بين "حزق" مربوحة وإسفاف "الكبير أوي"... هل أفلس أحمد مكي؟
ربما من المبكر أن تكتب عن عملٍ بدأ لتوّه من دون أن تشاهد نصفه على الأقل، وأقصد هنا "الكبير أوي" الذي يعرض حالياً على الشاشات في جزئه السابع، ومن المجحف أن تقيّمه من أوّل حلقتين، ومن العجلة أن تطلب من الزميل المحرّر أن يقدّم موعد مقالك أربعة أيام من أجل موضوع لا ينتظر التأجيل، رغم أنه سيُعرض طوال الشهر كله، لكن إذا كان الموضوع يستحق فلا بأس، وإن كان الجواب ظاهراً من عنوانه، فلا حرج في هذا النوع من الاستعجال.
منذ أول دقائق في المسلسل "العائلي" الذي كان عائليّاً ربما لسنوات سابقة، أدركتُ أنه لم يعدُ مناسباً للضحك في أثناء الإفطار بالشهر الكريم، الذي بالتأكيد ليس مناسبةً للمسلسلات وإنما للعبادة، لكن إن كان المسلسل خفيفاً رشيقاً محترماً فلا بأس ببعض الضحك، وليغفر الله لنا. لكن ما وجدته، لم يكن ذلك المسلسل الذي تابعته قبل سنوات، حين يعطي الصعيد حقه في لهجته وموضوعاته وقيمه، وحين يعطي الكوميديا على لسان الصعيديّ حقّها من خفة الدم وحلاوة الفكاهة، وبعيداً عن إسفاف الدراما والسينما المصريتين في العقد الأخير.
لكن ما حدث هذه المرة أننا وجدنا أنفسنا أمام "إفلاسٍ" حقيقيٍّ، لعملٍ يحاول استقاء جماهيريّته من تريندات "مبتذلة" و"بايتة" على السوشيال ميديا، فيأتي براقصة برازيلية تعمل في مصر، أثارت الجدل قبل 3 سنوات على الأقل، بدخولها سوق "الرقص" المصرية، ويبدأ بها أحداث مسلسله "العائليّ الرمضانيّ"، في إقحامٍ ملحوظ وغير مبرّر، من دون أيّ حبكة، ولا ضرورة، ولا سبب، ولا نتائج تترتب عليها في سياق السيناريو. ثم يستيقظ الكبير من حلمه "المراهق" ليجد نفسه أمام "مربوحة" زوجته من بعد "هدية"، (دنيا سمير غانم).
مربوحة التي كان لها السبق في إدخال الإيحاءات الجنسية الواضحة، في غرفة نوم الكبير، الرجل الصعيديّ المحافظ، وتفاجأ بها المشاهدون، لكن كثيرًا منهم استساغها حينها، في تطبيع مع المسلسل الذي يحبّه الجمهور، ويحاول العودة من خلال وجه جديد، ولو كان من غير "لياقة" فنية تراعي طبيعة المشاهدين، لكنها هذه المرة تعدّت ذلك بكثير، إلى الرقص بين أخي زوجها وصديقه، في لمسةٍ غير صعيدية بالمرّة، رغم أنه الطابع الذي حاول المسلسل نفسه ترسيخه على مدى 6 مواسم سابقة.
"إفلاسٍ" حقيقيٍّ، لعملٍ يحاول استقاء جماهيريّته من تريندات "مبتذلة" و"بايتة" على السوشيال ميديا
أما الحوار فبه من المطّ والعجن واللتّ ما يجعلك لا تكمل (مثلي) أول ربع ساعة من الحلقة، قبل أن تبحث عن بديل "نظيف"، لأنني أتحداك أن تطيق "صراخ" مربوحة الذي بلا أي أسباب طوال الحلقة، وأتحداك إن كتمت الصوت أن تتحمّل حركات وجهها، والعبث بملامحها مع كلّ مشهد، كأنها تحاول إضحاك الجمهور بحيلة "ثقيلة الدم"، عفا عليها الزمن منذ وقت طويل.
لم تجد تلك الأطروحات من قبَل مجتمع ينتقد عملًا يشاهده صداها الطبيعيّ، وإنما تحوّلت، بقدرة قادر، إلى "مؤامرة"، و"لجان إلكترونية مدفوعة"، لتشويه بطل المسلسل الفنان أحمد مكي، ولتشويه الوجه الصاعد رحمة أحمد (مربوحة)، لاغتيال المسلسل معنويًّا، ومحاولة النيل منه لتصفية حسابات قديمة، قد تتعلّق بخطف مكي للأضواء من آخرين في السنوات الماضية، أو لأغراض سياسية حيث كان مكي بطلًا في "تمثيلية الاختيار 3" التي ترعاها الدولة بشكل رسميّ.
لكن على كل حال، وسواء ظُنّ أنّ هذا المقال ضمن "المؤامرة" أم لا، يبقى الحُكم في ما نرى لمن يرى، وللمشاهدين الذين يبحثون في أيامهم المريرة عن ضحكةٍ حلوةٍ تنسيهم ضيقهم وهمومهم ولو نصف ساعة في اليوم، وليس لأحد وصاية عليهم، ولا أن يقنعهم بأن "الحزق" الفنيّ يمكنه أن ينتج ضحكة، لأنه بالتأكيد لا ينتج إلا شيئًا آخر، ضلّ طريقه إلى الشاشة.