جوّاب العصور

02 يوليو 2018
+ الخط -
كلما مر الزمن، نكتشف أن الشاعر اليمني عبدالله البردوني صامد بيننا بقصائده وكل ما كتبه، وكأنه يكتب لكل زمن عصر، وهذا ما جعل أشعارة حية؛ يحتفى بها.
لا يختلف على البردوني اثنان؛ قدره كقدر أبي العلاء المعري في عمى البصر وإبصار القلب. وكغيرهم من الشعراء الذين يرون بقلوبهم، ذهب البردوني ومات عام 2000، لكن شعره ظل حيا نابضا ينساب من ألسنة الناس، فأشعاره دخلت كل بيت، يمني وعربي .
نال البردوني من المكانة ما لم ينلها أحد في تصنيف الشعراء اليمنيين. ولأنه رائد فالرواد لا يموتون؛ ومن يقرأ في كتبه: جواب العصور؛ وترجمة رملية لأعراس الغبار وغيرها، يقف أمام شاعر حقيقي، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وحضور.
صار البردوني اليوم حيا، تحظى قصائده بالنشر؛ تقام له المهرجانات الخاصة كمهرجان المبصر وغيرها، وتحتفي به جهات ثقافية بارزة.
كرّم البردوني كثيرا، وفاز بجوائز عدة، وحملت قصائده الهم القومي والعروبي والإنساني من أوسع أبوابه، وهو ما جعله همزة وصل ولقاء بين اليساريين واليمنيين في اليمن والعالم العربي.
يعرف عن البردوني أنه كان متواضعا، وأنه كان يذّيل قصائده باسم المواطن عبد الله البردوني، فملك بذلك عرش الشعر والبشر في آن.
كان السياب فقيرا معدما، ارتقت به أنشوده المطر إلى الخلود؛ وكان الحلاج فقيرا معدما، وصارت أشعاره ثمارا في ألسن الفقراء. وكذلك البردوني، شاعر ضرير ارتقت به أشعاره وكتبه؛ شعرية ونثرية، إلى مرتقى لم يسبقه فيه أحد في فروسيه الشعر.
يذهب البردوني إلى هاوية من السوريالية؛ ويعود في قصائد أخرى إلى سرد تفاصيل الحياه اليومية نظما، وهذا ما تشهد عليه قصائده الكثيرة التي غاصت في أعماق النفس من جهة، ووصفت المكان والوطن من جهة أخرى.
في الضفة الأخرى، يكون البردوني شاعرا وطنيا بامتياز، كتب قصائد عديدة؛ قارن في حبه للوطن كحبه للدم الذي يمشي في الوريد. كما يجد القارئ في أشعار البردوني روح الفكاهة وتفاصيل الحياة الصغيرة؛ الهادئة، كما يحمل الهم العربي والإنساني، ولهذا هو شاعر محلي، بقدر ما هو كوني.
AF027C5D-C69F-425D-A57C-6B41B0417E84
AF027C5D-C69F-425D-A57C-6B41B0417E84
فتاح المقطري (اليمن)
فتاح المقطري (اليمن)