- يدير الصندوق أصولاً بقيمة 1.6 تريليون دولار، متبعًا معايير استثمارية تركز على الضمان وقلة المخاطر والعائد المناسب، مع معايير أخلاقية تحظر الاستثمار في شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد.
- يتميز بالشفافية والمسؤولية الاجتماعية، مكشفًا عن استثماراته في أكثر من 9 آلاف شركة واتباع قواعد أخلاقية حددها البرلمان النرويجي، بما في ذلك إعادة النظر في استثماراته في إسرائيل بسبب أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كشف صندوق الثروة السيادي النرويجي أمس عن نتائجه الفصلية والتي فاقت التوقعات، حيث أعلن أن أرباحه الصافية بلغت 1.2 تريليون كرونة (أي نحو 109 مليارات دولار) في الربع الأول من العام الجاري، أي خلال 3 شهور، مقارنة مع 893 مليار كرونة في نفس الفترة من العام الماضي، أي أن الصندوق ربح 36.3 مليار دولار كل شهر تقريبا.
كما حقق الصندوق أرباحا صافية تجاوزت 213 مليار دولار في عام 2023، مدفوعة بعوائد قوية على استثماراته في أسهم قطاع التكنولوجيا الحيوي، وهو ما يفوق عوائد الصناديق السيادية الخليجية مجتمعة.
ربح الصندوق في الربع الأول من 2024 يعادل دخل دول عربية ذات اقتصادات ضخمة طول عام كامل، فإيرادات مصر من كل موارد النقد الأجنبي الخمسة وهي السياحة والصادرات وتحويلات المغتربين وقناة السويس والاستثمارات المباشرة تعادل هذا الرقم تقريبا، بل وربما أقل في بعض السنوات.
كما أن أرباح الصندوق النرويجي تعادل ثلاثة أضعاف احتياطي مصر من النقد الأجنبي، ولن نتحدث عن احتياطيات باقي الدول العربية غير المنتجة للنفط، فالأرباح تفوق قيمة احتياطيات 10 دول عربية هي تونس والمغرب والسودان واليمن ولبنان والأردن وسورية والبحرين وموريتانيا والصومال مجتمعة.
والصندوق النرويجي لمن لا يعرفه، هو أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم، ومن أكبر المؤسسات الاستثمارية، وتمتلكه الحكومة النرويجية ويدار بمعايير القطاع الخاص، لا بمعايير الدولة.
ويدير أصولاً بقيمة 1.6 تريليون دولار، ويمتلك 1.5% من رأس المال المتداول في أكبر البورصات العالمية، وهو المكلف من قبل الدولة باستثمار عائدات إنتاج النفط والغاز في النرويج في الأصول المختلفة والأسهم وأدوات الدخل الثابت، مع مراعاة عدة معايير أبرزها الضمان وقلة المخاطر والعائد المناسب.
والصندوق لا يدار فقط طبقا لأسس استثمارية مالية بحتة، بل طبقا لأسس أخلاقية صارمة، ويعمل بموجب قواعد أخلاقية حددها البرلمان، وسحب على مدى سنوات استثماراته من 9 شركات، جميعها إسرائيلية، بسبب أنشطة لها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومجلس الصندوق الأخلاقي الذي يراجع أنشطته يحظر عليه الاستثمار في شركات تصنع منتجات تشمل الأسلحة النووية أو الألغام الأرضية أو التبغ أو القنب. ولا يستثمر الصندوق أمواله في شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد أو الأضرار البيئية.
وهناك نحو مائة شركة يستبعدها الصندوق من استثماراته بناء على توصيات مجلس الأخلاقيات. كما استبعد البنك المركزي النرويجي 84 شركة أخرى بشكل مباشر بسبب اعتمادها على الفحم، الوقود الأحفوري الأكثر تلويثا للبيئة، وبالتالي لا يقترب منها الصندوق.
لا يقف الأمر عند أرباح الصندوق النرويجي الضخمة، ولا أسلوب إدارته المحترف، بل في الشفافية المطلقة التي يتمتع بها.
فالصندوق يكشف بالتفصيل عن أمور جوهرية منها أسماء الشركات والأنشطة والقطاعات التي يستثمر بها والتي تتجاوز 9 آلاف شركة، وعائد الاستثمار على الأسهم خاصة قطاع التكنولوجيا الذي كان أحد مصادر أرباحه في الربع الأول من العام الجاري، أو استثماراته في أدوات الدخل الثابت مثل السندات والأذون والودائع، وخريطة الدول التي يستثمر بها.
مقابل ذلك، لا تكشف الصناديق السيادية العربية، بما فيها الخليجية، عادة عن أرباحها الفصلية وإيراداتها السنوية، بل تكشف فقط عن الرقم الكلي للأموال التي تديرها في الخارج، وأحيانا تكشف عن بعض الأنشطة التي تستثمر بها أموالها، والأصول التي بحوزتها، والصفقات الجديدة التي تستحوذ عليها.
لا يقف الأمر عند حدود الشفافية والإفصاح، فصندوق الثروة السيادي النرويجي لفت الأنظار في الفترة الأخيرة ليس بسب أرباحه المليارية، بل بسبب موقفه الواضح من الاستثمار في إسرائيل.
فعقب اندلاع الحرب على غزة أعلن الصندوق إعادة النظر باستثماراته داخل دولة الاحتلال، لحين التأكد من أن الأموال التي يستثمرها في الشركات الإسرائيلية، لا تذهب إلى المستوطنات المحتلة أو الشركات التي تعمل أو لها علاقة بالاستيطان في الضفة الغربية.
ونهاية شهر مارس الماضي أعلن الصندوق أيضا، أنه يعيد النظر في استثماراته في عدد من الشركات العالمية والإسرائيلية التي تزود تل أبيب بالسلاح المُستخدم في حربها على قطاع غزة، وأنه يحقق فيما إذا كانت شركات يملك أسهما فيها مخالفة لإرشاداته الخاصة بالاستثمار بسبب حرب غزة.
سبق هذا التطور قطع الصندوق النرويجي وفروعه العلاقات مع عدد من الشركات الإسرائيلية العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ووفقا لتقارير صدرت عام 2020، باع الصندوق استثماراته داخل دولة الاحتلال لشركتي عقار وإنشاءات إسرائيليتين.
كما أعلنت النرويج في عام 2014، أن صندوق التقاعد الحكومي لن يستثمر في شركتين إسرائيليتين لأنهما شاركتا في بناء مستوطنات في الضفة الغربية.