يقلل البعض من الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تتحملها دولة الاحتلال جراء الحرب على قطاع غزة وتدفق صواريخ المقاومة على تل أبيب ومطار بن غوريون وعسقلان ومواقع إنتاج الغاز الطبيعي وخط أنابيب النفط وغيرها.
وحتى في حال الاعتراف بهذه الخسائر فإن بعضهم يمط شفتيه ويقول إن "الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم ستعوض تلك الخسائر، إسرائيل تنجح دوما في كسب تعاطف العالم وابتزازه سياسيا ومالياَ، وبالتالي لا قلق عليها من ناحية الخسائر المالية".
ويقول شخص ثان إن الإمارات وحدها أنشأت صندوق استثمار لدعم الاقتصاد الإسرائيلي بقيمة 10 مليارات دولار، و1.1 مليار دولار في قطاع الغاز، وإن هناك عشرات المليارات الأخرى التي ستضخها أبوظبي في شرايين هذا الاقتصاد عقب أن تضع الحرب أوزارها، وإن دولا خليجية أخرى ستدعم الاحتلال بالمال والسياح والاستثمارات المباشرة والصفقات والتعاقدات وشراء السلع والمنتجات الإسرائيلية بما فيها تلك المنتجة في داخل المستوطنات.
الإمارات أنشأت صندوق استثمار لدعم الاقتصاد الإسرائيلي بقيمة 10 مليارات دولار، وهناك عشرات المليارات الأخرى التي ستضخها أبوظبي في شرايين الاقتصاد عقب أن تضع الحرب أوزارها
لكن تلك النظرة الانهزامية والسلبية من قبل البعض مردود عليها هذه المرة في ظل تحول دولة الاحتلال إلى عبء شديد حتى على أبرز حلفائها وهي الولايات المتحدة، وفشل جيش الاحتلال في التصدي لصواريخ توصف بأنها بدائية الصنع، أو حسم معركة غزة لصالحها.
فالقبة الحديدية التي مولت الولايات المتحدة تشييدها بخمسين مليون دولار فشلت في التصدي لصواريخ المقاومة، والسياحة التي كانت تراهن عليها دولة الاحتلال في الانتعاش ورفد الموازنة العامة بمليارات الدولارات بدءا من الصيف المقبل تعرضت لضربة موجعة مع هروب السياح الأجانب وإغلاق المطارات.
والمعونات والمساعدات السخية التي ينتظر الاحتلال تدفقها عقب خوض حروبه واعتداءاته ضد الفلسطينيين والعرب من المتوقع ألا تأتي من قبل بعض الدول في ظل الأزمة المالية التي تواجه داعميه الدوليين بسبب تفشي وباء كورونا، والاستثمارات الأجنبية قد لا تأتي في ظل تبخر أكذوبة استقرار إسرائيل سياسيا وماليا وتوافر فرص استثمار واعدة ومربحة بها.
إسرائيل باتت عبئا على المجتمع الدولي في ظل الهمجية التي تتسم بها اعتداءات جيشها من استهدافه المدنيين والأطفال والنساء، وعبئا من الضربات القوية التي تلقتها دولة الاحتلال من المقاومة وعدم تصديها للرشقات المتتالية، وحينما فشلت دولة الاحتلال في حسم المعركة لصالحها وفي وقت قصير، وحينما مرغت المقاومة أنفها في التراب وحطمت غطرستها وأنهت مقولة أنها القوة الغاشمة التي لا تقهر.
إسرائيل باتت عبئا حينما فشل جيش الاحتلال في حماية مطاراتها ومنشآتها الحيوية والأهم مواطنيها، وحينما تركت نتنياهو يقحمها في حرب تصور أنها سريعة وخاطفة لكسب معركة سياسية وتأييد اليهود المتطرفين في معركته الانتخابية.
إسرائيل أصبحت عبئا حينما تجاوزت خسارتها كل ثلاثة أيام نحو مليار دولار تمثل كلفة طلعات الطائرات وقيمة القذائف وثمن صواريخ الباتريوت
دولة الاحتلال باتت عبئا على الداعمين الدوليين حين انبطح جنود الاحتلال على بطونهم إثر سماع صفارات الإنذار تدوي في شوارع تل أبيب وغيرها من المدن المحتلة، وربما قريبا سينفض العالم عن دعم دولة الاحتلال لأنه بات عبئا ثقيلا يجب التخلص منه.
باتت عبئا حينما نجحت كتائب #القسام وغيرها من فصائل المقاومة في قصف قاعدة "تل نوف" الجوية برشقة صاروخية، وقصف مطار اللد وحقل تمار وغيرها من المواقع الحساسة.
إسرائيل أصبحت عبئا كذلك حينما تجاوزت خسارتها كل ثلاثة أيام ما يقرب من مليار دولار تمثل كلفة طلعات الطائرات وقيمة القذائف وثمن صواريخ الباتريوت وتزويد الآليات بالوقود واستدعاء قوات الاحتياط للخدمة في محيط قطاع غزة واستهلاك الذخيرة وما يتطلبه تشغيل منظومات الدفاع الجوية، فضلا عن كلفة إدارة وتشغيل المنظومات التقنية والاستخبارية وثمن إطعام الهاربين إلى الملاجئ.
إسرائيل باتت عبئا حينما يفشل جيش الاحتلال في تبرير كلفة الإنفاق العسكري الضخمة تلك مقابل فشل ذريع في حسم المعركة على الأرض، والتردد في الاجتياح البري لقطاع غزة خوفا من المقاومة الفلسطينية الشرسة، وفشل نتنياهو في تبرير تلك الحرب الهمجية.
خسرت الكثير في حربها الحالية على غزة لأنها فشلت في أن تروج لنفسها على أنها دولة ديموقراطية مدنية تحترم حقوق الجميع بمن فيهم الفلسطينيين، وأنها ليست دولة الاحتلال غاشمة، والأهم أنها خسرت سمعتها وهيبتها أمام العالم بعد أن أظهرت الحرب فشل منظومتها العسكرية وقبتها الحديدية، وقبلها قتل المدنيين العزل من أطفال ونساء.