لم يعد معنا. ذلك اليوم، بدت السماء قريبة أكثر من العادة. أم أنّه حدسُه. نظر إليها وسأل عن أشخاص لم يعودوا معنا. هم في داخلها. لا نراهم لكنّ هذه حقيقة. أقلّتهم الطائرة إلى فوق وبقوا هناك بينما ما زلنا تحت. لا يرى حتى أطراف أقدامهم. ألا يستعدّون للهبوط إلى الأسفل مجدداً، فتصير رؤوسهم أقرب إلينا مثل حال الجنين قبل الولادة؟
***
كانت هنا. وكلّما أحسّت بضيق في صدرها رقصت. لم يكن ليراها أحد. وحدها في صالة كبيرة، تغير أثوابها وترقص. ثم تضيق المساحة وتقل الأثواب إلى أن تختفي من مساحتها. أين تلك المساحة أو الهامش؟ حين كانت صغيرة، قيل لها إن حدودك هي السماء. وكثيراً ما رأت أناساً يصعدون إلى فوق، إلى تلك الحدود. ها قد وصلوا إذاً.
***
بعيدة السماء. غريب كيف تقفز فتاة من الطابق التاسع إلى الأرض ثم تصعد إلى السماء. فوق، تعيش ما كان يجب أن تعيشه حيث كانت. هذا أحد التحليلات. أليست الحدود بعيدة؟ لا تريد غيرها. نافذة تطلّ من خلالها على لا شيء. وتغني وتسمع صوتها جميلاً. نافذة تطلّ من خلالها على حياةٍ فقط، تلك التي لا يجب أن تكون مصحوبة بشريك.
***
وإذا ما أمطرت، هل تبتلّ أجسادهم؟ ماذا عن شعر النساء؟ لا زينة فوق ولا كلام كثير. همسٌ يقرّب الأجساد من بعضها بعضاً. هذه التي لم تجد الوقت للتعارف على الأرض. كأن كانت لها بقايا حياة استعادتها لاحقاً. الموت حقّ والسماء حدودنا والأرض تهوي بنا، قبل أن نصعد إلى مكان آخر. ومن بقي منا، سيزوره الموتى في أحلامه، ويحكون عن آلامهم بسكينة. كأنهم يشعرون أقل من العادة.
ماذا فوق؟ أحلام قصيرة. أملٌ في حبّ. رقصات في أثواب كثيرة؟ ماذا فوق؟ في أحلامنا، نرى وجوهاً ما زالت على حالها. لا تصغر ولا تكبر ولا تبدل قمصاناً أو أثواباً. هل اكتفوا بما أكلوه خلال وجودهم على الأرض؟ وماذا عن الذين جاعوا كثيراً؟
***
اسمها مجرّد تفصيل. سبب انتحارها أيضاً يخصّها وحدها. كما أن تعليقات الناس لا تعنيها. هي الآن في السماء، كما نخبر الأطفال. وفي هذا العالم، جميعنا أطفال. هي فوق تحاول عيش حياة جديدة. وإن كانت في سماء بيروت، فربما لا تصل إليها روائح النفايات. هي في عالم آخر. ومن هذا العلو، اضمحلّ كل شيء.. الأحلام والهموم والتفاصيل والمشاعر وغيرها. لن يكون يوماً قرار الانتحار قراراً جريئاً. هو مجرّد خلاصة لما تحمله النفس، على أمل ألا تحمل معها هذه الخلاصة إلى فوق.
وإن كانت ستصعد إلى السماء، لا بد أن يصير لها جناحان.
اقــرأ أيضاً
***
كانت هنا. وكلّما أحسّت بضيق في صدرها رقصت. لم يكن ليراها أحد. وحدها في صالة كبيرة، تغير أثوابها وترقص. ثم تضيق المساحة وتقل الأثواب إلى أن تختفي من مساحتها. أين تلك المساحة أو الهامش؟ حين كانت صغيرة، قيل لها إن حدودك هي السماء. وكثيراً ما رأت أناساً يصعدون إلى فوق، إلى تلك الحدود. ها قد وصلوا إذاً.
***
بعيدة السماء. غريب كيف تقفز فتاة من الطابق التاسع إلى الأرض ثم تصعد إلى السماء. فوق، تعيش ما كان يجب أن تعيشه حيث كانت. هذا أحد التحليلات. أليست الحدود بعيدة؟ لا تريد غيرها. نافذة تطلّ من خلالها على لا شيء. وتغني وتسمع صوتها جميلاً. نافذة تطلّ من خلالها على حياةٍ فقط، تلك التي لا يجب أن تكون مصحوبة بشريك.
***
وإذا ما أمطرت، هل تبتلّ أجسادهم؟ ماذا عن شعر النساء؟ لا زينة فوق ولا كلام كثير. همسٌ يقرّب الأجساد من بعضها بعضاً. هذه التي لم تجد الوقت للتعارف على الأرض. كأن كانت لها بقايا حياة استعادتها لاحقاً. الموت حقّ والسماء حدودنا والأرض تهوي بنا، قبل أن نصعد إلى مكان آخر. ومن بقي منا، سيزوره الموتى في أحلامه، ويحكون عن آلامهم بسكينة. كأنهم يشعرون أقل من العادة.
ماذا فوق؟ أحلام قصيرة. أملٌ في حبّ. رقصات في أثواب كثيرة؟ ماذا فوق؟ في أحلامنا، نرى وجوهاً ما زالت على حالها. لا تصغر ولا تكبر ولا تبدل قمصاناً أو أثواباً. هل اكتفوا بما أكلوه خلال وجودهم على الأرض؟ وماذا عن الذين جاعوا كثيراً؟
***
اسمها مجرّد تفصيل. سبب انتحارها أيضاً يخصّها وحدها. كما أن تعليقات الناس لا تعنيها. هي الآن في السماء، كما نخبر الأطفال. وفي هذا العالم، جميعنا أطفال. هي فوق تحاول عيش حياة جديدة. وإن كانت في سماء بيروت، فربما لا تصل إليها روائح النفايات. هي في عالم آخر. ومن هذا العلو، اضمحلّ كل شيء.. الأحلام والهموم والتفاصيل والمشاعر وغيرها. لن يكون يوماً قرار الانتحار قراراً جريئاً. هو مجرّد خلاصة لما تحمله النفس، على أمل ألا تحمل معها هذه الخلاصة إلى فوق.
وإن كانت ستصعد إلى السماء، لا بد أن يصير لها جناحان.