويل عمليات الاستيراد ولكن خلال فترة تتراوح ما بين عشرة أيام و15 يوما".
بينما نفى هشام صابر، رئيس الشركة الدولية للصناعات الطبية، أي تأخير في تدبير العملة في البنوك، وقال إنه "بمجرد تقديم مستندات الشحن يقوم البنك بتوفير الدولار".
وأيده في ذلك علاء السبع، رئيس مجموعة السبع للسيارات، قائلا إن "البنوك تقوم بتوفير الدولار لتغطية الشحنات الاستيرادية من دون حدوث أي تأخير حتى الآن".
أما بركات صفا، نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال بالغرفة التجارية، فقال "لدينا أزمة في توفير الدولار من البنوك، ليس الآن فقط، لكن هذا المعتاد لنا باعتبار أننا نستورد سلعا كمالية، ولذا نوفر الدولار من شركات الصرافة."، حتى عندما نطلبه الآن من شركات الصرافة يكون الرد: "لا يوجد دولار".
يأتي ذلك الارتفاع للدولار أمام الجنيه المصري، في الوقت الذي سجلت فيه العملة الأميركية انخفاضا في أسواق العملات أمام العملات الرئيسية، حيث تراجع الدولار مقابل عملتي أستراليا ونيوزيلندا والجنيه الإسترليني بعد تحسن مفاجئ في بيانات سوق العمل الأميركية، ما دعم توقعات التعافي الاقتصادي، وهو ما قلّص الطلب على العملة الأميركية كملاذ آمن.
ويأتي التراجع المستمر للجنيه رغم توسع الحكومة المصرية في الاقتراض الخارجي خلال الأسابيع الماضية، ليصل إجمالي ما حصلت عليه من قروض مباشرة أو عبر طرح السندات الدولية أو عبر موافقات مبدئية من مؤسسات مالية دولية إلى نحو 13 مليار دولار، في الوقت الذي فيه شهد فيه الاحتياطي النقدي الأجنبي تراجعا للشهر الثالث على التوالي، إذ فقد نحو 9.5 مليارات دولار منذ مارس/ آذار وحتى مايو/ أيار.
كذلك تفاوض مصر مؤسسات دولية للحصول على قروض جديدة، سواء لسداد التزامات دولية أو لمواجهة التراجع الاقتصادي الحاد الناجم عن القيود المفروضة على أنشطة عدة، منها السياحة والسفر، بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد.