صبًّت التوقعات في اتجاه ارتفاع أسعار الوحدات السكنية لمحدودي الدخل وللطبقة الوسطى، التي تبنيها الشركات الحكومية والخاصة في مصر، بعد انصياع البنك المركزي لتعليمات صندوق النقد الدولي، بنقل إدارة مبادرات التمويل منخفض التكاليف للمشروعات، إلى وزارة المالية.
وسبّب قرار البنك المركزي صدمة لدى شركات المقاولات، والصناعة، والسياحة والزراعة، مع توقف مبادرات تمويل القطاع الخاص بنسبة 8% على القروض، رغم موافقة البنك المركزي على رفع حدود الائتمان والاقتراض للشركات المتعاقدة على مشروعات قومية، إلى مليار جنيه للمشروع، أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
مخاوف تراجع المخصصات
أكد محللون عقاريون أن المشروعات التي ستطرح على الجمهور اعتباراً من الشهر المقبل، ستكون بسعر الفائدة السائدة بالأسواق، والتي تصل إلى 17.25% وفقا للمتوسط العام من البنك المركزي، بزيادة 8.25% على سعر الفائدة التي كانت تحصل عليها المشروعات العقارية، خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى زيادة التكاليف الإدارية والفنية بنحو 5% على قيمة القروض، لكل وحدة.
عبّر المحللون عن مخاوفهم من تراجع المخصصات المالية التي توجهها الدولة عبر شركات وزارة الإسكان والبنوك العامة، لتمويل المشروعات العقارية، بعد أن خفض البنك المركزي الحد الأقصى بمبادرات التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل من 50 ملياراً إلى 15 مليار جنيه (الدولار = نحو 24.5 جنيهاً)، خلال العام الحالي، وإلزام "الإسكان" بسداد القروض والتعامل مع المشروعات الجديدة، في وقت تعاني فيه الشركات العامة والمطورون، من نقص حاد في السيولة وزيادة في التزاماتها المالية مع المقاولين التي تنفذ المشروعات القومية بالمحافظات.
تساهم مبادرة التمويل العقاري الممولة من البنوك في بناء مليون وحدة سكنية منخفضة ومتوسطة التكاليف، وفي دعم مشروع التمويل العقاري للوحدات الفاخرة، للعاملين بالدولة والقطاع الخاص، يقع 60% منها في العاصمة الجديدة ومنطقة شرقيّ القاهرة.
أشار عضو مجلس الاتحاد المصري للمقاولات شمس الدين يوسف، في تصريحات صحافية، إلى أن الزيادة في تكلفة الاقتراض من البنوك ستمرر تلقائياً إلى المستهلكين خلال الفترة المقبلة، بما سيؤثر سلباً بقدرة الشركات على تنفيذ المشروعات الحكومية والخاصة.
ارتباك الأسواق
يشهد السوق العقاري حالة ارتباك شديدة منذ مطلع العام الحالي، مع زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه، وارتفاع أسعار الخامات، وتعثر المقاولين والمطورين عن تنفيذ أغلب المشروعات المتفق على الانتهاء منها العام الحالي، مع ارتفاع التكلفة بنحو 50% في المتوسط.
شدد محللون عقاريون على أن رفع أسعار العقارات بنسبة 30%، منذ إبريل/ نيسان الماضي، أدى إلى ركود في حركة البيع، وانكماش الطلب من المصريين العاملين بالخارج، لتفضيلهم الاحتفاظ بالعملة الصعبة وانتظار تطورات السوق، رغم التسهيلات الواسعة التي منحتها الشركات العقارية والبناء والتشييد للمشترين.
أكد الخبير العقاري عضو اتحاد المصري لجمعيات المستثمرين إيهاب ثابت لـ"العربي الجديد" مواجهة الشركات صعوبات مالية خطيرة في الآونة الأخيرة، بسبب ضعف التمويل وملاحقة الضرائب للمطورين والشركات العقارية للحصول على الضرائب عن مشروعات ما زالت في طور التنفيذ، ولم يتم بيعها بعقود نهائية، مشيراً إلى أن أسعار العقار حالياً تمر بحالة من عدم الثبات لترقب العملاء، مع تراجع الجنيه، وزيادة الأسعار.
وأوضح ثابت أن عدم وضوح الرؤية أمام المطورين والمشترين، أدى إلى اختفاء السيولة، وعدم قدرة بعض المطورين على استكمال المشروعات، ومن لدية القدرة المالية، يفضل عدم البيع حالياً انتظاراً لتحقيق المزيد من الأرباح في المستقبل.
تعليمات البنوك
كان البنك المركزي قد وجه تعليمات للبنوك بتنفيذ قرار رئيس الوزراء، الصادر بداية الأسبوع الحالي، لوقف تمويل المبادرات منخفضة العائد، التي تمول المشروعات العقارية والسياحية والصناعية، والزراعية، والتي تدعمها الحكومة، منذ انتشار وباء كوفيد 19، في ديسمبر/ كانون الأول 2019، لتتولى وزارة المالية إدارة ومتابعة مبادرات دعم الفائدة الصادرة عن البنك المركزي، لإتاحة السيولة للشركات التي يزيد حجم أعمالها أو إيراداتها السنوية على 50 مليون جنيه.
تضمنت التعليمات وقف مبادرة التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل ودعم قطاع السياحة، وإحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج، ومبادرة تشجيع طرق الري الحديثة، التي بلغت تكلفتها نحو 400 مليون جنيه، منذ إطلاقها عام 2019.
أرجع الخبير الاقتصادي هاني جنينة في تصريحات صحافية أخيراً، رغبة الحكومة في إنهاء العمل بتلك المبادرات خلال عام 2023، إلى تسريع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، التي ستشمل رفع أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة.