يتحرك ببطء نحو المقعد، أنّات خفيّة ترافق انحناءات جسده الهزيل أثناء الجلوس، ظهره منحنٍ وعصى خشبية محكومة في قبضة يده تحمل عنه الكثير، ولم يترك الزمان خطّا في ملامحه إلا وصبغ بصمته عليها.
قال عم محمد: "الزمان هدّني، وضاع عمري في الشغل، وفي النهاية لا أملك حتى قوت يومي، ولا معاشا يحميني إذا ما عصف بي المرض، ولا تأمينا صحيا أو اجتماعيا، وأستلف من بناتي عشرات الجنيهات، وأشعر بالخزي"، بهذا القدر من الأسى، حكا عم محمد، أحد العمال المؤقتين العاملين في أجهزة المدن الجديدة، ما آل إليه حاله.
"أعمل في قطاع أجهزة المدن الجديدة منذ حوالى 10 أعوام، وراتبي لم يكن ضخماً ولا حتى متواضعاً حتى أبكي على فقده، بل كان 196 جنيهاً، يصل بعد الخصومات إلى 173 جنيهاً فقط، فضلاً عن أجرة يومية تقدر بـ 35 جنيهاً تصل إلى 30 جنيهاً بعد خصم الضرائب وخلافه، تُدفع فقط عن أيام العمل الرسمية، أي أن إجمالي راتبي يقدر بـ953 جنيهاً، إذا عملت طوال الشهر، باستثناء أيام الجمعة"، يقول عم محمد.
"أجهزة المدن الجديدة"، تتبع هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان المصرية، وأحد أهم القطاعات التي يعمل فيها نسبة كبيرة من العمالة غير المنتظمة في مصر. وتنتشر المدن الجديدة في مصر في عدة محافظات ومدن، منها: الأقصر وأسوان وأسيوط والعبور والعاشر من رمضان والسادات وبرج العرب والنوبارية وبني سويف وبدر والمنيا وقنا والصالحية ودمياط الجديدة وسوهاج والشروق و6 أكتوبر والشيخ زايد وأخميم والفيوم وشمال خليج السويس.
ويعمل نحو 6 آلاف عامل في 26 جهازاً تابعاً للمدن العمرانية الجديدة، بنظام اليومية دون تثبيت، وقد نظموا عدداً من الوقفات الاحتجاجية أمام مجلس الوزراء المصري، وهيئة المجتمعات العمرانية وأجهزة المدن الجديدة، للمطالبة بتثبيتهم، إلا أن قوات الأمن المصرية تعاملت معهم بقوة وفضت عدداً من وقفاتهم، وألقت القبض على بعض منهم قبل إخلاء سبيلهم بعد أيام.
أزمة عمال المدن العمرانية ما هي إلا نموذج مصغر لأوضاع العمالة غير المنتظمة في مصر، التي لا توجد إحصائية رسمية أو غير رسمية تفيد بحجمها إلى الآن، عدا تصريح صحافي مقتضب لوزيرة القوى العاملة والهجرة المصرية، ناهد العشري، يشير إلى أنه تم إجراء حصر ميداني للعاملين الذين تم فصلهم منذ الثورة وحتى عام 2014، وبلغ عددهم ما يقرب من 15 ألف عامل في مختلف القطاعات.
المشهد العمالي المصري الراهن لا يختلف جوهره عن مشاهد عامي 2009 و2010، الاختلافات الشكلية تبدو فقط في أساليب البطش والتنكيل بالعمال، فالمدقق في طبيعة الشأن العمالي المصري، سيكتشف أن عقارب الساعة تعود إلى الوراء فيما بتعلق بحقوق العمال ومطالبهم التي كانت جزءاً لا يتجزأ من الثورة المصرية في 25 يناير 2011، لا سيما بعد تطبيق قانون رقم 107 لسنة 2013 والمعروف باسم "قانون منع التظاهر"، والذي أقره الرئيس المصري المؤقت والقاضي عدلي منصور، والمطعون بعدم دستوريته، الذي ينظم الإجراءات التصاعدية التي تتخذها الشرطة في مواجهة المتظاهرين.
وتشير التقارير الحقوقية إلى أن عام 2014، شهد 2274 احتجاجاً عمالياً، بحسب مركز المحروسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. أما العام الجاري، فقد بدا ساخناً وملتهباً بـ1353 احتجاجاً خلال الربع الأول من عام 2015، وذلك بحسب توثيق مؤشر الديمقراطية- منظمة مجتمع مدني مصرية.
أما على مستوى الحريات النقابية، فيعد عام 2014 "عام اغتيال الحريات النقابية"، والوصف هنا لدار الخدمات النقابية والعمالية- منظمة مجتمع مدني مصرية مختصة بالشأن العمالي- بشأن عام 2014، والذي أكد أن عام 2014 جاء محمّلاً بكل الآلام التي خلفها وراءه عام 2013، ذلك العام الذي سالت عبر أيامه دماء كثيرة... إلا أن عام 2014 شهد موتاً للسياسة، وأيضا عودة لتغليب الحل الأمني.
اقرأ أيضا: الحكومة المصريّة ترفض رفع أجور الموظفين
وتابع التقرير "مر عام 2014 وشهد كماً من الانتهاكات للحريات النقابية والحقوق العمالية غير مسبوق في تاريخ عمال مصر، سواء على مستوى الكمّ أو على مستوى الكيف.. فعلى مستوى الكم ارتفعت وتيرة المواجهات الأمنية للاحتجاجات العمالية والمطالبة بالحد الأدنى من الحقوق المشروعة: الحق في العمل، والحق في الأجر العادل، وغيرها من الحقوق الطبيعية، لتتحول إلى أداء شبه يومي، وترتفع وتيرة الملاحقات القضائية للقيادات العمالية المستقلة".
الأمر ذاته تحقق حتى على مستوى الشكليات، فغابت الاحتفالات بعيد العمال وسط العمال أنفسهم، وعادت الاحتفالات من جديد إلى أحضان الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الرسمي" الذراع العمالية للحزب الوطني المنحل ونظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، بعدما تلاشى وجود النقابات المستقلة عن المشهد العمالي، بعد الاستقالات الجماعية التي أطاحت بالاتحاد المصري للنقابات المستقلة، نتيجة تفرغ قياداته لمواءمة الأنظمة السياسية على حساب العمال، وبعد حملات التنكيل بقيادات العمال في اللجان والنقابات المستقلة، في ظل تواطؤ النظام الحالي وتباطئه في إصدار قانون للنقابات العمالية يضمن الحريات النقابية، بدلا من القانون الحالي رقم 12 لسنة 2003 والمعروف بـ"القانون سيئ السمعة".
حرب شرسة بين العمال والشركات
بحسب دار الخدمات النقابية والعمالية، فإن "شركات قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة، تشهد مخططات ممنهجة للتنكيل والتخلص من القادة العماليين في تلك الشركات، فترتفع وتيرة حرب شرسة من قبل رؤساء مجالس الإدارات في شركات قطاع الأعمال العام، ضد قيادات وممثلي العمال الذين قادوا حركات احتجاجية للمطالبة بإصلاح تلك الشركات، ومحاسبة المسؤولين عن تكبدها الخسائر والمطالبة بتطويرها، وإعادة الاعتبار لتلك الشركات التي كانت تقود مسيرة التنمية المصرية قبل بدء برنامج الخصخصة المشؤوم أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
وتزامنت عمليات التنكيل بالقيادات العمالية مع مخطط يقوده رؤساء مجالس إدارات الشركات القابضة التسع الممثلة للقطاع العام بلا استثناء. وهؤلاء الرؤساء ظلوا في مناصبهم منذ عشرات السنين، وكأنه لم تكن هناك ثورة قد قامت للإطاحة بكافة رموز النظام السابق، وكأنه لم تكن هناك دماء زكية قد سالت من أجل محاسبة الفسدة الذين باعوا شركات القطاع العام بأبخس الأثمان.
وتقع على عاتق رؤساء مجالس إدارات شركات القطاع الكبرى مسؤولية تحويلها إلى خرابات ينعق فيها البوم، من أجل خصخصتها والسمسرة في صفقات بيعها.
فالإضرابات العمالية مستمرة في كل بقاع مصر، رغماً عن قانون التظاهر. والمطالبات العمالية لا تتوقف رغم تهميش دور النقابات والاتحادات العمالية المستقلة. وفضح الفساد لا يكفّ عنه العمال وقياداتهم رغم الملاحقات الأمنية والتعسف ضدهم. بل إن عصى الأمن وطلقات الخرطوش لا تزال تلاحقهم أينما قرروا التظاهر. والاحتفالات بعيد العمال عادت داخل القاعات الفارهة في انتظار الهتاف البائس "المنحة يا ريس" الذي كان ينتظره الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ليعلن صرف منحة عيد العمال.. فماذا تغير من عام 2010 إلى عام 2015، بعد مضي أربعة أعوام على ثورة خرجت في الأساس تنادي "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".
إنه مشهد مأساوي حقيقي لواقع العمال في مصر الذين يطالبون بتحويل الشركات المصرية إلى ماكينة إنعاش اقتصادي تتوسع وتزيد من الفرص الوظيفية لملايين المصريين العاطلين عن العمل.
القوى العاملة في أرقام
تقدر القوى العاملة المصرية بنحو 27.622 مليون فرد وفقا لتقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وبلغت قوت العمل بين الذكور 21.166 مليون عامل، فيما بلغت بين الإناث 6.456 مليون عاملة.
وعن المشتغلين، فقد بلغ عددهم نحو 24 مليون مشتغل، من بينهم 19.1 مليون مشـتغل من الذكور، مقابل 4.9 مليون مشــتغلة من الإناث، بزيادة قدرها 68 آلف مشتغلة بنسبـة 1.4% عن الربع الثاني من 2014، وبزيادة قدرها 253 ألف مشتغلة بنسبة 5.5% عن الربع الثالث من العام الماضي.
وعن توزيع المشتغلين على الأنشطة الاقتصادية، والذي يعد من أهم مؤشرات لتوزيع هيكل العمالة على الأنشطة الاقتصادية المختلفة ومدى ملائمة هذا التوزيع مع معايير العمل اللائق ومردود على المستوى الاقتصادي للعاملين، فقد بلغ إجمالي عدد المنشآت الاقتصادية في مصر 2.41 مليون منشاة موزعة ما بين 824 تابعة للقطاع العام، 0.03% بينما بلغ عدد منشآت القطاع الخاص 2.4 مليون بنسبة 99.97% من إجمالي المنشآت الاقتصادية المصرية.
اقرأ أيضا: السيسي يحتفل بعيد العمال وسط تفاقم الاحتجاجات
قال عم محمد: "الزمان هدّني، وضاع عمري في الشغل، وفي النهاية لا أملك حتى قوت يومي، ولا معاشا يحميني إذا ما عصف بي المرض، ولا تأمينا صحيا أو اجتماعيا، وأستلف من بناتي عشرات الجنيهات، وأشعر بالخزي"، بهذا القدر من الأسى، حكا عم محمد، أحد العمال المؤقتين العاملين في أجهزة المدن الجديدة، ما آل إليه حاله.
"أعمل في قطاع أجهزة المدن الجديدة منذ حوالى 10 أعوام، وراتبي لم يكن ضخماً ولا حتى متواضعاً حتى أبكي على فقده، بل كان 196 جنيهاً، يصل بعد الخصومات إلى 173 جنيهاً فقط، فضلاً عن أجرة يومية تقدر بـ 35 جنيهاً تصل إلى 30 جنيهاً بعد خصم الضرائب وخلافه، تُدفع فقط عن أيام العمل الرسمية، أي أن إجمالي راتبي يقدر بـ953 جنيهاً، إذا عملت طوال الشهر، باستثناء أيام الجمعة"، يقول عم محمد.
"أجهزة المدن الجديدة"، تتبع هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان المصرية، وأحد أهم القطاعات التي يعمل فيها نسبة كبيرة من العمالة غير المنتظمة في مصر. وتنتشر المدن الجديدة في مصر في عدة محافظات ومدن، منها: الأقصر وأسوان وأسيوط والعبور والعاشر من رمضان والسادات وبرج العرب والنوبارية وبني سويف وبدر والمنيا وقنا والصالحية ودمياط الجديدة وسوهاج والشروق و6 أكتوبر والشيخ زايد وأخميم والفيوم وشمال خليج السويس.
ويعمل نحو 6 آلاف عامل في 26 جهازاً تابعاً للمدن العمرانية الجديدة، بنظام اليومية دون تثبيت، وقد نظموا عدداً من الوقفات الاحتجاجية أمام مجلس الوزراء المصري، وهيئة المجتمعات العمرانية وأجهزة المدن الجديدة، للمطالبة بتثبيتهم، إلا أن قوات الأمن المصرية تعاملت معهم بقوة وفضت عدداً من وقفاتهم، وألقت القبض على بعض منهم قبل إخلاء سبيلهم بعد أيام.
أزمة عمال المدن العمرانية ما هي إلا نموذج مصغر لأوضاع العمالة غير المنتظمة في مصر، التي لا توجد إحصائية رسمية أو غير رسمية تفيد بحجمها إلى الآن، عدا تصريح صحافي مقتضب لوزيرة القوى العاملة والهجرة المصرية، ناهد العشري، يشير إلى أنه تم إجراء حصر ميداني للعاملين الذين تم فصلهم منذ الثورة وحتى عام 2014، وبلغ عددهم ما يقرب من 15 ألف عامل في مختلف القطاعات.
المشهد العمالي المصري الراهن لا يختلف جوهره عن مشاهد عامي 2009 و2010، الاختلافات الشكلية تبدو فقط في أساليب البطش والتنكيل بالعمال، فالمدقق في طبيعة الشأن العمالي المصري، سيكتشف أن عقارب الساعة تعود إلى الوراء فيما بتعلق بحقوق العمال ومطالبهم التي كانت جزءاً لا يتجزأ من الثورة المصرية في 25 يناير 2011، لا سيما بعد تطبيق قانون رقم 107 لسنة 2013 والمعروف باسم "قانون منع التظاهر"، والذي أقره الرئيس المصري المؤقت والقاضي عدلي منصور، والمطعون بعدم دستوريته، الذي ينظم الإجراءات التصاعدية التي تتخذها الشرطة في مواجهة المتظاهرين.
وتشير التقارير الحقوقية إلى أن عام 2014، شهد 2274 احتجاجاً عمالياً، بحسب مركز المحروسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. أما العام الجاري، فقد بدا ساخناً وملتهباً بـ1353 احتجاجاً خلال الربع الأول من عام 2015، وذلك بحسب توثيق مؤشر الديمقراطية- منظمة مجتمع مدني مصرية.
أما على مستوى الحريات النقابية، فيعد عام 2014 "عام اغتيال الحريات النقابية"، والوصف هنا لدار الخدمات النقابية والعمالية- منظمة مجتمع مدني مصرية مختصة بالشأن العمالي- بشأن عام 2014، والذي أكد أن عام 2014 جاء محمّلاً بكل الآلام التي خلفها وراءه عام 2013، ذلك العام الذي سالت عبر أيامه دماء كثيرة... إلا أن عام 2014 شهد موتاً للسياسة، وأيضا عودة لتغليب الحل الأمني.
اقرأ أيضا: الحكومة المصريّة ترفض رفع أجور الموظفين
وتابع التقرير "مر عام 2014 وشهد كماً من الانتهاكات للحريات النقابية والحقوق العمالية غير مسبوق في تاريخ عمال مصر، سواء على مستوى الكمّ أو على مستوى الكيف.. فعلى مستوى الكم ارتفعت وتيرة المواجهات الأمنية للاحتجاجات العمالية والمطالبة بالحد الأدنى من الحقوق المشروعة: الحق في العمل، والحق في الأجر العادل، وغيرها من الحقوق الطبيعية، لتتحول إلى أداء شبه يومي، وترتفع وتيرة الملاحقات القضائية للقيادات العمالية المستقلة".
الأمر ذاته تحقق حتى على مستوى الشكليات، فغابت الاحتفالات بعيد العمال وسط العمال أنفسهم، وعادت الاحتفالات من جديد إلى أحضان الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الرسمي" الذراع العمالية للحزب الوطني المنحل ونظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، بعدما تلاشى وجود النقابات المستقلة عن المشهد العمالي، بعد الاستقالات الجماعية التي أطاحت بالاتحاد المصري للنقابات المستقلة، نتيجة تفرغ قياداته لمواءمة الأنظمة السياسية على حساب العمال، وبعد حملات التنكيل بقيادات العمال في اللجان والنقابات المستقلة، في ظل تواطؤ النظام الحالي وتباطئه في إصدار قانون للنقابات العمالية يضمن الحريات النقابية، بدلا من القانون الحالي رقم 12 لسنة 2003 والمعروف بـ"القانون سيئ السمعة".
