حكايا رمضان الأردن
عمّان
اختلفت الأجواء في شهر رمضان في الأردن عمّا كانت عليه في الماضي. كان الناس أكثر قرباً بعضهم من بعض، وأكثر بساطة. حافظ الناس على بعض العادات، وساهم التطور في تغيير أخرى. لكن يبقى لكلّ فترة خصائصها
ما يميّز أجواء رمضان في الأردن هو التنوّع الثقافي والأعراف والتقاليد. هاجر كثيرون إلى الأردن منذ ما يزيد عن 120 عاماً، من بينهم عائلات شامية وكردية وفلسطينية. ونتيجة الحرب في سورية، قدم الكثير من السوريّين خلال السنوات القليلة الماضية.
فالأردن، كغيره من البلدان العربية والإسلامية، يتمتع بعادات وتقاليد تجعله مميزاً خلال شهر رمضان. وينبع الأمر من خصوصيته المرتبطة بتنوعه الثقافي، إضافة إلى العوامل البيئية والجغرافية. واللافت أن الأردنيين يتشاركون مع غيرهم من الشعوب العربية والإسلامية بعض عاداتهم، خصوصاً أولئك القادمين من دول الجوار.
اقــرأ أيضاً
ويلاحظ أنّه بات هناك اختلاف واضح بين رمضان الأمس ورمضان اليوم، وتباين فرضه التغير في نمط الحياة. كما أن التطور شمل مختلف نواحي وتفاصيل الحياة اليومية. قبل 50 عاماً، كانت غالبية قرى الأردن، باستثناء المدن الرئيسية والمناطق ذات الأهمية بلا كهرباء وشبكة مياه، وبلا خدمات كالمواصلات العامة والبريد والهاتف، في وقت أصبحت هذه الخدمات عاملاً رئيسياً ساهم في تغير نمط الحياة.
وتقول الستينيّة حليمة العبادي: "حين كنا أطفالاً، لم تكن هناك مظاهر للاحتفال بشهر رمضان كما اليوم. ولم تكن هناك زينة أو غير ذلك. كان رمضان شهراً للعبادة، وكان كبار السن أكثر التزاماً بالصيام. أما الآن، فأصبح الأطفال يقبلون أيضاً على صيام الشهر الكريم". تضيف: "في تلك الأيام، لم تكن هناك ثلاجات في البيوت، ولم تكن الموائد كما اليوم، فقد كانت بسيطة ومتواضعة، عبارة عن بضع حبات من التمر، والطماطم (البندورة)، والرشوف أو العدس، وحتى البيض، وكلها أكلات شعبية بسيطة وغير مكلفة. أما اللحوم، فكانت تعد ثلاث مرات في الشهر، في بدايته ومنتصفه ونهايته".
وتقول مريم النعيمات، وهي في الأربعين من العمر: "لم يكن هناك حرص على زينة رمضان كما اليوم. لا أذكر أن والدي كان يضع الفوانيس. أما اليوم، فهناك حرص على زينة رمضان سواء في المنازل أو على الأبواب. تزين البيوت بالنجوم والفوانيس الصغيرة والهلال وعبارات رمضان كريم".
تضيف: "في السابق كانت الموائد بسيطة، وكان الناس يعدون نوعاً واحداً من الطعام. أما الموائد اليوم، فتكون مليئة بالوجبات المتنوعة. إضافة إلى التمر والمياه، يعدّ الناس الحساء والخضر وطبقا رئيسيا يحتوي على الأرز مع اللحم أو الدجاج، عدا عن بعض المقبلات مثل فتة الحمص باللحم المفروم والمخللات". تضيف أن هناك أشياء لم تتغير، كلقاء الأقارب في اليوم الأول لدى كبير العائلة الجد أو الأب. كذلك، في اليوم الأول، يعد المنسف كطبق رئيسي، إضافة إلى القطايف للتحلية.
بدوره، يقول سامي الخوالدة، وهو في العقد الرابع من العمر، إنه "في السابق، وقبل ما يزيد عن عشرين عاماً، كانت تجمعنا بيوت الأصدقاء في السهرات الرمضانية. أما اليوم، فالاجتماع يكون في الخيم الرمضانية والمقاهي، ونسهر حتى موعد السحور. سابقاً، كان الناس يتبادلون الزيارات للتهنئة بحلول هذا الشهر. لكن في ظل التطور التكنولوجي، باتوا يكتفون بالرسائل القصيرة عبر واتساب أو وسائل التواصل الاجتماعي".
