فاتورة باهظة التكاليف

21 ابريل 2015
الرئيس المعزول محمد مرسي يحيي مؤيديه في المحكمة (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

بأحكام الإعدام والسجن المؤبد وغيرها من العقوبات المغلظة والمتلاحقة، يسعى النظام الحالي في مصر إلى حصد مزيد من أوراق الضغط السياسية لاستخدامها في أية مصالحة وطنية محتملة قد يفرضها الواقع أو تفرضها أطراف عربية باتت فاعلة في المشهد الإقليمي، لكن يبقى السؤال الأهم هو: هل البلاد واقتصادها قادران على تحمل هذه الفاتورة باهظة التكاليف؟

وهل المواطن الفقير والموظف البسيط بات لديه القدرة على تحمل تكلفة المناورات السياسية التي يلعب بها النظام لضمان بقائه فترة أطول حتى ولو جاء ذلك على حساب المصلحة العامة للبلاد، أو على الأقل إزاحة فصيل سياسي مهم من المجتمع من المشهد؟

الإجابة بالطبع لا، لأن المواطن الفقير لم تعد لدية القدرة على تحمل مزيد من أعباء المعيشة والارتفاعات المستمرة في الأسعار، ولم يعد يحتمل عدم وجود بارقة أمل تشير إلى تحسن أوضاعه المعيشية في المستقبل القريب أو حتى المتوسط، فمعظم المؤشرات الاقتصادية في تراجع، ويكفي أن نقول إن أحدث أرقام رسمية كشفت عن أن قيمة الصادرات المصرية تراجعت في الربع الأول من العام الجاري ( يناير- مارس 2015) بنحو 10 مليارات جنيه وبما يعادل 1.3 مليار دولار، وهناك تراجع في إيرادات البلاد الأخرى من النقد الأجنبي مثل قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات الخارجية.

لن أتحدث هنا عن المشاكل اليومية للمواطن مثل انقطاعات الكهرباء وغلاء الأسعار وتأخر صرف السلع التموينية وأنبوبة البوتاجاز وزحام المرور والفساد والبطالة والمحسوبية في المصالح الحكومية، ولن أتطرق للتراجع الكبير في قيمة الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الرئيسية أو عودة المصريين العاملين من ليبيا بسبب الاضطرابات السياسية والقتال بين الفرقاء السياسيين هناك.

ولن أتحدث عن عدم استفادة الاقتصاد من أكثر من 30 مليار دولار مساعدات خليجية تم تحويلها لمصر في فترة ما بعد 3 يوليو 2013 دون أن نرى لها مردوداً على المواطن وأكله وشربه ومسكنه وعلاجه، أو حتى على مؤشرات الاقتصاد الكلي وزيادة الاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي وتحسين وضع سوق الصرف الأجنبي.

وبالطبع فإن مؤشرات الاقتصاد ستواصل التراجع إذا ما ظلت الأوضاع السياسية والأمنية على ما هو عليه، لأنه في ظل أحكام الإعدامات السياسية للمعارضين والتي لا يعرف أحد عددها حتى الآن لا نتوقع تحسناً في الاقتصاد.

وفي بلد يسجن فيها أول رئيس مدني منتخب من أكثر من 13 مليون مصري لا نتوقع أن تجذب مصر استثمارات خارجية هاربة حتى وإن زعمت حكومتها أن هناك 200 مليار دولار تعهد المستثمرين الأجانب والعرب بضخها خلال مؤتمر شرم الشيخ.

وفى ظل استمرار حالة الاحتقان السياسي والانقسام الخطير داخل المجتمع وإصرار النظام على إبادة معارضيه واستخدام كل الوسائل غير المشروعة ضدهم من قتل واعتقال واغتصاب لا يمكن أن نتحدث عن بيئة جاذبة للسياحة أو الاستثمارات سواء المحلية أو الخارجية، أو عن قوى عاملة تزيد الإنتاج وترفع قيمة الصادرات.


اقرأ أيضاً:
دراسة: الجيش هو المتحكّم الأوّل بالاقتصاد المصري

المساهمون