حرب شرسة بين العمال والشركات
بحسب دار الخدمات النقابية والعمالية، فإن "شركات قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة، تشهد مخططات ممنهجة للتنكيل والتخلص من القادة العماليين في تلك الشركات، فترتفع وتيرة حرب شرسة من قبل رؤساء مجالس الإدارات في شركات قطاع الأعمال العام، ضد قيادات وممثلي العمال الذين قادوا حركات احتجاجية للمطالبة بإصلاح تلك الشركات، ومحاسبة المسؤولين عن تكبدها الخسائر والمطالبة بتطويرها، وإعادة الاعتبار لتلك الشركات التي كانت تقود مسيرة التنمية المصرية قبل بدء برنامج الخصخصة المشؤوم أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
وتزامنت عمليات التنكيل بالقيادات العمالية مع مخطط يقوده رؤساء مجالس إدارات الشركات القابضة التسع الممثلة للقطاع العام بلا استثناء. وهؤلاء الرؤساء ظلوا في مناصبهم منذ عشرات السنين، وكأنه لم تكن هناك ثورة قد قامت للإطاحة بكافة رموز النظام السابق، وكأنه لم تكن هناك دماء زكية قد سالت من أجل محاسبة الفسدة الذين باعوا شركات القطاع العام بأبخس الأثمان.
وتقع على عاتق رؤساء مجالس إدارات شركات القطاع الكبرى مسؤولية تحويلها إلى خرابات ينعق فيها البوم، من أجل خصخصتها والسمسرة في صفقات بيعها.
فالإضرابات العمالية مستمرة في كل بقاع مصر، رغماً عن قانون التظاهر. والمطالبات العمالية لا تتوقف رغم تهميش دور النقابات والاتحادات العمالية المستقلة. وفضح الفساد لا يكفّ عنه العمال وقياداتهم رغم الملاحقات الأمنية والتعسف ضدهم. بل إن عصى الأمن وطلقات الخرطوش لا تزال تلاحقهم أينما قرروا التظاهر. والاحتفالات بعيد العمال عادت داخل القاعات الفارهة في انتظار الهتاف البائس "المنحة يا ريس" الذي كان ينتظره الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ليعلن صرف منحة عيد العمال.. فماذا تغير من عام 2010 إلى عام 2015، بعد مضي أربعة أعوام على ثورة خرجت في الأساس تنادي "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".
إنه مشهد مأساوي حقيقي لواقع العمال في مصر الذين يطالبون بتحويل الشركات المصرية إلى ماكينة إنعاش اقتصادي تتوسع وتزيد من الفرص الوظيفية لملايين المصريين العاطلين عن العمل.
القوى العاملة في أرقام
تقدر القوى العاملة المصرية بنحو 27.622 مليون فرد وفقا لتقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وبلغت قوت العمل بين الذكور 21.166 مليون عامل، فيما بلغت بين الإناث 6.456 مليون عاملة.
وعن المشتغلين، فقد بلغ عددهم نحو 24 مليون مشتغل، من بينهم 19.1 مليون مشـتغل من الذكور، مقابل 4.9 مليون مشــتغلة من الإناث، بزيادة قدرها 68 آلف مشتغلة بنسبـة 1.4% عن الربع الثاني من 2014، وبزيادة قدرها 253 ألف مشتغلة بنسبة 5.5% عن الربع الثالث من العام الماضي.
وعن توزيع المشتغلين على الأنشطة الاقتصادية، والذي يعد من أهم مؤشرات لتوزيع هيكل العمالة على الأنشطة الاقتصادية المختلفة ومدى ملائمة هذا التوزيع مع معايير العمل اللائق ومردود على المستوى الاقتصادي للعاملين، فقد بلغ إجمالي عدد المنشآت الاقتصادية في مصر 2.41 مليون منشاة موزعة ما بين 824 تابعة للقطاع العام، 0.03% بينما بلغ عدد منشآت القطاع الخاص 2.4 مليون بنسبة 99.97% من إجمالي المنشآت الاقتصادية المصرية.
اقرأ أيضا: السيسي يحتفل بعيد العمال وسط تفاقم الاحتجاجات