حسب آخر إحصائيات للجهاز المركزي للإحصاء، فإن عدد العمالة غير المنتظمة في مصر يقدر بنحو 2 مليون و65 ألف عامل، أما الأرقام غير الرسمية فتقول إن العدد أكبر من ذلك بكثير.
وهذه العمالة تعد شريحة مهمة في المجتمع إذ أنها مسؤولة عن ملايين الأسر خاصة في مناطق الصعيد والمحافظات النائية ومناطق العشوائيات، وليس لها دخل ثابت، وتعمل في قطاعات مثل الأسواق والباعة الجائلين والبناء والتشييد والمقاولات والسباكة وورش إصلاح السيارات والمهن الحرفية وقيادة سيارات الأجرة والتوك توك، وكذا أنشطة الزراعة والنقل والمواصلات والتجارة وغيرها.
بالطبع هذا العدد سيتضاعف مع التداعيات الخطيرة التي خلفها ذعر فيروس كورونا على الوضع الاقتصادي بشكل عام خاصة على قطاع السياحة الذي قد يستغني عن جزء من العمالة غير المنتظمة مع تراجع الإيرادات والسياح.
كما ستتضاعف أزمة هذه العمالة مع القرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية أمس الثلاثاء ومن أبرزها فرض حظر التجوّل من السابعة مساءً وحتى السادسة صباحاً، وإيقاف وسائل المواصلات العامة خلال فترة الحظر، وغلق جميع المراكز والمحال التجارية من الساعة الـ5 مساءً وحتى الـ6 صباحًا مع الغلق التام يومي الجمعة والسبت، والغلق التام للكافتيريات والمطاعم والنوادي الليلية، وما يمكن أن ترتبه هذه القرارات من أعباء جديدة على الأسرة المصرية وغلاء في الأسعار.
ورغم الوضع الحرج الذي تمر به العمالة غير المنتظمة، إلا أن الحكومة لم تعلن عن خطة عمل واضحة للتعامل مع هذا الملف المزمن، وكل ما خرج عنها حتى الآن هو إعلان المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تبحث عدداً من المقترحات والمبادرات لدعم العمالة غير المنتظمة المتضررة من تداعيات ظهور فيروس كورونا المستجد.
كما تراهن الحكومة، حسب المستشار الإعلامي، "على رجال الأعمال لدعم العمالة غير المنتظمة ومواجهة كورونا"، وهذا أمر مستبعد في ظل الأعباء الضخمة الأخرى التي سيتحملها أصحاب المصانع في ذلك التوقيت من تراجع المبيعات وغيرها، كما أن جزءا من هؤلاء لا يحمي أصلا العمالة المنتظمة، فما بالنا بالعمالة غير المنتظمة التي تستعين بها المصانع والمواقع الإنتاجية من وقت لأخر؟
أما البرلمان فسكت كالعادة عن مناقشة القضايا الجماهيرية التي تهم الناس ومنها ملف العمالة "السريحة" وغير المنتظمة، أو ربما لم تصله التعليمات بعد بشأن هذا الملف، وكل ما خرج عنه هو اقتراح عضو باللجنة الاقتصادية منح ألف جنية شهريا لكل عامل غير منتظم، وهو اقتراح لن يرى النور في ظل تأكيد حكومي مستمر على وجود عجز في الموازنة العامة.
هناك عدة اقتراحات يمكن أن تساهم في حل أزمة العمالة غير المنتظمة في هذا التوقيت، منها مثلا تخصيص أجر ثابت لهؤلاء، أو شريحة مقطوعة من المبلغ الضخم الذي أعلنت الحكومة عن رصده والبالغ 100 مليار جنيه
ومن بين الاقتراحات كذلك أن يتم توجيه جزء من مليارات الجنيهات التي يتم توفيرها من فاتورة استيراد البنزين والسولار والغاز وغيره من المشتقات البترولية والتي ستتراجع بشدة بسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية وفقدان السعر نحو 60% من قيمته خلال العام الجاري 2020.
حال العمالة السريحة وغير المنتظمة في مصر لا يختلف كثيراً عن حالهم في تونس والمغرب والجزائر والأردن والسودان وسورية واليمن والعراق وغيرها من البلدان العربية، فهناك تجاهل مستمر من قبل الحكومات المتعاقبة لهذه الشريحة الكبيرة والمهمة من المجتمع.