بعد سنوات من الركود، عادت عجلة الدراما السورية الإنتاجية لتدور مرة أخرى، بإيقاع لم نعتد عليه في السنوات السابقة؛ إذ تجاوز عدد المسلسلات السورية التي باتت قيد التحضير الثلاثين مسلسلا، وهو الرقم الذي لم تصل إليه الدراما السورية منذ سنة 2013، قبل أن تصل إلى أدنى حد لها في الموسم الماضي بـ23 مسلسلا. علماً أن 30 مسلسلا لا يعتبر رقماً كبيراً بالمقارنة بسنوات ما قبل الثورة، إذْ بلغت ذروة الإنتاج التلفزيوني في سنة 2006، التي أنتج فيها 45 مسلسلاً سورياً.
ويبدو أنَّ الكوميديا تعود هذه السنة لتحصل على النصيب الأكبر من الإنتاج الدرامي. ولكن، من الملاحظ أن الكوميديا السورية تتجه هذه السنة بمعظمها نحو الحكايات القصيرة. فغالبيّة المسلسلات الكوميدية السورية هذه السنة هي من نمط "المنفصل المتصل" التي تروي في كل حلقة حكاية جديدة للشخصيات ذاتها. كما هو الحال في سيت كوم "حركات بنات" و"ميادة وأولادها" وغيرهما. ناهيك عن وجود ثلاثة مسلسلات هي عبارة عن لوحات منفصلة، اثنان منها من سلاسل معروفة كانت قد توقفت قبل أعوام، وهي: "مرايا" للفنان ياسر العظمة، و"بقعة ضوء"، بالإضافة إلى مسلسل "كونتاك" لأمل عرفة. وفي المقابل، ليس هناك سوى مسلسلين كوميديين ذوَي سياق متصل، من المسلسلات التي تم الإعلان عنها حتى اللحظة، والغريب أن كليهما امتداد لمسلسلات قديمة، وهما الجزء الثاني من "سنة أولى زواج"، والجزء الثالث من "أيام الدراسة".
مسلسلات اجتماعية معاصرة
يزيد هذه السنة عدد المسلسلات السورية التي تنتمي للنمط الاجتماعي المعاصر بشكل ملحوظ؛ ولكن اللافت أن غالبية هذه الأعمال يتم التعريف عنها بأنها اجتماعية رومانسية، وتتناول في غالبيتها قصص وحكايات الحب، مثل "أثر الفراشة"، و"هوا أصفر" الذي كان من المفترض أن يكون جاهزاً في الموسم الماضي. ولا يختلف الحال بالنسبة للمسلسلات الاجتماعية المقسمة إلى ثلاثيات أو خماسيات منفصلة، كمسلسل "عن الهوى والجوى"، والجزء الثالث من "مدرسة الحب"؛ فكلاهما يركزان على قصص الحب الرومانسية.
مسلسلات البيئة الشامية
وأيضاً، يزداد عدد مسلسلات البيئة الشامية التي باتت قيد التحضير للموسم الرمضاني المقبل عن الموسم الماضي؛ وإن كانت غالبية هذه الأعمال هي أجزاء جديدة لسلاسل قديمة، مثل: "طوق البنات" و"عطر شام" و"وردة شامية"، بالإضافة إلى الجزء العاشر من المسلسل الأكثر شعبية "باب الحارة". وبالإضافة إلى هذه الأعمال، هنالك ثلاثة مسلسلات بيئة شامية جديدة باتت قيد التحضير، وهي: "سلاسل الذهب" و"الحرملك" و"شوارع الشام العتيقة". وفي المقابل، لم يتم الإعلان، حتى اللحظة، عن أي مسلسل تاريخي سوري سيقدم في رمضان 2019.
مسلسلات بوليسية
وتحاول الدراما السورية هذه السنة أن تدخل في سوق المسلسلات الدارجة عالمياً، أي مسلسلات الأكشن البوليسية؛ وهو النمط الدرامي الذي يحتل الصدارة في المتابعة عربياً من بين أنماط المسلسلات الأميركية المترجمة. فقد تم الإعلان عن بدء التحضيرات لتصوير مسلسل "الجوكر" البوليسي، قبل يومين، كما سبق وأن أعلن عن مسلسل "غفوة القلوب" الذي ينتمي إلى ذات النمط. ولكن يجب أن لا نغفل أن الدراما البوليسية السورية لم تتمكن يوماً من تحقيق أي جماهيرية، فلا يزال مسلسل "جريمة في الذاكرة" الذي أنتج في بداية التسعينيات العلامة الفارقة في هذا النمط الدرامي، علماً أنه لم يتمكن من مزاحمة المسلسل الإذاعي "حكم العدالة" من حيث الجودة. وقد يكون السبب وراء تعلق الجمهور السوري بالمسلسل الإذاعي البوليسي بدلاً من المسلسلات التلفزيونية البوليسية هو ضعف الإخراج وبطء الإيقاع؛ ما جعل هذا النمط من الأعمال نادراً في الدراما السورية.