احتفالات المدائح النبوية... طقس ليالي غزة الرمضانية
تعلو أصوات الأناشيد والابتهالات والمدائح النبوية في ساعات المساء، مع اقتراب لحظات الإفطار وبعد صلاة التراويح، في طقس رمضاني بات له حضور في الليالي الرمضانية في قِطاع غزة. ويتجمع الناس مع بدء احتفالات الابتهالات النبوية التي تُقَدِمها فِرق بطابع إسلامي، وسط أجواء روحانية، تُكمل بهاء المشهد الرمضاني.
وعلى الرغم من وجود احتفالات الابتهالات، في الأفراح وبعض المُناسبات المُجتمعية في غزة خلال العام، فإنها تحمل نكهة خاصة مع حلول شهر رمضان الذي تتزايد فيه بشكل ملحوظ، وتنظم داخل المساجد، وفي البيوت والأماكن العامة، كذلك في الإفطارات الرمضانية الجَماعية. ويسود التركيز مع عبارات المديح والابتهالات، المُتناغِمة مع أصوات الطبول، والآلات الحديثة المُستخدمة بالتزامن مع الأصوات الندِية للمُنشدين، وتعطي انطباعاً دينياً، ويزيد ذلك الانطباع مع دخول شهر الصوم، وسط أجواء اجتماعية توزع خلالها الحلويات والقهوة والعصائر.
تنظم الاحتفالات الخاصة بالمديح النبوي، قُبيل لحظات الإفطار، ويستمع إليها الصائمون وسط أجواء رمضانية، وكذلك في ساعات المساء بعد انتهاء صلاة التراويح، فيما يتزين مكان تنظيم تلك الأمسيات بالأضواء، والستائِر التُراثية، والزينة المُتناسِبة مع الاحتفال. ومن أبرز الأناشيد والمدائح النبوية خلال الاحتفالات: "قمر سيدنا النبي قمر"، و"صلى الله على محمد"، و"طلع البدر علينا"، و"ع النبي صلوا عليه"، و"المسك فاح"، و"بحبك وبأريدك"، و"أنا ضيفك يا رسول الله"، و"ودوني الكعبة ودوني"، و"يا طيبة".
وازداد توجه الفلسطينيين في قِطاع غزة نحو تنظيم الاحتفالات ذات الطابع الديني، ومن أبرزها احتفالات المدائح والابتهالات، بالتزامن مع تزايد عدد الفِرق المُختصة بهذا المجال التي تشهد تنافساً إيجابياً لتطوير المضمون،والارتقاء بالأداء.
ويقول المُنشد الفلسطيني محمد عبد السلام، القائم على فرقة "الفن الأصيل" الخاصة بالمدائح النبوية، إن فكرة احتفالات المديح النبوي قائمة منذ قديم الزمان، وقد اعتاد الأجداد على تنظيمها، وعلى الرُغم من تراجعها خلال العقدين الأخيرين، فإنها عادت للمشهد وبقوة. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنه احتفالات المديح النبوي تنظم في العديد من المُناسبات الاجتماعية والدينية، وأبرزها المولد النبوي، والإسراء والمعراج، ورجوع الأشخاص من الحج، وحلول العام الهجري، وتتميز كُل مُناسبة بأناشيد خاصة، فيما تتزين احتفالات الابتهالات في شهر رمضان بأناشيد معينة، ومن أبرزها "رمضان تجلى وابتسم"، و"رمضان كبير شهر عظيم"، و"رمضان جانا بالخير أتانا"، و"وحوي يا وحوي".
أما شقيقه المُنشِد محمود عبد السلام، فيقول لـ"العربي الجديد" إن الفريق يطوف كل مناطق غزة خلال الأيام والليالي الرمضانية، لتنظيم احتفالات المديح.
ويتميز أفراد الفرق الخاصة بالابتهالات والمدائح النبوية بارتداء الطربوش الشامي، والسترات المُطرزة الجمي، فيما تعتمد الفرق في عملها بشكل أساسي على آلة الرِق، وآلة الباركشن، والكاتل.
ويوضح المُنشِد الفلسطيني أيوب أبو جياب أن تقديم المدائح النبوية يتم في المناسبات الاجتماعية المُختلفة، وفي مُقدمتها الأفراح التي يرغب أصحابها بتقديم محتوى ديني بقالب فني. أما عن ميزة احتفالات المدائح والابتهالات الدينية في شهر رمضان، فيُبين أبو جياب في حديث إلى "العربي الجديد" أنها تُعطي رونقاً خاصاً لشعائر شهر الصوم، سواء خلال النهار أو في الأمسيات الرمضانية، إذ توسَم بطابع جمالي، خصوصاً عندما يتناغم صوت الفرقة وألحانها، مع الزينة الخاصة بالطقوس الرمضانية التقليدية. ويُشير إلى أن "احتفالات الابتهالات الليلية تُساهِم في الترويح عن النفس، ولكن بطريقة إيجابية، إذ تُغني الناس عن اللهو بالمُسلسلات الرمضانية، والالتفات إلى الذِكر، والأجواء الإيمانية".
ويقول المُنشِد ضياء الغرباوي، وهو عضو في فرقة "المدائح والابتهالات النبوية" المكونة من 12 مُنشِداً وضابط إيقاع، إن الاحتفالات تتم وسط أجواء إيمانية، وتسبقها التحضيرات الخاصة بتجهيز المكان، والتأكد من جهاز الصوت. ويُبين الغرباوي لـ"العربي الجديد" أن الطلب على تنظيم الاحتفالات يتزايد في الأيام والليالي الرمضانية، فيما يقوم الفريق بتقسيم الأدوار، حيث يتميز كُل شخص بخامة صوت مُختلفة، وخبرة وأداء يختلفان عن الآخر.