من جهته، يقول السبعيني أبو محمد، وهو من سكان إحدى قرى محافظة البلقاء، إن السكان في تلك المناطق كانوا يتناولون الفطور عند سماع صوت مدفع مدينة القدس. كانت المساجد في المدن ولا يسمع الأذان إلا القليل من الناس القريبين من المساجد، ولم تكن مكبرات الصوت موجودة في تلك الأيام، بل إن المؤذنين كانوا لا يرفعون الأذان إلا بعد سماعهم صوت المدفع.
ويقول: "في السابق أيضاً، كان الناس أكثر ترابطاً، وكان رجال القرية يجتمعون مع بعضهم مع بعض لتناول الإفطار معاً، على أن يجلب كلّ شخص بعض الطعام". يضيف أن الناس كانوا يتبادلون ما يعدون من طعام عند الإفطار، ويوضح أنّه "قبل أكثر من خمسين عاماً، لم يكن هناك مياه باردة كما اليوم. وكان الناس يعتمدون على مياه الآبار وجرار المياه. أما الآن، فالناس في نعمة كبيرة". ويشير إلى أنه في إحدى السنوات، لم يعلم الناس عن بداية الشهر الفضيل إلا بعد عودة أحد الأشخاص من مدينة السلط، عاصمة محافظة البلقاء، ليخبر الناس أن هذا اليوم كان الأول من شهر رمضان، بعدما انتصف النهار.
اقــرأ أيضاً
وخلال هذا الشهر، يتحمس كثيرون لأداء صلاة التراويح جماعة، حتى أن الشبان يتوجهون إلى المساجد التي لا يدخلونها عادة إلا في رمضان. ولم يبق للمسحراتي وجود كبير في الأردن إلا في نطاق محدود، بل وأصبحت هذه الشخصية من ذكريات الماضي. اليوم، يأكل الناس طعام السحور قبل النوم، أو يضبطون الساعة عند وقت معين للاستيقاظ. وبالتالي، لم يعد هناك حاجة إلى تلك الشخصية التي حافظت على وجودها لفترة طويلة من الزمن. ويمكن القول إنّ العادات والتقاليد تتغير من فترة إلى أخرى ومن جيل إلى آخر. وشمل هذا التطور كل شيء تقريباً، وقضى على الكثير من العادات الاجتماعية والمميزة في العديد من البلدان. ولم تسلم عادات شهر رمضان المبارك في الأردن من هذا التطور، إذ اختفت أو ضعفت عادات وتقاليد كثيرة كانت سائدة سابقاً في هذا الشهر.
ما يميّز أجواء رمضان في الأردن هو التنوّع الثقافي والأعراف والتقاليد. هاجر كثيرون إلى الأردن منذ ما يزيد عن 120 عاماً، من بينهم عائلات شامية وكردية وفلسطينية. ونتيجة الحرب في سورية، قدم الكثير من السوريّين خلال السنوات القليلة الماضية.
فالأردن، كغيره من البلدان العربية والإسلامية، يتمتع بعادات وتقاليد تجعله مميزاً خلال شهر رمضان. وينبع الأمر من خصوصيته المرتبطة بتنوعه الثقافي، إضافة إلى العوامل البيئية والجغرافية. واللافت أن الأردنيين يتشاركون مع غيرهم من الشعوب العربية والإسلامية بعض عاداتهم، خصوصاً أولئك القادمين من دول الجوار.
ويلاحظ أنّه بات هناك اختلاف واضح بين رمضان الأمس ورمضان اليوم، وتباين فرضه التغير في نمط الحياة. كما أن التطور شمل مختلف نواحي وتفاصيل الحياة اليومية. قبل 50 عاماً، كانت غالبية قرى الأردن، باستثناء المدن الرئيسية والمناطق ذات الأهمية بلا كهرباء وشبكة مياه، وبلا خدمات كالمواصلات العامة والبريد والهاتف، في وقت أصبحت هذه الخدمات عاملاً رئيسياً ساهم في تغير نمط الحياة.
وتقول الستينيّة حليمة العبادي: "حين كنا أطفالاً، لم تكن هناك مظاهر للاحتفال بشهر رمضان كما اليوم. ولم تكن هناك زينة أو غير ذلك. كان رمضان شهراً للعبادة، وكان كبار السن أكثر التزاماً بالصيام. أما الآن، فأصبح الأطفال يقبلون أيضاً على صيام الشهر الكريم". تضيف: "في تلك الأيام، لم تكن هناك ثلاجات في البيوت، ولم تكن الموائد كما اليوم، فقد كانت بسيطة ومتواضعة، عبارة عن بضع حبات من التمر، والطماطم (البندورة)، والرشوف أو العدس، وحتى البيض، وكلها أكلات شعبية بسيطة وغير مكلفة. أما اللحوم، فكانت تعد ثلاث مرات في الشهر، في بدايته ومنتصفه ونهايته".
