"الهرشة السابعة"... زواج وطلاق وآباء وأبناء
تمنح الواقعية مسلسل "الهرشة السابعة" بطاقة العبور، ليتصدر قائمة الأكثر تداولاً على "تويتر"، ويحضر في القائمة منذ بدء عرضه، ويحافظ على رواجه على "فيسبوك". قدمت ورشة سرد بقيادة الكاتبة مريم نعوم عملاً اجتماعياً بسيطاً للموسم الرمضاني، يتناول الحياة الزوجية من دون مبالغة، فلا مكان في العمل للخيانة والضرب والصراخ، بل يظهر الزواج كرحلة فيها تحديات حياتية وصعوبات اقتصادية.
مع عرض الحلقة الأولى، اكتسب المسلسل شعبية واسعة من فرط بساطته. فالمسلسل عادي، وحواراته بعيدة عن النخبوية، إلى جانب ضبط المخرج كريم الشناوي لإيقاع العمل، فلا مبالغة في الأداء.
يتناول العمل الزواج من خلال علاقة نادين (أمينة خليل) بزوجها آدم (محمد شاهين)، لنشاهد الحميمية من دون ابتذال، من خلال ابتسامة نادين في السرير، أو حديث جرى بينهما عن ملمس الدانتيل، بعيداً عن كليشيهات الريش الأحمر والحديث بفجاجة عن ليلة الزفاف.
يتنقل العمل بخفة لنتابع تطورات حياة الثنائي على مرّ الأشهر ثم السنوات، بدايةً بحمل غير متوقع وفقدانه، وصعوبات اقتصادية بعد خسارة آدم عمله، لتعمل زوجته وحدها حتى تكتشف حملها بتوأمين، لتعيش بعدها ضغوطاً نفسية وجسدية إثر ممارسة الأمومة، مع انشغال آدم في عمله وتطويره والبحث عن مصادر دخل إضافية.
كعادة مريم نعوم، تدافع عن حق المرأة في تقرير مصيرها من خلال أعمالها، وكان هذا واضحاً ومباشراً في مسلسل "ليه لأ" الذي يبدأ موسمه الأول بهروب عليا (أمينة خليل) من زفافها، ويرصد رحلة استقلاليتها وبحثها عن مسكنها الخاص المستقل، متمردة على العادات والتقاليد.
هذه المرة يدافع المسلسل عن حق المرأة بالراحة وعدم التحدي. تُناقَش المساكنة من زاوية جديدة، من خلال سلمى (أسماء جلال) التي ترفض عرض حبيبها شريف (علي قاسم) في العيش معاً قبل الزواج، من منطلق حق المرأة في رفض القرار بحثاً عن علاقة آمنة، لا تحتاج فيها لتقديم تبريرات للمجتمع.
يخوض المسلسل في المنطقة الإنسانية الشائكة، ليطرح تساؤلات عن تكوين الأسرة، وتفككها، ويدعم الحكاية بالخطوط المتناقضة.
يتزامن زواج نادين مع قرار والدتها هناء (عايدة رياض) الانفصال عن زوجها إبراهيم (محمد محمود) بعد زواج دام ثلاثين عاماً، ليحصل الطلاق في أكثر المشاهد رومانسية، فالحب موجود، لكنه غير كافٍ لاستمرار العلاقة. فيما يقابل زواج سلمى وشريف، التعمق في حكاية كل من والديهما المنفصلين.
شريف الذي يحافظ والده بعلاقة طيبة مع والدته، وسلمى التي عاشت مع جدتها بعد انفصال والديها.
يسلط العمل الضوء على تأثير الانفصال في الأبناء من خلال شخصية سلمى، التي تتحدث عن برّ الوالدين، فيما لا يوجد ما يُسمى برّ الأبناء، الذي يقابله المجتمع بالجحود والعقوق إذا طلب من الأهل مبادلة البرّ. هكذا، تتفاقم آثار الانفصال وتظهر جلية بعد زواجها بشريف، الذي يشجعها على استشارة اختصاصية نفسية.
واحدة من أبرز إيجابيات العمل الحيادية؛ فهو ليس عملاً بطولياً عن شهامة الرجل، ولا يقدم صناع المسلسل العمل كسردية نسوية. تسود ثيمة الوعي على جميع الأبطال، ونجد شخوص العمل جميعها بعيدة عن المثالية، لكل شخصية إيجابياتها وسلبياتها، ومع ذلك أثارت الجدل شخصية آدم على مواقع التواصل الاجتماعي، فمن المستهجن وجود رجل كآدم على شاشات التلفاز العربية، خصوصاً في السباق الرمضاني. رجل طبيعي يعتذر إذا أخطأ، ويطبطب على زوجته، ولا يلومها، ويشجعها على العمل. فيما يُتجاهَل دوره المحدود في الاهتمام بالأطفال الذي لا يظهر إلّا بعد توسلات زوجته وغضبها، فالرعاية دور أمومي صرف لا تكفي الإشارة إليها من خلال مشهد تغفو فيه نادين في صالون التجميل، على كرسي غسل الشعر.
يُقحم التسلسل الزمني لترتيب الأحداث المُشاهد في الحكاية، وهو يرصد تطورات حياة الأبطال، وتحول العلاقة الزوجية من شكل إلى آخر، ما جعل بعضهم متورطاً في القصة، مقارناً تشابهها بواقعهم، فيما حفزت عند آخرين مخاوفهم من العلاقات والزواج والإنجاب.