تعمل الحكومة الأردنية على وضع استراتيجية للأمن الغذائي، استعداداً لأيّ أزمات مستقبلية قد تطرأ، نتيجة استمرار تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد، أو أيّ أزمات إقليمية، لا سيما أنّ الأردن يستورد غالبية احتياجاته الغذائية، بما يصل إلى 90%، من الخارج.
وقال وزير الزراعة، خالد الحنيفات، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إنّ "الضرورة تتطلب وضع خطة شاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع مجالات الأمن الغذائي، خصوصاً في ظلّ الأزمات المتلاحقة والممتدة التي يواجهها الأردن كأزمة اللجوء".
أضاف الحنيفات: "من الضروري مراجعة مؤشرات الأمن الغذائي المتبعة، لأنّها في كثير من الأحيان لا تعكس الواقع" مشيراً إلى أهمية زيادة القيمة المضافة للقطاع الزراعي وزيادة مناعة الأردن في مواجهة التحديات التي تهدد أمنه الغذائي.
ويشير تقرير حديث للبنك الدولي إلى أنّه رغم انخفاض نسبة مساهمة قطاع الزراعة الذي يشكل 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، فإنّ سلسلة القيمة الزراعية والغذائية تمثل ما بين 15% و20% من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف أكثر من 15% من السكان في الدولة. ووفق تصريحات أخيرة لوزير الزراعة، فإنّ الدولة تسعى لزيادة الإنتاجية الزراعية بما يتراوح بين 30% و50%، واستحداث ما يصل إلى 40 ألف وظيفة في فترة 3 سنوات.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في الأردن شكلت لجنة استشارية تضم مجموعة من الخبراء للقطاع الزراعي لتقديم المشورة في القضايا التي تتعلق بالأمن الغذائي وذلك في ظل التحديات التي يواجهها هذا القطاع وتفعيل دوره في تحقيق أهداف التنمية المستدامة حتى عام 2030 وعقدت اللجنة اجتماعا، في وقت سابق من مايو/ أيار الجاري، لمناقشة مسودة استراتيجية الأمن الغذائي التي تم إعدادها بمشاركة جميع الجهات.
وجاء تشكيل هذه اللجنة انطلاقاً من أهمية القطاع الزراعي والدور الذي يلعبه في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ومساهمته الرئيسية في الأمن الغذائي في المملكة.
ونبهت أزمة كورونا الأردن إلى خطورة استمراره في الاعتماد على البلدان الأخرى لتأمين احتياجاته من الغذاء، وبنسبة واردات تقدر بحوالي 90% من إجمالي الاستهلاك المحلي لبلد صغير لا يتجاوز عدد سكانه 10 ملايين نسمة.
وتعالت الأصوات مؤخراً بضرورة تعزيز الأمن الغذائي في الدولة وزيادة معدلات الإنتاج المحلي من الأغذية لتقليل الاستيراد وتفادي أيّ تقلبات في الأسواق العالمية أو أحداث تؤدي إلى وقف البلدان المنتجة للتصدير على غرار ما حدث في الأسابيع الأولى من انتشار فيروس كورونا عالمياً في 2020، بينما ارتفع الطلب على الأغذية في الأردن بنسبة تتراوح بين 25% و30% خلال السنوات السبع الماضية.
وقال رئيس الاتحاد العام للمزارعين، عدنان خدام، لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمن الغذائي للأردن في خطر، وذلك لعدة عوامل أهمها تراجع المساحات الزراعية بشكل كبير في السنوات الأخيرة بنسبة وصلت إلى 60%، ما أثر على كميات الإنتاج الزراعي". وأشار خدام، إلى ضرورة دعم المزارعين من خلال توفير التسهيلات المالية لهم، وعدم التشدد في استقدام الأيدي العاملة من الخارج، بسبب عزوف الأردنيين عن العمل في الزراعة.
ويصنف الأمن الغذائي الأردني في دائرة الخطر، إذ بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد 1.3 مليون نسمة وفق بيانات حديثة صادرة عن منظمة الأغذية العالمية.
وكان ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في الأردن، نبيل عساف، قد قال في المنتدى الوطني للأمن الغذائي الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمّان الشهر الماضي، إنّ منظمة الفاو تقدم الدعم لشريكها الاستراتيجي في الأردن من خلال تنفيذ العديد من المشاريع والاتفاقيات الثنائية لدعم المزارعين وتعزيز القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي الذي تهتم به الحكومة الأردنية على نطاق واسع.
وأضاف عساف: "من المؤسف أنّ الجوع في العالم آخذ في الارتفاع، وبحسب تقرير أزمات الغذاء العالمية لعام 2020 فإنّ نحو 135 مليون شخص في 55 دولة وإقليم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدات غذائية وتحسين سبل المعيشة ومن المتوقع أيضاً أن يصل عدد سكان العالم إلى حوالي عشرة مليارات نسمة بحلول عام 2050 ما سيزيد بشكل كبير الطلب على الغذاء".
وقال رئيس غرفة صناعة الزرقاء، شرق عمّان، فارس حمودة، إنّه بحسب مؤشر الأمن الغذائي العالمي، بلغ ترتيب الأردن 62، وذلك بسبب الضعف الواضح في البحث والتطوير الزراعي الذي لم يسجل به الأردن أكثر من 22% على المؤشر. وأضاف حمودة، أنّ الأمن الغذائي يعتبر من الأولويات والأهداف الأساسية التي تسعى الدول إلى تحقيقها نظراً لأهميته للفرد والمجتمع وتوفير الحاجات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، لافتاً إلى أهمية تعزيز قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية، واللذين يعدان من القطاعات التي تتسم بالتكامل، فالعديد من الصناعات الغذائية تعتمد بشكل كبير على مدخلات إنتاج مصدرها القطاع الزراعي.