يحمل ارتفاع أسعار الأرز في الفيليبين تحذيراً واضحاً للمستوردين الرئيسيين الآخرين لهذه السلعة الأساسية في مناطق واسعة في آسيا وأفريقيا، إذ ما تزال تداعيات قيود الهند على صادراتها تلقي بظلال سلبية كبيرة على الأسواق.
وارتفعت أسعار الأرز في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا بأسرع وتيرة منذ نحو خمس سنوات في أغسطس/آب الماضي، مما أحيا ذكريات صدمة عام 2018. ودفعت هذه التطورات الحكومة إلى فرض حدود قصوى على أسعار الأرز، في محاولة لوقف ارتفاع التكاليف الناجمة عن نقص الإمدادات، لكن المحللين يحذرون من أن التدخل قد يفشل في وقف ارتفاع نفقات الغذاء.
وأعلن مكتب الرئيس فرديناند ماركوس جونيور عن هذه الخطوة، يوم الجمعة الماضي، بعد توصيات من وزارتي الزراعة والتجارة. وينص سقف الأسعار، الذي سيظل ساري المفعول إلى أجل غير مسمى، على حد أقصى للسعر يبلغ 41 بيزو (0.72 دولار) للكيلو من الأرز المطحون العادي و45 بيزو (0.79 دولار) للأرز المطحون جيداً.
وحسب نشرة "نيكاي" اليابانية، تعد هذه هي المرة الأولى التي يفرض فيها ماركوس سقفاً لسعر الأرز منذ فوزه في الانتخابات في مايو/أيار 2022.
ونهاية أغسطس/آب الماضي، وسعت الهند التي تمثل 40% من تجارة الأرز عالمياً قيود تصدير هذه السلعة، حيث فرضت حداً أدنى لسعر تصدير شحنات الأرز البسمتي قدره 1200 دولار للطن، بعدما حظرت تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي، للسيطرة على الأسعار المحلية قبل الانتخابات المحلية، إذ يسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بولاية ثالثة.
كما فرضت الحكومة الروسية نهاية يوليو/تموز حظراً على تصدير الأرز حتى نهاية العام الجاري 2023، مبررة ذلك بالحفاظ على الاستقرار في السوق المحلية، وقبلها أعلنت الإمارات التي تعد سوقاً كبيرة لعبور السلع في منطقة الخليج العربي إيقاف تصدير الأرز وإعادة تصديره لمدة أربعة أشهر، بما يشمل الأرز هندي المنشأ.
ويعتبر الأرز مكوناً أساسياً في الوجبات الغذائية للمليارات في آسيا وأفريقيا، كما أنه يساهم بما يصل إلى 60% من إجمالي السعرات الحرارية لقاطني أجزاء من جنوب شرق آسيا وأفريقيا، وترتفع هذه النسبة إلى 70% في دول مثل بنغلادش.
وتغذي المخاوف المتنامية بشأن شح الإمدادات العالمية مخاطر اندلاع موجة جديدة من الحمائية التجارية مع تطلع الحكومات إلى ضمان احتياطيات غذائية وفيرة.
ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن شيرلي مصطفى، الخبيرة الاقتصادية في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة قولها: "إننا نشهد قدراً كبيراً من عدم اليقين. ضغوط الأسعار تتفاقم بسبب القيود".
ويتصدر أمن الإمدادات جدول أعمال المسؤولين في العديد من الدول المستوردة، فقد التقى الرئيس الفيليبيني مع رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه على هامش قمة "آسيان" في جاكارتا، نهاية الأسبوع الماضي، إذ يخططان للتوصل إلى اتفاق مدته خمس سنوات. وتقوم السنغال بمبادرات دبلوماسية تجاه الهند، وتتخذ خطوات مماثلة مع دول أخرى، منها غينيا وسنغافورة لضمان الإمدادات.
ووافقت إندونيسيا على توقيع اتفاقية توريد مع كمبوديا للمرة الأولى منذ أكثر من عقد. وتنص مذكرة التفاهم على توريد ما يصل إلى 250 ألف طن سنوياً، أي أكثر من ضعف حجم صفقة مماثلة في 2012.
وتتخذ دول أخرى خطوات لوقف ارتفاع التكاليف. فقد فرضت ماليزيا حداً للشراء، وبدأت عمليات فحص على تجار الجملة والمطاحن التجارية بعد مزاعم عن بيع الحبوب المحلية كأرز مستورد بسعر أعلى. وفرضت ميانمار أيضاً نظاماً إلزامياً لتسجيل كميات الأرز المخزنة للتحكم في الأسعار المحلية وردع المضاربة.