تونس، فرحة ولكن…

12 نوفمبر 2017
تونسيون يحتفلون بتأهّل منتخب بلادهم إلى المونديال(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
فرح التونسيون أخيراً بتأهل منتخبهم إلى كأس العالم في روسيا، والتحقوا ببقية الفرق العربية المتأهلة، وشهد ملعب رادس إقبالاً غير مسبوق في مباريات المنتخب التي لم تكن تجلب إليها جمهوراً كبيراً منذ سنوات. لكن ما حصل أول من أمس السبت أن عشرات الآلاف، ومن ورائهم ملايين، تسمروا في بيوتهم وفي المقاهي والنوادي، وأحسوا بأن هذا المنتخب عاد إليهم وأعاد إليهم إحساساً بالانتماء فُقد منذ فترة أو لعله خفت قليلاً لأسباب كثيرة.

وطيلة التسعين دقيقة، حبس الجميع أنفاسه خوفاً من مفاجأة ليبية، وقفزوا فوق خلافتهم الكثيرة، وبعد أن شهد البرلمان في صبيحة نفس اليوم السبت تراشقاً غير مباشر بين القيادات الحزبية، وإرهاصات تشكيل مشهد جديد وجبهات متضادة، التقى الجميع مساءً في ملعب رادس، وكأن شيئا لم يكن…

وتبارز عدد من الشخصيات السياسية طبعاً قفزاً فوق الحدث، وجاء الرئيس الباجي قائد السبسي بنفسه ليحضر تتويجاً غائباً منذ سنوات طويلة، وكان صادقاً عندما تحدث في غمرة الفرحة إثر اللقاء عن أمله في أن تنتصر تونس اقتصادياً وأمنياً أيضاً، معزياً أهالي الجنوب بعد فقدان مسؤول محلي جراء أمطار طوفانية حاصرت مدناً كثيرة وستترك بالتأكيد آثارها المدمرة على البسطاء.

ويعكس هذا الإحساس بالخيبة في غمرة الانتصار والفرحة، قلقاً عاماً سببه إيمان التونسيين بالقدرة على تحقيق أفضل مما كان والقفز إلى المرحلة التالية، وفي نفس الوقت إحساساً بالعجز نظراً لصعوبات لا يفهم أحد لم لا نتجاوزها؟

ولا يلقي التونسيون باللوم على غيرهم، وهم مقتنعون لأبعد حد بأن أزمتهم داخلية وأنهم متسببون فيها. ويكشف وزير الداخلية لطفي براهم أمام البرلمان، أنّ الوحدات الأمنية واجهت 10821 احتجاجاً منذ بداية السنة، منها 2271 منذ بداية سبتمبر/ أيلول إلى الآن، وأن وزارة الداخلية تجنّد بين 600 إلى 800 عنصر أمني في العاصمة لمصلحة تأمين الاحتجاجات فقط، بينما يؤمّن ما يقارب 24 ألف عنصر من مختلف الأجهزة الأمنية التظاهرات الرياضية بمعدل عمل يتراوح من 9 إلى 12 ساعة.

ويؤكد أنه جرى ضبط أكثر من 180 ألف شخص خلال نفس الفترة؛ منهم 87 ألف شخص مفتش عنهم، كل هذا الكم من الخارجين عن القانون؟ وكل هذا العدد من الجرائم؟ ولماذا تحرسنا هذه الآلاف من رجال الشرطة ونحن نذهب لمجرد مباراة كرة أو متابعة مهرجان فني؟ إجابة ذلك أن الخوف من غول الإرهاب لا يزال يسيطر على المخيلة العامة، وأن البلاد تحتاج إلى أن تتوحد من جديد، ولكنها تفشل في ذلك إلى حد الآن.

دلالات