أتمني الخير لمصر والمصريين، لأننا شعب طيب يستحق كل ما هو جيد، وأسعد عندما أرى البسمة تعلو وجوه الصغار قبل الكبار، وشخصياً أتمنى نجاح مشروع توسعة قناة السويس من حفر وتعميق وغيره، بشرط أن توجه أرباحه وإيراداته لإقامة مخابز ومصانع ومدارس ومستشفيات وطرق ومحطات تكرير مياه، بدلاً من إقامة السجون والمعتقلات.
وتزداد فرحتي إذا كان المشروع الجديد سيدخل الفرحة الحقيقية، لا المفتعلة والخادعة، على قلوب المصريين، وتؤول إيراداته إلى جيوب الفقراء البالغ عددهم أكثر من 35 مليون مواطن، ولا تؤول لتمويل حملات قمع المعارضة والمتظاهرين السلميين وملاحقة الطلاب والشباب، أو تؤول لتمويل اجراء زيادات جديدة فى رواتب القضاة والشرطة وغيرهم من الفئات المحظوظة.
وتزداد فرحتي أيضاً عندما يتحقق وعد الحكومة بتشغيل مليون مصري في المشروع الجديد الذي سيتم إطلاقه اليوم، الخميس، وسط احتفالات لم تشهدها البلاد من قبل، طبعاً أتشكك في هذه الوعود وبشكل قاطع، لأن العمالة المؤقتة التي كانت تعمل في التفريعة الجديدة وتوسعة القناة انتهى دورها وستعود مرة أخرى لطابور العاطلين، كما لا يوجد في سجل الحكومة ما يؤكد نفاذ وعودها.
من حق المصريين أن يفرحوا بعد أن أصبحوا من أتعس شعوب العالم وأكثرها حزناً، وأن يَسعدوا بمشروعات حقيقية لا استثمارات وهمية، مشروعات توفر لهم فرص عمل دائمة لأبنائهم، وتوفر حياة كريمة لملايين الشباب العاطل الجالس على الأرصفة ونواصي الطرق، مشروعات تحدّ من البطالة والفساد والقهر الاجتماعي وتحقق العدالة الاجتماعية وتعيد توزيع الثروة داخل المجتمع.
ولأنني أتمنى الخير بجد للمصريين، أتمنى أيضاً أن يخرج مشروع المليون وحدة سكنية، الذي صاحبته زفة إعلامية في النصف الأول من عام 2014، إلى النور، وأن تخرج شركة "أرابتيك" الإماراتية من كبوتها لتنفذ المشروع السكني "الوهمي" العملاق الذي وعدت به قبل ما يقرب من عام ونصف، وأن تنجح مشاريع وهمية أخرى من عينة العاصمة الإدارية الجديدة، وجهاز الكفتة ومشروعات مؤتمر شرم الشيخ وغيرها.
مصر في حاجة إلى من يُدخل الفرحة الحقيقية إلى القلوب الحزانى، مصر ستفرح بجدّ عندما يتم الإفراج عن أكثر من 40 ألف معتقل من بينهم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وستفرح عندما يتحمّل الجميع، لا الفقراء فقط، فاتورة الإصلاح الاقتصادي ورفع الدعم، وأن تزيد الحكومة الضرائب على الأغنياء أيضاً، لا على الفقراء وموظفي الحكومة وحدهم.
مصر ستفرح عندما لا تبيع الحكومة الوهم والخداع والفقر والمرض والجهل لأبنائها الطيبين، ستفرح عندما يكون لدينا حكومة ليس همها الأول زيادة الأسعار ورفع الدعم والتنكيل بالفقراء والمحتاجين، أو الإعلان عن مشروعات وهمية، أو ترى أن الاعتماد على المساعدات والمنح الخارجية، وليس على الذات والإمكانيات المحلية، هو المنقذ لأوجاع الاقتصاد المزمنة.
مصر ستفرح بجد عندما تعرف مصير 60 مليار جنيه تلقتها من الإمارات خلال العامين الماضيين في شكل مساعدات ومنح، وأن تعرف أين تم إنفاق 50 مليار دولار، قيمة مساعدات خليجية وصلت البلاد عقب 3 يوليو/ تموز 2013، ما بين نقدي تجاوز 36 مليار دولار، وعيني في شكل مشتقات بترولية من بنزين وسولار وغاز ومستشفيات ميدانية وبطاطين وغيرها.
مصر ستفرح عندما ترتاح أم الشهيد، وتعرف الأم المكلومة أن القانون أخذ بحق ابنها الشهيد، وأنه تمت محاسبة القتلة على جريمة حرق فلذة كبدها في ميادين رابعة والنهضة ورمسيس والجيزة، أو شويهم في سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل.
مصر ستفرح عندما تجد الأم ضناها الطالب في المرحلة الإعدادية وقد ضمّته بين أحضانها، بدلاً من أن يضمه السجن وغياهب الظلمات ولا تعرف في أي ركن مظلم نام الليلة.
مصر ستفرح عندما تودّع الاستبداد والظلم والقهر وانتهاك حقوق الإنسان والاعتقالات العشوائية وقمع الحريات والتضييق على الصحافيين وأصحاب الرأي.
مصر ستفرح عندما يشعر كل مصري بأن هذه بلده يشارك في صنع مستقبلها، لا أن يشارك أحد نيابة عنه، أو أن يختار له أحد رئيسه وبرلمانه ودستوره.
ومبروك مشروع قناة السويس الجديد، وفي انتظار تدفق مليارات الدولارات على مصر.
وأتمنى من الله ألا تلحق مليارات المشروع الجديد بمليارات مؤتمر شرم الشيخ، فقد شبعنا من المليارات الوهمية والوعود الكاذبة.
اقرأ أيضاً: حكومة السيسي تُهدي ضيوف "السويس" 22.5 ألف عملة ذهبية