اضطرت شركات الشحن الرائدة في أوروبا إلى إيقاف أو تحويل حركة نقل الحاويات الخاصة بها من آسيا إلى أوروبا بسبب استهداف الحوثيين للسفن في البحر الأحمر، مساندة للفلسطينيين الذين يتعرضون إلى إبادة جماعية من قبل إسرائيل في قطاع غزة.
واقع ينذر بعواقب اقتصادية بعيدة المدى على أوروبا، والأمر قد يتحول إلى مشكلة مع نقص المعروض بفعل الانتظار والتأخير في وصول السلع وارتفاع أسعار الشحن.
وفي السياق، ذكرت صحيفة دي فيلت الألمانية، مساء الاثنين، أن سفناً تابعة لشركات ميرسك من كوبنهاغن، وأم أس سي من جنيف، وهاباغ لويد من هامبورغ، استهدفت من قبل الحوثيين، والعديد منها تمكنت من مواصلة رحلاتها رغم الأضرار التي لحقت بالبضائع نتيجة عمليات إطلاق النار عليها، واندلاع الحرائق، وكانت تنقل ما لا يقل عن 15 ألف حاوية.
وحيال ذلك، أوقفت هذه الشركات في البداية مسارات طريقها البحري عبر قناة السويس لجميع الرحلات الأخرى لأساطيلها نتيجة استهداف السفن، وأعادت توجيه شحناتها حول جنوب أفريقيا لعبور المحيط الأطلسي.
وتقوم ناقلات النفط العالمية بتغيير مساراتها، حيث ينقل جزء كبير من النفط الخام من الشرق الأوسط عبر قناة السويس إلى أوروبا، حتى إن شركة الشحن "يوروناف أن في"، تطالب عملاءها صراحة بقبول طرق بديلة لتسليم النفط من ناقلاتها العملاقة، وبالتالي ارتفاع أسعار الشحن.
وفي هذا الإطار، قال المسؤول عن النقل البحري في مجلس "إدارة كوهنيه أند ناغل" للخدمات اللوجستية في ألمانيا ميشائيل الدفيدل، إن استهداف السفن حالياً يعد إحدى أكبر حالات التصعيد في الشحن التجاري في العقود الأخيرة.
وبحسب تقديرات الشركة، فإن 15 سفينة حاويات حالياً إما متوقفة أو تسلك الطريق حول أفريقيا بسبب الأحداث في البحر الأحمر، والأمر آخذ في الازدياد.
استهداف السفن يمدد زمن الرحلات
واستنادا إلى سبق، ترتبط العواقب في المقام الأول بالمال والقدرة. وتمتد رحلة الذهاب والإياب البحرية من أوروبا إلى آسيا لفترة ما بين ثلاثة وأربعة أسابيع إذا ما التفت الرحلة حول جنوب أفريقيا، ناهيك عن الوقود المطلوب لمسافة أطول بنحو 6000 ميل بحري، والأهم من ذلك هو سفن الحاويات الإضافية التي يتعين على شركات الشحن استخدامها لتتمكن من الحفاظ على الجدول الزمني والوتيرة.
وفي نهاية المطاف تؤدي التهديدات أيضاً إلى زيادة أقساط التأمين على السفن وحمولتها باهظة الثمن. من جهة ثانية، أفادت الصحيفة أنّ الشركات تعاني من مشكلة نقل البضائع من آسيا إلى الساحل الغربي لأميركا الشمالية لأنّ قناة بنما باتت شديدة الجفاف وتفتقر إلى المياه اللازمة لرفع السفن، ويمر حالياً نحو نصف العدد المعتاد للسفن عبر بنما.
وأوضح المدير التنفيذي لشركة الشحن الرقمية "فورتو" ميشائيل فاكس، أن رحلات السفن حول رأس الرجاء الصالح (جنوب أفريقيا) ستستهلك 30% من سعة نقل الحاويات، والزيادات الأولى في الأسعار ستكون بأكثر من 3000 دولار لكل حاوية نقل من الشرق الأقصى إلى الغرب.
فيما توقع كبير المحللين في منصة بيانات الشحن البحري "كزناتا" الخبير بيتر ساند، أن ترتفع أسعار شحن الحاويات بنسبة تصل إلى 100%.