01 أكتوبر 2022
علاء عبد الفتاح ليس مصطلحاً نظرياً
كان الأمل صرحاً من قضاءٍ، فهوى.. بعد حشد كبير لجهود المتضامنين استعداداً ليوم نطق محكمة النقض، أعلى محكمة مصرية، بحكمها في الطعن المقدّم من الناشط علاء عبد الفتاح، على حكم حبسه خمس سنوات في قضية مجلس الشورى، وبعد انتظار طويل طويل، ببساطة أعلنت المحكمة تنحيها عن القضية، بسبب "استشعار الحرج"، ما يعني نقلها إلى دائرة أخرى، وانتظاراً أطول للمجهول.
يضيف ما حدث عجيبة قضائية أخرى، فهذه الدائرة تم اختيارها لنظر القضية منذ عشرة أشهر، كان يمكن لقضاتها أن يستشعروا الحرج في أي مرحلة سابقة، وليس فقط يوم النطق بالحكم، فضلاً عن عدم توضيح أي أسباب لهذا الحرج، فبالتأكيد لا أحد منهم على علاقة شخصيةٍ بعلاء أو تعرّض لتهديد منه، أو غيرها من مسوّغات "الحرج" المعروفة.
بعيداً عن الأوراق، نحن نعرف جيداً سبب عدم خروج علاء، وكل ما يحدث معه، على الرغم من أن شقيقته نفسها حصلت على عفو رئاسي من عبد الفتاح السيسي، بينما تجاهل بشكل تام كل المناشدات له للعفو عن علاء.
السبب أن علاء لا يتم التعامل معه شخصا بل فكرة، بنمط بطلجي الحارة المصرية الذي يصيح "هاتولي التخين فيكو"، وعلاء كان بمثابة "التخين" فينا، هو الناشط الأكثر شهرة داخلياً وخارجياً. لذلك، كان يجب جعله هو تحديداً المثال الذي يُخرس الجميع، الرسالة: هذا ما فعلناه فيمن يفترض أن له حماية نسبية، فماذا سنفعل مع أي شخص.
ومشكلة الانسياق خلف هذا الخطاب لتصدير خطاب مقابل أنه قد ينجرف أيضاً إلى تحويل علاء إلى معنىً مجازي، ينسى أعداؤه، وربما بعض أفراد معسكره أيضاً، مع الوقت، أنه بشر عادي، وليس "سوبر علاء". شاب مثلنا كان له عمل و"أكل عيش"، وله زوجة وطفل لم يره خارج السجن.
لم يكن علاء عضواً في أي حزب أو حركة، كان يكتفي بالقول "أنا جندي مشاة الثورة"، وكان يتعامل مع نفسه بهذه الصفة، ما جعله يحافظ على كتابته كل ما يخطر بباله على وسائل التواصل. ولهذا كان يتعرّض لانتقادات من فريقه نفسه على بعض ما ينشر على "تويتر" أو "فيسبوك".
وهذا لا ينفي أنه، في لحظات ما، قد يظهر وجهاً آخر. جندي المشاة يخترق صفوف الجنود المتشابهين، ليقف في أول الصف، مميزاً فريداً مستعداً للتضحية بنفسه قبل غيره.
في 2012، قفز علاء إلى الأمام في وجه دبابة المجلس العسكري، وعاد من الخارج خصيصاً ليسلم نفسه للمحاكمة العسكرية، ليعلن أمامها رفضه شرعيتها، كأنه حشر جسده داخل تروسها ليمنعها من أذى آخرين. وبعد "30 يونيو"، مرة أخرى، قفز إلى الأمام بوجه الدبابة، علاء كتب "السيسي سفاح" بعد أحداث الحرس الجمهوري، قبل فض الاعتصام في ميدان رابعة العدوية، وقبل أن يتراجع كثيرون.
كما كان علاء واحداً من سياسيين نادرين اهتموا بزيارة محافظات مختلفة في مصر، ومنها محافظة أسيوط في الصعيد التي انتمى إليها. ومن أكثر المغالطات المستفزة في قصته أنه دائماً يظهر من يقول إن علاء "قليل الأدب"، لأنه يكتب شتائم بذيئة، وهو ما يمكن أن نناقشه فقط لو كان القائل يشعر بقدر الغيظ والغضب نفسه، لأن هناك مظلومين في السجون، أما من تغضبه الشتائم أكثر من الظلم فلا يمكن الاستماع له. وهذه حيلة دفاعية نفسية معروفة، هو عاجز عن مقاومة الظلم، فينكر وجوده أصلاً، ويشغل نفسه بأمر آخر.
ما حدث مع علاء ليس بعيدا عما حدث مع عمرو علي منسق حركة 6 أبريل. قبل تنحّي هيئة محكمة علاء بيوم، قررت النيابة تجديد حبس عمرو علي 15 يوماً على ذمة القضية العجيبة المسماة "تحالف دعم الشرعية"، على الرغم من أن أغلب المتهمين بها هم خارج السجون بالفعل!
وما حدث معهما هو ما يحدث يومياً لأعدادٍ لا تُحصى من المسجونين على ذمة قضايا سياسية.
