أساليب الآلة الإعلامية الغربية
كان للصناعة الإعلامية الغربية دور كبير عبر سنوات طويلة في تحقيق الانتصارات، وقد عمل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، على هذه الصناعة وترويجها، حيث إنّ عمل المجتمع الصناعي الإعلامي مواز للمجتمع الصناعي العسكري.
ولست أبالغ إذا قلت إنّ توسّع حلف شمال الأطلسي كان نتيجة لعمل هذه الآلة الإعلامية، بل إنّ انهيار الاتحاد السوفييتي في الأصل كان نتيجة لعمل الآلة الاعلامية الغربية وتفوقها، ومن أراد التوّسع في هذا فليراجع دراسة لي نشرتها في مركز ليفانت للدراسات والبحوث، تحت عنوان: "الفاغنر والأسباب الخفية للعملية العسكرية".
ومن تتبّع طرق عمل هذه الآلة الإعلامية واستقرأ أساليبها وربط آخرها بأولها، وجد أنّه كلما خاض الغرب، أو الولايات المتحدة، حرباً، أو دخل في عداء مع دولة، عملت تلك الآلة على إظهار أنّ تلك الحرب أو هذا العداء، إنّما هو موجه لرئيس تلك الدولة أو قائدها، لتجد بعدها كلّ التقارير الإعلامية والكتابات الصحافية توجّه الرأي العام إلى أنّ هذه الحرب هي بين الغرب وقائد تلك الدولة لا غير.
هي حرب على فلسطين، وعلى الشعب الفلسطيني، وليست حرباً على حماس
ومن أظهر الأمثلة على هذا أنّه في عزّ التوتر مع كوبا في القرن الماضي، كان يروّج إعلامياً إلى أنّ المشكل الأساسي مع الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، وأنّ الحرب عليه وضده وليس ضد كوبا أو الشعب الكوبي. والأمر نفسه تكرّر مع الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف في أزمة الصواريخ الكوبية، مرورًا بصدام حسين، ووصولًا إلى الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين (حتى أنّ هنري كيسنجر حذّر من هذا الأمر، فنهى عن تصوير الصراع على أنّه صراع مع بوتين). ولكن عبر كلّ هذه الحروب والصراعات، كان الذي يُحاصر ويُدمر ويُقتل ويُهجر هي تلك الشعوب، فإذا كان العداء والحرب مع القادة كما تقول الدعاية الغربية، فما ذنب هذه الشعوب؟
واليوم، يتكرّر الأمر نفسه في الحرب التي تجري ضدّ قطاع غزة، حيث يتم تصوير الحرب على أنّها ضد حماس، وأنّه لا مشكلة مع الشعب الفلسطيني، حتى يتم كسب قلوب الرأي العام العالمي واستمالة عقولهم، بينما الذي يُباد ويُقتل ويُهجر ويُصفّى هو الشعب الفلسطيني، ما يعني أنها حرب على فلسطين، وعلى الشعب الفلسطيني، وليست حرباً على حماس، فحماس نفسها جزء من الشعب الفلسطيني، كما كانت المقاومة في الدول العربية في سنوات الاستعمار الفرنسي والبريطاني جزء من الشعب العربي، فالذي قاوم المحتل الفرنسي في المغرب هم مغاربة، والذي قاوم المحتل الإيطالي في ليبيا هم الليبيون، والذي أخرج الإنكليز من مصر هم المصريون... وينطبق هذا على جميع الدول التي وقعت تحت نير الاستعمار، وهذا أمر بديهي، فكلّ دولة تقع تحت وطأة الاستعمار تنشأ فيها حركات مقاومة ضد هذا الاستعمار سعيًا للتحرّر منه.