انتهى المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي انعقد في العاصمة الفرنسية باريس، يوم أمس الأربعاء، في ظل وجود حوالي مليون لاجئ سوري على أراضيه.
خرجت إلى العلن تصريحات بعض المشاركين في المؤتمر بالإضافة إلى البيان الختامي.
لا رقم يُذكر عن حجم الدعم المنتظر.
لا وعد حتى بتأمين مبلغ محدد من المساعدات.
فقط كلمات تدعو الى توفير الدعم.
ومجرد كلام يطالب بتحقيق الهدوء السياسي والنأي بالنفس عن الأزمة السورية ومطالبات بتحقيق ما وعدت به الدول من مساعدات في مؤتمرات عقدت من أجل القضية ذاتها في الأشهر السابقة.
الوفد اللبناني الذي تقدمه رئيس الجمهورية ميشال سليمان حمل ورقة مفصلة بحجم الخسائر التي مني بها لبنان من جراء النزوح السوري الى اراضيه، حيث طالب بحوالى 7.5 مليارات دولار، بالإضافة إلى ملياري دولار لدعم البنى التحتية اللازمة نتيجة ازدياد عدد النازحين.
صندوق بـ 50 مليون دولار
المؤتمر الدولي لم يتطرق إلى حجم المساعدات التي ستقدمها الدول، بل إن الصندوق الائتماني الخاص بتمويل إغاثة اللاجئين في لبنان بإدارة البنك الدولي، والذي تم افتتاحه للاكتتاب، بقي خالياً سوى من المنحة النروجية التي افتتحت الاكتتابات بـ 13 مليون دولار قبل أيام من انعقاد المؤتمر الدولي.
والاكتتاب النرويجي يأتي من ضمن اقتراح من البنك الدولي بتمويل الصندوق بقيمة 50 مليون دولار، بحيث يدفع الأخير 20 مليون دولار ويضاف اليها حوالى 20 مليون دولار من دول أخرى.
وقد تحدث الجانب الفرنسي في المؤتمر عن مساعدات سابقة لم يقم البرلمان اللبناني بإقرارها نتيجة عدم التئامه منذ أكثر من سنة. ومنها مساعدة من الوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة 260 مليون دولار.
حتى أن صفقة شراء أسلحة للجيش اللبناني من فرنسا عبر الهبة السعودية البالغة 3 مليارات دولار، بقيت معلّقة من دون تفسيرات أو تأكيدات على كيفية إتمام الصفقة وموعد سريانها.
مجدداً، يخرج لبنان خالي الوفاض من أي دعم مالي بعد مؤتمر دولي بُني عليه الكثير من الآمال.
ومجدداً، يفشل مؤتمر دولي في تلبية مطالب لبنان الإغاثية.
أما الأسباب، فهي متعددة الأوجه، منها ما هو ذاتي ويتعلق بالتخبط السياسي في لبنان، ومنها ما هو موضوعي ويتعلق بالدول المشاركة في مؤتمرات الدعم ووعودها غير المحققة.
بين الوعود والخلل السياسي
اكتشف العالم عادة دولية بعد سلسلة المؤتمرات الإغاثية التي عقدت في السابق من أجل دول مأزومة. تقوم هذه العادة على بث الوعود بمساعدات كبيرة، ولا تلبث الأرقام أن تنخفض بعد انتهاء المؤتمرات، وعندما يحين موعد السداد.
ومن جهة أخرى، كيف يمكن توقع حصول لبنان على مساعدات مالية بملايين الدولارات في ظل التخبط السياسي الذي يعيشه؟ ومن سيدير هذه الأموال أصلاً في ظل عدم إتمام عملية تشكيل الحكومة كونها لم تنل حتى اللحظة الثقة من قبل البرلمان اللبناني؟
شرط تشكيل الحكومة كان أساسياً بالنسبة إلى فرنسا، الدولة المضيفة للمؤتمر الدولي، وكذلك بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية وعدد كبير من الدول المشاركة في المؤتمر. وبذلك لم يكن فشل المؤتمر غير متوقع.
على أي حال، ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها لبنان الى المساعدات الدولية في ما يتعلق بآثار الأزمة السورية على اقتصاده، وليست المرة الأولى التي يخيب أمله.
فمؤتمر مساعدة لبنان الذي عقد في الكويت في بداية العام الماضي انتهى بمساعدات لم تصل الى 500 مليون دولار ذهبت كلها للمنظمات الدولية، بعدما كانت الوعود بأن يتم تأمين أكثر من 2.4 مليار دولار للدول التي تستضيف النازحين.
وكذلك الحال بالنسبة إلى مؤتمر نيويورك الذي عقد في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي ولحقه مؤتمر جنيف في الشهر ذاته، وكلاهما لم ينتج سوى الوعود بالمساعدات من دون تنفيذها.. باستثناء ما أعلن عنه من مساعدة سعودية للجيش اللبناني.
لا ثقة بلبنان
وبين عدم حماسة الدول لتخصيص المساعدات للبنان، وواقع لبنان السياسي، وأهمه عدم وجود حكومة حاصلة على شرعية دستورية منذ حوالى 11 شهراً، تبرز كذلك قضية عدم ثقة الجهات المانحة بالدولة اللبنانية في ما يتعلق بإدارة المساعدات والقروض.
وقد عبّرت عدة دول ومؤسسات دولية أجنبية وعربية عن حالة عدم الثقة، وخصوصاً إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو/ تموز من العام 2006. حينها قامت الدول بمساعدة لبنان عبر صناديقها الخاصة بحيث إن الدعم الأساسي لم يمر الى المتضررين عبر المؤسسات اللبنانية.
وقد تكللت أزمة الثقة هذه بتحويل الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة في لبنان ابراهيم بشير الى القضاء بتهمة الاختلاس في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي. علماً أن الهيئة العليا للإغاثة هي عبارة عن صندوق تابع لرئاسة الحكومة اللبنانية وموكل، من جملة مهامه، بإدارة المساعدات التي يحصل عليها لبنان.