بالتأكيد لا يعرف أحد وصفة سحرية لإجبار السلطة على الإفراج عن المسجونين، لكن على الأقل نعرف أن بإمكاننا ألا نتعامل معهم باعتبارهم أرقاما أو معاني مجازية، كالثورة أو الصدق، فلنحافظ على "أنسنة" المسجونين حتى حين.
يضيف ما حدث عجيبة قضائية أخرى، فهذه الدائرة تم اختيارها لنظر القضية منذ عشرة أشهر، كان يمكن لقضاتها أن يستشعروا الحرج في أي مرحلة سابقة، وليس فقط يوم النطق بالحكم، فضلاً عن عدم توضيح أي أسباب لهذا الحرج، فبالتأكيد لا أحد منهم على علاقة شخصيةٍ بعلاء أو تعرّض لتهديد منه، أو غيرها من مسوّغات "الحرج" المعروفة.
بعيداً عن الأوراق، نحن نعرف جيداً سبب عدم خروج علاء، وكل ما يحدث معه، على الرغم من أن شقيقته نفسها حصلت على عفو رئاسي من عبد الفتاح السيسي، بينما تجاهل بشكل تام كل المناشدات له للعفو عن علاء.
السبب أن علاء لا يتم التعامل معه شخصا بل فكرة، بنمط بطلجي الحارة المصرية الذي يصيح "هاتولي التخين فيكو"، وعلاء كان بمثابة "التخين" فينا، هو الناشط الأكثر شهرة داخلياً وخارجياً. لذلك، كان يجب جعله هو تحديداً المثال الذي يُخرس الجميع، الرسالة: هذا ما فعلناه فيمن يفترض أن له حماية نسبية، فماذا سنفعل مع أي شخص.
ومشكلة الانسياق خلف هذا الخطاب لتصدير خطاب مقابل أنه قد ينجرف أيضاً إلى تحويل علاء إلى معنىً مجازي، ينسى أعداؤه، وربما بعض أفراد معسكره أيضاً، مع الوقت، أنه بشر عادي، وليس "سوبر علاء". شاب مثلنا كان له عمل و"أكل عيش"، وله زوجة وطفل لم يره خارج السجن.
لم يكن علاء عضواً في أي حزب أو حركة، كان يكتفي بالقول "أنا جندي مشاة الثورة"، وكان يتعامل مع نفسه بهذه الصفة، ما جعله يحافظ على كتابته كل ما يخطر بباله على وسائل التواصل. ولهذا كان يتعرّض لانتقادات من فريقه نفسه على بعض ما ينشر على "تويتر" أو "فيسبوك".
وهذا لا ينفي أنه، في لحظات ما، قد يظهر وجهاً آخر. جندي المشاة يخترق صفوف الجنود المتشابهين، ليقف في أول الصف، مميزاً فريداً مستعداً للتضحية بنفسه قبل غيره.
في 2012، قفز علاء إلى الأمام في وجه دبابة المجلس العسكري، وعاد من الخارج خصيصاً ليسلم نفسه للمحاكمة العسكرية، ليعلن أمامها رفضه شرعيتها، كأنه حشر جسده داخل تروسها ليمنعها من أذى آخرين. وبعد "30 يونيو"، مرة أخرى، قفز إلى الأمام بوجه الدبابة، علاء كتب "السيسي سفاح" بعد أحداث الحرس الجمهوري، قبل فض الاعتصام في ميدان رابعة العدوية، وقبل أن يتراجع كثيرون.
كما كان علاء واحداً من سياسيين نادرين اهتموا بزيارة محافظات مختلفة في مصر، ومنها محافظة أسيوط في الصعيد التي انتمى إليها. ومن أكثر المغالطات المستفزة في قصته أنه دائماً يظهر من يقول إن علاء "قليل الأدب"، لأنه يكتب شتائم بذيئة، وهو ما يمكن أن نناقشه فقط لو كان القائل يشعر بقدر الغيظ والغضب نفسه، لأن هناك مظلومين في السجون، أما من تغضبه الشتائم أكثر من الظلم فلا يمكن الاستماع له. وهذه حيلة دفاعية نفسية معروفة، هو عاجز عن مقاومة الظلم، فينكر وجوده أصلاً، ويشغل نفسه بأمر آخر.
ما حدث مع علاء ليس بعيدا عما حدث مع عمرو علي منسق حركة 6 أبريل. قبل تنحّي هيئة محكمة علاء بيوم، قررت النيابة تجديد حبس عمرو علي 15 يوماً على ذمة القضية العجيبة المسماة "تحالف دعم الشرعية"، على الرغم من أن أغلب المتهمين بها هم خارج السجون بالفعل!
وما حدث معهما هو ما يحدث يومياً لأعدادٍ لا تُحصى من المسجونين على ذمة قضايا سياسية.
بالتأكيد لا يعرف أحد وصفة سحرية لإجبار السلطة على الإفراج عن المسجونين، لكن على الأقل نعرف أن بإمكاننا ألا نتعامل معهم باعتبارهم أرقاما أو معاني مجازية، كالثورة أو الصدق، فلنحافظ على "أنسنة" المسجونين حتى حين.