وتقول مريم النعيمات، وهي في الأربعين من العمر: "لم يكن هناك حرص على زينة رمضان كما اليوم. لا أذكر أن والدي كان يضع الفوانيس. أما اليوم، فهناك حرص على زينة رمضان سواء في المنازل أو على الأبواب. تزين البيوت بالنجوم والفوانيس الصغيرة والهلال وعبارات رمضان كريم".
تضيف: "في السابق كانت الموائد بسيطة، وكان الناس يعدون نوعاً واحداً من الطعام. أما الموائد اليوم، فتكون مليئة بالوجبات المتنوعة. إضافة إلى التمر والمياه، يعدّ الناس الحساء والخضر وطبقا رئيسيا يحتوي على الأرز مع اللحم أو الدجاج، عدا عن بعض المقبلات مثل فتة الحمص باللحم المفروم والمخللات". تضيف أن هناك أشياء لم تتغير، كلقاء الأقارب في اليوم الأول لدى كبير العائلة الجد أو الأب. كذلك، في اليوم الأول، يعد المنسف كطبق رئيسي، إضافة إلى القطايف للتحلية.
بدوره، يقول سامي الخوالدة، وهو في العقد الرابع من العمر، إنه "في السابق، وقبل ما يزيد عن عشرين عاماً، كانت تجمعنا بيوت الأصدقاء في السهرات الرمضانية. أما اليوم، فالاجتماع يكون في الخيم الرمضانية والمقاهي، ونسهر حتى موعد السحور. سابقاً، كان الناس يتبادلون الزيارات للتهنئة بحلول هذا الشهر. لكن في ظل التطور التكنولوجي، باتوا يكتفون بالرسائل القصيرة عبر واتساب أو وسائل التواصل الاجتماعي".
من جهته، يقول السبعيني أبو محمد، وهو من سكان إحدى قرى محافظة البلقاء، إن السكان في تلك المناطق كانوا يتناولون الفطور عند سماع صوت مدفع مدينة القدس. كانت المساجد في المدن ولا يسمع الأذان إلا القليل من الناس القريبين من المساجد، ولم تكن مكبرات الصوت موجودة في تلك الأيام، بل إن المؤذنين كانوا لا يرفعون الأذان إلا بعد سماعهم صوت المدفع.
ويقول: "في السابق أيضاً، كان الناس أكثر ترابطاً، وكان رجال القرية يجتمعون مع بعضهم مع بعض لتناول الإفطار معاً، على أن يجلب كلّ شخص بعض الطعام". يضيف أن الناس كانوا يتبادلون ما يعدون من طعام عند الإفطار، ويوضح أنّه "قبل أكثر من خمسين عاماً، لم يكن هناك مياه باردة كما اليوم. وكان الناس يعتمدون على مياه الآبار وجرار المياه. أما الآن، فالناس في نعمة كبيرة". ويشير إلى أنه في إحدى السنوات، لم يعلم الناس عن بداية الشهر الفضيل إلا بعد عودة أحد الأشخاص من مدينة السلط، عاصمة محافظة البلقاء، ليخبر الناس أن هذا اليوم كان الأول من شهر رمضان، بعدما انتصف النهار.
وخلال هذا الشهر، يتحمس كثيرون لأداء صلاة التراويح جماعة، حتى أن الشبان يتوجهون إلى المساجد التي لا يدخلونها عادة إلا في رمضان. ولم يبق للمسحراتي وجود كبير في الأردن إلا في نطاق محدود، بل وأصبحت هذه الشخصية من ذكريات الماضي. اليوم، يأكل الناس طعام السحور قبل النوم، أو يضبطون الساعة عند وقت معين للاستيقاظ. وبالتالي، لم يعد هناك حاجة إلى تلك الشخصية التي حافظت على وجودها لفترة طويلة من الزمن. ويمكن القول إنّ العادات والتقاليد تتغير من فترة إلى أخرى ومن جيل إلى آخر. وشمل هذا التطور كل شيء تقريباً، وقضى على الكثير من العادات الاجتماعية والمميزة في العديد من البلدان. ولم تسلم عادات شهر رمضان المبارك في الأردن من هذا التطور، إذ اختفت أو ضعفت عادات وتقاليد كثيرة كانت سائدة سابقاً في هذا الشهر.